حمد بن سعيد بن سليمان الرحبي
في مساء الجمعة الموافق الحادي عشر من يناير عام 2020م رحل عن عمان سلطانها وقائدها السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور ذلك الرجل الذي أحبه العمانيون حباَ صادقاً وأحبهم حبا أصدق ، أخلص لهذا الوطن فسخر شبابه وأفنى عمره خدمة ورفعة لعمان وأهلها ، نعم خيم الحزن على عمان وكل من فيها وما فيها، كل شي يبكيك يا سيدي الأطفال والرجال والنساء وكبار السن والشجر والطير والحجر وحتى السماء تبكيك فقد تلبت بالغيوم السوداء وانهمر منها مطر الوداع لك ياسيدي ،ومهما تكلمت وأسردت عن مفردات الحب واخلاص الشعب العماني لهذا القائد الفذ لن أوفيه حقه ولن يفيه غيري ، نعم فقد وحد البلاد والعباد تحت راية واحدة وهي راية عمان فلا قبلية ولا طائفية ولا مذهبية، نعم بنى الانسان قبل البنيان وبناها حجراً حجراً وطريقاً طريقا فقد كانت عمان قبل عهده لا تنعم بما تنعم به اليوم من خيرات وتطور وتنمية وتقدم ، وفي هذا المقال سوف أبحر بك عزيزي القارئ العربي ببعض النقاط التي أود الاشارة إليها منذ أن أعلن الوفاة وحتى تاريخ نشر هذا المقال وهي كالتالي:
أولا : وحدة الشعب العماني حكومة وشعباً وجيشاً ؛ فبعد أن أعلن وفاة السلطان الراحل المغفور له استلم الدولة مجلس الدفاع بناء على النظام الاساسي للدولة الدستور المعتمد بالسلطنة ، أوعز إلى مجلس العائلة المالكة بخبر الوفاة واختيار خليفة للسلطان الراحل وذلك خلال ثلاثة أيام ، ولكن جاء رد العائلة المالكة رداً سريعاً كريماً وهو تثبيت الخليفة الذي أشار به السلطان الراحل في وصيته وقد تم فتح وقراءة الوصيه أمام عدسات التلفاز وبحضور مجلس العائلة ومجلس الدفاع و رئيسا مجلس الدولة والشورى ورئيس المحكمة العليا تم هذا الأمر بكل شفافية ورضى من الجميع وبعدها أقر الجميع بالسلطان الذي أشار به السلطان الرحل في وصيته وهو السلطان هيثم بن طارق بن تيمور ابن عم السلطان قابوس طيب الله ثراه ومن ثم أدى السلطان الجديد يمين القسم أما مجلس عمان الذي يضم مجلس الدولة والشورى وبايعه الجميع سلطاناً لعمان وتم هذا الامر بكل شفافية ونزاه وسلاسة ولم يستغرق إلا عدة ساعات محدودة.
ثانيا: حكمة السلطان راحل المغفور له بإذن الله حياً وبعد مماته؛ فالجميع يتفق على حكمة السلطان قابوس في حياته وأثناء حكمه والشواهد لا تحصى ولا يسع المجال لذكرها في هذا المقال وإنما سأذكر نماذج من حكمة حتى بعد وفاته حيث أمر أن تكون الجنازة عسكرية مصغرة يشارك فيها أبناء شعبه وهذا الذي حصل فقد تم تشيع الراحل في صباح اليوم التالي من وفاته وكان ابناء شعبه المخلصين من عسكريين ومدنيين هم من شيعه بدون حضور أي وفد من خارج السلطنة حيث هكذا أراد السلطان قابوس طيب الله ثراه وحمل بجنازة الابطال وابناءه من حوله إلى أن تم دفن جثمانه الشريف في قبره بكل وقار و بدون تكلف .
ثالثا: نزاهة مجلس الدفاع العماني ، حيث قام بدوره في إدارة الموقف بكل صدق واخلاص وهكذا هم رجال السلطان قابوس المخلصين وهم رجال السلطان الجديد المخلصين له أيضا فقد رأيناهم يحملون نعش جنازة السلطان الراحل ومعهم السلطان الجديد السلطان هيثم بن تيمور حفظه الله يحمل من الطرف الآخر وهكذا هي عمان سلطان يحمل سلطان بكل صدق وأمانة وأخلاص .
رابعا: الدولة العمانية دولة ذات دستور وسيادة تامة؛ فقد جرت كل هذه المراسم وفق الدستور العماني وهو النظام الأساسي للدولة واحترم الجميع هذا الدستور وأيضا بدون أي تدخل أجنبي لان وطني عمان لا تقبل أن يتدخل أحد في شؤونها فهي حرة أبية ذات تاريخ مجيد.
وختاماً ندعو الله العلي القدير أن يرحم فقيدنا الغالي السلطان قابوس وأن يدخله فسيح جناته وأن يوفق السلطان الجديد السلطان هيثم بن طارق بن تيمور حفظه الله في مهامه الجديدة سلطاناً لعمان مجددين له العهد والولاء وسائلين الله تعالى ان يوفقه ويحفظه إنه نعم المولى ونعم النصير.
كاتب عماني
مسقط