د. فضل الصباحي
ذكرت في مقال سابق نشر في رأي اليوم فيه تفاصيل كثيرة عن ثروات اليمن، وتخوف المجتمع الدولي من وجود عشرات الآلاف من المقاتلين المتواجدين في مأرب والجوف، معظمهم ينتمون إلى حزب الإصلاح ولاءاتهم للحزب والقبيلة وليس للدولة، في نظر المجتمع الدولي وجود مثل هذه التشكيلات المسلحة قد يشكل خطرًا على المنطقة بأكملها، وهذا يأخذنا إلى ماذكره السياسي السعودي أنور عشقي عن النقاط العشر من أجل تحقيق السلام ومنها “بأن في الربع الخالي حقل نفطي واعد سوف يلزم دول مجلس التعاون الخليجي، واليمن بالتوحد لحمايته، وحماية مكتسباته، وهذا الإتحاد يجب أن يكون على شاكلة الدستور الأمريكي الذي وحد أمريكا ومنحها الديمقراطية “.
الأحداث تتسارع في اليمن بعد الجوف أصبح جيش صنعاء على تخوم مدينة مأرب ودخولها يخضع لعدة عوامل سياسية وإنسانية وفي إنتظار القرار السياسي من صنعاء بعد التفاهمات مع معظم قبائل مأرب!
يقول المحلل العسكري الأمريكي هانز بيننديك:”أنه في حال قرر الحوثيون التقدم صوب مأرب (وهو ما أصبح واردًا الى حد بعيد) فإن حتمية سقوط المحافظة الصحراوية محسومة سلفًا، نظرًا لهشاشة مناعتها الدفاعية، وفقًا للاعتبارات الجيوعسكرية، وهو ما يدركه الطرفان جيدًا، خصوصًا الحوثيين، الذين يستعدون جيدًا لهذه المنازلة التي من شأنها أن تغير مسار الحرب كلياً”.
الشعب اليمني: أصبح ينظر إلى حكومة صنعاء بنوع من الثقة بعد أن أحكمت سيطرتها على كافة المحافظات في شمال اليمن، وأنها في نظر الكثيرين تحولت إلى نظام شرعي قائم بكامل مؤسساته، استطاعة تحقيق الآمن، وتطبيق القانون والنظام على الجميع، تحاسب الفاسدين أينما كان موقعهم حكومة تدير موسسات الدولة في ظروف صعبة بالتعاون مع المجتمع اليمني الذي تربى على القيم الإسلامية الأصيلة!
الجوف ومأرب اخر محافظتين يسيطر عليهما جيش صنعاء يوجد فيهما أكبر احتياطي نفطي في العالم يصل إلى 34% من الإحتياطي العالمي بالإضافة إلى الغاز والكثير من الثروات المخبوءة في أرض الجنتين، هذا الإنتصار الكبير لحكومة صنعاء يعد نتاج طبيعي بعد حرب خمس سنوات ظهر فيها من يريد بناء دولة ومن يسعى خلف مكاسب مالية على حساب الوطن والشعب، حكومة صنعاء تحملت أعباء الحرب والسير نحوا بناء مؤسسات الدولة بأقل الإمكانات المتوفرة، بينما حكومة هادي التي تملك الموارد النفطية والغاز والمساعدات الدولية والميزانية الكبيرة من السعودية هذه الحكومة غير موجودة على الأرض لا في شمال اليمن ولا حتى في الجنوب سوا بعض المعسكرات المتناثرة في بعض المناطق، والتي تم تجميعها على أساس قبلي ومناطقي، معظمه يدين بالولاء لقيادات دينية، وقبلية، وعسكرية فاسدة لم تتربى في المؤسسة العسكرية، ولا تعرف معنى الوطن، وعندما توقفت المخصصات المالية ذابت واختفىت تلك المجاميع مكتفيةً بما تم تجميعه خلال السنوات الخمس الماضية.
انتصار حكومة صنعاء مهدت له الظروف والحقائق على أرض الواقع قبائل الجوف، ومأرب قبائل عربية أصيلة أدركت بأن حكومة هادي مغموسة في بحر الفساد، لا يهمها سوا المخصصات المالية وإستلام مرتبات نصف مليون جندي موجودين في الكشوفات فقط، وعشرات الآلاف الموجودين على الأرض محرومين من رواتبهم لعدت أشهر.
يقول الخبراء في السياسة:”بأن هادي وحكومته الفاسدة أصبحوا عبئاً ثقيلاً على السعودية التي تريد نهاية لهذه الحرب، والتعامل مع دولة على حدودها وليس مليشيات منفلتة، غير قادرة على تحقيق أي شي على الأرض” هذا هوا التوجه الجديد من أجل وقف الإستنزاف المالي لهذه الحرب والذهاب إلى تسوية سياسية تشمل الجميع حيث تكون حكومة صنعاء، والمجلس الأنتقالي الجنوبي هما الطرفان الأقوى، والضامن لبقاء مصالح الدول الإقليمية والدولية، وبقية القوى السياسية سوف تشارك في الحكومة بنسب متفاوتة.
الخلاصة..
أفرزت هذه الحرب قوى جديدة في الساحة اليمنية الحوثيون الذين يحكمون سيطرتهم على شمال اليمن، والمجلس الإنتقالي الجنوبي الذي يسيطر على معظم محافظات الجنوب اليمني؛ فهل تدرك القوى الجديدة حجم المسؤولية الكبيرة وهي المحافظة على اليمن، وإخرجه إلى بر الأمان، ويحفظان للمواطن اليمني حياته وكرامته وكافة حقوقه التي يكفلها القانون والدستور بحيث يتعاون الجميع بمسؤولية وطنية خالصة من أجل تطوير اليمن ونهضته، وتقدمه.
الموضوع ليس سهلاً كما يتصور البعض اليمن يقف في مواجهة العالم هل يستطيع تجاوز الأمواج المرعبة، ويصل إلى بر الأمان قادراً على حماية الأرض، والجغرافيا والتاريخ، ويحافظ على ثروات الأجيال القادمة، يبني علاقته مع الأخرين وفق الواقع الجديد تحترم فيه السيادة، والقرار السياسي، والإقتصادي، ويحدد فيه المصالح والعلاقة مع الدول الإقليمية والدولية؛ وفق المصالح المتبادلة، وليس التبعية التي أوقفت حركت التقدم، والتنمية والتطوير في شمال اليمن وجنوبه لعقود من الزمن (التاريخ يراقب الجميع وغداً لناظره قريب)…
كاتب يمني