زكي بني إرشيد
في تونس ممارسة ومناورة سياسية حسب قواعد العملية الديمقراطية، على الرغم من أن ( نبيل القروي) رئيس حزب قلب تونس وهو المرشح المنافس في الدور الثاني على موقع رئيس الجمهورية مطلوب للعدالة في قضايا تمس النزاهة العامة، وكان موقوفا بتهم الفساد أثناء الإنتخابات.
( القروي) الذي يملك تلفزيون و شركات دعاية و جمعية خيرية و حزب لا زال مطلوباً على ذمة نفس التهم، ومع ذلك يتولى الآن تشكيل المشهد السياسي والقدرة على إسقاط الحكومة عبر التصويت الديمقراطي في البرلمان التونسي.
الأمر الذي يطرح السؤال عن بقاء أي إعتبار للمبادئ والقيم والأخلاق في عالم السياسة والمنهج الديمقراطي؟.
لكن وبجميع الأحوال فليس المخرج من هذا المأزق برفض الديمقراطية والقبول بالاستبداد والديكتاتورية وحكم العسكر وهي البدائل الكارثية التي أنتجت التخلف وصنعت الانحطاط وحصنت الفساد والمفسدين…!
البديل الصحيح والمنطق السليم هو استحداث نسخة محسنة ومنقحة من الديمقراطية باعتبارها ليست صندوقا للانتخاب فقط.
تنقية آليات التمكين من الإختراق الداخلي والخارجي ومن الصفقات الفاسدة، وإعلاء مكانة المباديء والقيم المتمثلة بمنظومة
( الحرية والعدالة والمواطنة والحقوق والاختيار الحر) باعتبارها قواعد العقد الاجتماعي القادر على النهوض والتقدم .. التجارب في عالمنا العربي المغلق على ثقافة العالم القديم تؤكد حتى الآن أن البنية العربية، ثقافياً واجتماعياً، لم يُصِبْهَا تغييرٌ يتناسب مع “واقع التغير المتسارع في العالم الآخر “، فالأنظمة الحاكمة والأحزاب السياسية وحركات التغيير الإجتماعي لم تدرك بعد أن قوانين التغير والتطور الاجتماعي والسياق الفكري للمجتمع لا تصنعها ” ثقافة الإستبداد والاحتكار والقمع والتسلط أو الانقلاب على إرادة الشعوب.
وأن انتقال النظريات من فلك “الخطاب الاستهلاكي المجرد” الذي يتشدق به الجميع ويثرثر به الحاكم أكثر من المحكوم، الإنتقال من مرحلة الفذلكة والمشاغلة إلى محطة التطبيق وترجمة النص إلى واقع وكيان سياسي يتطلب إرادةً جادةً بالتخلص من الواقع المُشَوَّه باختلالات الفساد والتحول إلى فضاء المشاركةٍ الواسعةٍ مع كل المكونات الوطنية، وليس حشر كل العقول في زنازين التخلف والجمود والولاء للشخص على حساب الوطن والدولة.
الأمين العام الرابع السابق لحزب جبهة العمل الإسلامي