لا يخفى على أحد أن الرئيس عزيز دأب على اللعب على عقول بعض الناس بوعوده التي لا تعدو كونها صيحة في واد، ونفخ في رماد، وضرب في حديد بارد، وعود توخى من خلالها كسب ود المواطن المطحون المغلوب على أمره. ويرافق تلك الوعود ذكر وابل من الإنجازات التي يدعي أنها تحققت وما كان لها أن تتحقق لولا سيادته وقيادته الرشيدة الصالحة المصلحة المحاربة للفساد المستأصلة لجذوره!!!
لقد وعد ولد عبد العزيز المواطنين بتحسين ظروفهم، ومن بين تلك الوعود ما أكده في حملته الانتخابية الأخيرة، وما قبل الأخيرة من أن أزمة الماء والكهرباء ستصبح في مأموريته جزءا من الماضي، فضلا عن نيته إنشاء مصانع الألبان واللحوم، إلى غير ذلك من الوعود التي لم تجد النور حتى اليوم.
ورغم اكتشافنا لزيف تلك الوعود، وأنها ما هي إلا مواعيد عرقوب، (وأعتذر لعرقوب عن التشبيه) ترى بعضهم يقتنع بها ويطبل لها كما طبل لها عزيز وزبانيته، فسياسة عزيز سياسة مبنية على الولاء وانتقاء المفسدين لتنفيذ خطة الفساد التي ينتهجها منذ وصوله للسلطة وحتى قبل وصوله، وهؤلاء المطبلون ينقسمون إلى قسمين: -
القسم الأول: المساكين القائل لسان حاله "يا عزيز تصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين" يعني أن دافعهم للتطبيل ما هو إلا بغية نيل لقمة العيش، مع أن من بينهم من هو أبي النفس كريمها، إلا أن الفقر خطر على السلوك والأخلاق كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الرجل إذا غرم حدث فكذب ووعد فأخلف" وقال "كاد الفقر أن يكون كفرا" نعم إن الفقر كفر بالقيم والأخلاق، وإذلال للنفس البشرية، فالذين يسبحون بحمد عزيز في كل مناسبة وفرصة أتيحت لهم دفعهم إلى ذلك كله الطمع والجشع.
القسم الثاني: - حماعة من النفعيين الذين لا يريدون إلا فسادا في الأرض وعلوا في المناصب وطغيانا على الشعب ونهبا لممتلكاته، هم رموز الفساد في كل نظام من أنظمتنا لأن ولاءاتهم ليست للرؤساء بقدر ما هي للفساد ولمن يأملون أن يتيح لهم الفرصة كي يعيثوا في الأرض فسادا، ويهلكوا الحرث والنسل.
لقد اغتال عزيز كرامة وشهامة المواطنين بوعوده الكاذبة الخاطئة، ومحا في نفوسهم الإباء فجعلهم يترددون عليه في كل محفل بصورة تخدش الأخلاق وتثير الاشمئزاز والشفقة في آن واحد، يتهافتون عليه تهافت الذباب في المرق عل وعسى أن ينالوا من عطاياه شيئا، حاطين كل آمالهم في شخص عزيز الذي يريد قاصمة الظهر بمواطنيه، لا يهم بشيء غير إبرام الصفقات المشبوهة، وتقنين الفساد، والتنظير له.
ولهؤلاء أقول لن تنالوا من عطايا عزيز حتى يكون لكم بعد قبلي وسابقة في الفساد، العبرة والمعيار في التوظيف ليس الشهادات ولا الكفاءات، فلا تحسبن أهل الكفاءات أهلا لأن يوظفوا في زمن عزيز الذي قلبت فيه الموازين واستبعد من الوظائف الحكومية كل من له صلة بالشفافية أو النزاهة فخلت ساحة الفساد للمفسدين، وضويق واستبعد وجرد من الوظائف كل من يسعى للإصلاح، وما ينقم عزيز من هؤلاء إلا أن آمنوا بربهم فزادهم إيمانهم إيمانا بالصدق والنزاهة.
ومع أفول نظام الرئيس السابق ولد الطايع، والكرنفالات التي حسبنا أنها قد ولى عهدها فإن ما نراه اليوم في زيارات عزيز المتوالية المتكررة من تصفيق وتطبيل وتباه في استقباله وبذل للغالي والنفيس في سبيل كسب وده لم نره من ذي قبل، إذ حطم كل الأرقام القياسية. وكأنه من خلال لقاء الشعب الذي دأب عليه في كل زيارة يطبق مبدأ ميكافيلي المذكور في كتاب "الأمير" والمبني على أن الحاكم يجب أن يكون محبوبا من قبل شعبه ومهابا في آن واحد، وأن يعد الناس حتى يكسب ودهم ولو كانت تلك الوعود كاذبة.
يا عزيز وعدتنا ووعدتنا فما ذا بعد؟