د. خالد رمضان عبد اللطيف
يعد الذهب الرابح الأكبر من تصاعد المخاطر الجيوسياسية الراهنة في الشرق الأوسط، حيث يعتبر ملاذاً آمناً في أوقات عدم اليقين المالي والجيوسياسي، ولهذا تحلق أسعاره حالياً عند أعلى مستوى في سبع سنوات، فوق 1575 دولاراً للأوقية، وبات قاب قوسين أو أدنى من 1600 دولاراً للأوقية، وقد يندفع في حال تسارعت التوترات الجيوسياسية صوب 1700 دولاراً للأوقية، الأمر الذي يجعل الذهب على مسافة قريبة من أكثر مستويات ذروة الشراء المسجلة خلال عقدين، في الوقت الذي تبدو فيه مؤشرات الطلب ممتازة، مدعوماً بمشتريات غير مسبوقة من كبرى البنوك المركزية حول العالم، والتي قد تتجاوز مشتروات عام 2019 البالغة نحو 750 طناً.
ونظراً لشعبيته الهائلة في الدول العربية، ورغبة كثير من الأسر العربية في شراؤه لتقديمه كهدايا أو للتزين به أو حيازته بهدف إعادة بيعه مستقبلاً لجني أرباح استثمارية، فقد خصصت هذا المقال، للحديث عن التوقعات المستقبلية لأداء المعدن الأصفر، وحجم المكاسب المتوقعة التي يمكن أن يحققها بنهاية العام الجاري.
دخل الذهب عام 2020 بزخم قوي، مستفيداً من ضعف الدولار، وتراجع معدلات الفائدة، والحرب التجارية التي سحبت النمو الاقتصادي نحو الأسفل، وبعد معنويات منتعشة بعد أن ارتفع سعره الفوري لأكثر من 18% عام 2019 عند 1519 دولارا للأوقية، في الوقت الذي يقلل فيه عدم اليقين في الأسواق من شهية المخاطرة، حتى أصبحت آفاق الاستثمار في الذهب أكثر ربحية من الاستثمار في النفط، فيما سيؤدي الإبقاء على معدلات الفائدة الأمريكية دون تغيير خلال الفترة المقبلة، إلى وضع غطاء حديدي على الدولار، وسيسمح للذهب بمواصلة ارتفاعاته القوية.
ولمعرفة اتجاهات الذهب صعوداً وهبوطاً، ينبغي مراقبة عدد من البيانات الاقتصادية الأمريكية التي ستصدر خلال الأسبوع الجاري، وأهمها تقرير الوظائف الشهري في الولايات المتحدة، وموعده الجمعة المقبلة، حيث من المتوقع إضافة 160 ألف وظيفة جديدة، فإذا أظهرت البيانات الأمريكية (التوظيف- البطالة- طلبيات المصانع) أرقاما أضعف من المتوقع، فستظل أسعار الذهب مرتفعة بقوة، لأن البيانات الأمريكية الضعيفة والمخيبة للآمال تقلل من فرص رفع سعر الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، وقد تسمح تلك البيانات الضعيفة أيضًا بخفض الفائدة، مما يعد فرصة ذهبية للمعدن الأصفر، إذ يميل إلى تحقيق نتائج مبهرة في أجواء خفض الفائدة على غرار ما حدث في 2019.
في كل الأحوال، يجب مراقبة أسواق الذهب عن كثب في 2020، لأنه يعد فرصة سانحة للاستثمار الناجح والمثير للاهتمام، مع ملاحظة أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيكون عاملاً رئيسياً بلا منازع خلال الأشهر المقبلة، في توجيه أسعار المعدن النفيس صعوداً وهبوطاً، بحيث لا يمكن تجاهل أسعار الفائدة التي يعتمدها أكبر بنك مركزي في العالم حين نريد معرفة اتجاهات أسواق الذهب، كما لا يمكن تجاهل تأثير الاتفاق النهائي المرتقب بين الولايات المتحدة والصين لاحتواء حرب تجارية مريرة على آفاق التداولات في العام الجاري، حيث يتوقع أن تتجاوز1600 دولاراً للأوقية.
كاتب مصري متخصص في العلاقات الدولية والدبلوماسية