دكتورة ميساء المصري
الى السفير الأمريكي في “إسرائيل” ديفيد فريدمان…تحية الحرية …. ثم بعد.
في بداية قولنا نحن العرب نبدأ بسم الله ، حتى تكون حفظ وبركة من أي شر, وبما أنني أتكلم بعروبتي هنا , فيجب التنويه أننا نحن العرب في كينونتنا وبدوافع أيديولوجية لصدق نضالنا ، والدفاع عن أوطاننا ومقدساتنا فيها، نعتبر أنفسنا طالِبوا شهادة ، ونؤمن أنها تتحقق لمن يدافع عن دينه وعرضه وماله وأرضه والسيادة عليها وعلى ما تملكها هذه الأرض. ولا أضع هنا نفسي في مقاربتكم الأمريكية حول المقاومة وتصنيفاتها ومسمياتها . بل أتحدث عن دفاع مشروع , تتيحه لي كافة الديانات السماوية والقوانين الدولية, كما تشرعه لجنودكم الأمريكيين على الأرض العربية كافة رغم أننا كشعوب نتفق على أنه إستعمار,وأنتم كقادة تجملونه ببند الحماية أوالدفاع عن الأمن القومي لدولتكم العظمى .
أيها السفير ..تابع الشعب الأردني بغضب تصريحاتك المتطرفة . نعم المتطرفة رغم إختلاف المفاهيم فيما بيننا نحن العرب , وأنتم ساسة وشعب أمريكا , وكذلك الكيان الإسرائيلي الذي تصرح من أجله ومن داخله , فتطرفكم غير تطرفنا , ولم يتحدث أحد عن تطرف مسيحي، أو يهودي، أو بوذي، أو هندوسي، لكنكم جاهزون للحديث عن تطرف إسلامي .رغم أنه في أمريكيا وحدها 127 جماعة متطرفة ، و تطرفكم أخطر من تطرفنا فهو للسيطرة ونبذ وتدمير ونهب خيرات الشعوب.
وفي غياب تام لأية عقلانية , إعتبرتم وحدة الضفتين بين عامي 1948 و1967 “إحتلال ” وإن الأردن إحتل الضفة الغربية 19 عاما، وأيضا هنا نختلف بمعنى مفهوم الإحتلال وما تعنيه الحروب وفي مقدمتها الحرب التي أنشأت الكيان الإسرائيلي من لا شيء، لا حق تاريخيا ولا مبرر من أي نوع، بل سطو مسلح صريح بلطجي على وطن الغير وهدم 600 قرية فلسطينية , وربما إنك لا تدرك أن الشعوب العربية ليست كاحكامها , فالشعوب تدعو إلى الدفاع عن فلسطين ككل دولة وقضية وشعب، وتتلهف لفتح الحدود فإخفاء الحقائق أو إنتقاؤها لا يخدم أحدا ! وستعجزعن تفسير العلاقة الأردنية الفلسطينية ، الحروب العربية الإسرائيلية، موجات اللاجئين، بروز منظمة التحرير الفلسطينية، مؤتمر الرباط، قرار فك الإرتباط ، من نابلس والخليل حتى عمان فأن الاردن وفلسطين شعب واحد وبقاء واحد.
وإحتلال إسرائيل الضفة الغربية.هو استمرار لإحتلال الصهيونية الواقع منذ سبعين عاما بدءًا ببنك روثتشايلد الذي أقام الصهيونية وجرائمكم , حتى وقتنا هذا الذي تزداد فيه عنجهيتكم مع ما إقترف أعوانكم في العالم الثالث، والعربي المسلم بالذات الذي تسمونه بالحليف المعتدل . لتمثلوا حالة عنصرية من أسوأ ما في تاريخ العالم الحديث.
أيها السفير …واضح موقفكم المعلن الذي يمثل إنحيازا كاملا إلى مواقف اليمين الصهيوني المتطرف، الذي ينكر وجود الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية المشروعة، المستندة على القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية . رغم ان الداخل الأمريكي وفقا لإحصائيات مصدقة تثبت أن طلاب الجامعات باتوا أكثر وعيا من رجال الساسة بما ترتكبه الصهيونية من جرائم بحق أطفال العرب في فلسطين وسوريا واليمن والعراق وليبيا وغيرها من الدول .
أما تأييدكم لتصريحات نتن ياهو بضم غورالأردن وشمال البحر الميت للسيادة الإسرائيلية، و بأن فلسطين هي “يهودا والسامرا” وإنها أرض لليهود فقط وينبغي أن يقر العالم بذلك وبشرعية المستوطنات فهو يسمى بعرف قانونكم الدولي (جريمة حرب) وجرائم إحتلال بالقوة والترحيل القسري للسكان، وصولاً للقتل خارج القانون . و بذلك نختلف أيضا بالمسميات بين إستخدام تعبير “الضفة الغربية”، والتعبير التوراتي “يهودا والسامرة”، والتي تشمل مدن عدة ذات بعد تاريخي وديني للعرب، مثل مدينة الخليل وبيت ايل وطول كرم وجنين وغيرها .
وهنا أيها السفير نذكركم بالتاريخ فهو نتائج وأسباب , جرائمكم بحق الأميركيين الأصليين او الهنود الحمر أو الشعوب الأولى.. رغم ما يسمى بـالسيادة القبلية المسنونة بالدستور الأمريكي إلا أنها ليست سيادة كاملة بل منقوصة ..ففي عام 1838 أجبر الجيش الأميركي الهنود الحمرعلى الرحيل إلى غرب النهر. وقد تم تهجير نحو100 ألفا من الهنود الأميركيين من أراضي أجدادهم فيما يطلق عليه بدرب الدموع ، وقد مات أكثر من 15 ألفا منهم جراء الجوع والبرد والمرض .
على مدى سنوات طويلة بين الهنود الحمر السكان الأصليين لأمريكا وبين المستعمرون الأوربيون، إرتكبتم نزاعات مسلحة ذهب ضحيتها الآلاف من الهنود، تماما كما هي حربكم وخططكم ضد العرب , تهجير وسلب أراضي و قتل وتعذيب وتجويع وجرائم ضد الإنسانية، والخسائر بهدم البنى التحتية وسرقة آثارهم وسرقة ثرواتهم الطبيعية وفي مقدمتها النفط..
وأعود الى خانة الترويج لـ “صفقة القرن” التي يرفضها الشعب الأردني والفلسطيني والعربي جملةً وتفصيلاً، أن هكذا صفقة لا يمكن قراءتها في أي سياق سياسي، و تظهر حقيقة أن كل ما جرى ويجري هو ضمن علاقة الغرب المستعمر ببقية الشرق الأوسط انه السلام بالقوة . و دعم رئاستكم لإسرائيل ، مما يدل على سطوة الصهيونية الدولية، أي أن إسرائيل ليست قاعدة أمريكية، بل للصهيونية قاعدة في أمريكا.
نعلم جيدا ان الشعوب العربية هي مجرد وقود لمصالحكم الاستعمارية . وهو أمر إعترفت به مادلين أولبرايت في لقاء لها مع طلاب جامعة أمريكية حول سؤال: هل تساوي مصالح أمريكا في حصار العراق موت مليون طفل عراقي؟ فأجابت ب «نعم» صريحة..مما يعني أننا معادلة صفرية في حساباتكم .لكنها معادلة لن يطول خمولها . فكل الخلافات والاختلافات بين الشعوب العربية ستزول.. لخوض معركة البقاء للأمة.
أيها السفير …قد تقوم بواجبك الديبلوماسي في هذه البقعة المكانية والزمانية كأداة سياسية خاصة مع السعيرالإنتخابي لترامب والنتن ياهو, وفي ظل غضب غالبية يهود أمريكا من الطرفين ، ربما يدل على أن ترامب قد يفقد أي دعم محتمل له. خاصة وان الإيباك هو العنصر المؤثر في القرارات الأمريكية عبر إيصال عملائهم لمناصب منتخبة بدعم مالي أو لوجستي وبالأصوات الناخبة.وندرك انك ناقل لرسالة تطرح كل الاحتمالات على الطاولة .
ايها السفير …خذوا اتفاقياتكم ..وسلامكم الوهمي من عربة حتى أوسلو حتى الواق واق إليكم تطبيعكم المفضوح .. و مع كل تجاوزاتكم الصوتية على مدى التاريخ أصبح صوتكم نشاز . واليوم لا يحق لكم التطاول على بلادنا او تهديد هويتنا وتاريخنا لا بل تهديد سيادتنا أيضاً.
فالشعوب العربية كافة تدرك أننا أمام كم كبيرمن التحريفات والأكاذيب المتناقضة تزعم زورا أحقية الصهاينة ليس في فلسطين بل وفي الأردن والسعودية واليمن ومصروالعراق وسوريا ولبنان وحتى دول المغرب العربي في ليبيا وتونس تحاول بث سمومها ، ولن يفلحون .
أيها السفير.. يقال في المثل العربي… الكذب ملح الرجال.. وهو مثل غير موفق , ولكنه متداول على ألسنة الفاشلين.. والعيب على من يصدق، أو يفرغ رأسه ويلغي عقله، بل ويغمض عينيه ويحني ظهره لكل قمعي محتل ومستبد!
كاتبة اردنية