وجيدة حافي
كأقلام عربية نتشارك في هموم ومشاكل، نعالجها علاج الطبيب للمريض ونبحث عن الدواء الذي يُمكن أُمتنا العربية الإسلامية من النهوض والتعافي، ففي نهاية المطاف كلنا من دم ولحم عربي، بطريقة وأُخرى تكالب علينا العدو الغاشم وقيد حريتنا وجعل حكامنا كالدُمى المُتحركة تُنفذ وفقط، فلا تتعجبوا إن سمعتم بإسرائيل جزء من الجامعة العربية، فهي للأسف أصبحت صديقة وقريبة بعض الدول أكثر من أخواتها الإسلامية، وهذا كله بفضل سياسة الإغراءات والتحكم وغيرها من الأساليب القذرة التي تستعملها أمريكا بالتعاون مع إسرائيل لجرنا أكثر إلى مُستنقع العبودية و الحروب الغير نافعة، فماذا نقول أمام هذا الأمر المُخجل والمُؤسف لنا نحن أحفاد صلاح الدين الأيوبي سوى إنا لله وإنا إليه راجعون، لكن كذلك ككتاب حاملين لرسالة وهدف نبيل وجب علينا التأكد من المعلومة ومدى صحتها قبل تقديمها للقراء ،لكي لا نفقد مصداقيتنا، واليوم أنا سأُخاطبكم زملائي وزميلاتي أصحاب القلم كقارئة لا ككاتبة ، فمؤخرا لفت إنتباهي مقال يتحدث بصفة عامة عن الحراك العربي في بعض الدول ومنها الجزائر، حيث تحدث الكاتب عن الحراك الجزائري وتساءل عن السبب وراء هذا التعتيم الدولي ، ففي وجهة نظره المُحترمة طبعا، الحراك الجزائري لم يسمع به أحد، وبقي المتظاهرون لمدة عشرة أشهر كاملة وهم مٌغيبون عن الإعلام والرأي العالمي، ثم إنتقل للحديث عن الدولة الجزائرية التي لم ينتقدها أحد رغم ألاعيبها ومُحاولاتها القذرة لإجهاض ثورة الشعب الجزائري، تمنى لو أن واحدة من الدول تدخلت لإيقاف جنرالات النفط والسكر كما سماهم وحثوهم على الإستجابة الحقيقية لمطالب الشعب ، عرج على الرئيس الذي إعتبره من أزلام بوتفليقة وأنه عما قريب سيكون على كرسي مُتحرك مثل سلفه، قال أنه من إختيار العسكر وهم من أتوا به بمساعدة القايد صالح رحمة الله عليه، هو في الحقيقة تحدث عن أشياء كثيرة وهذا رأيه نحترمه ويبقى يحتمل الخطأ كما الصواب، لكن من هذا المنبر أود أن أقول بعض الأشياء وأصحح بعضها:
الحراك الجزائري كان مثالا حيا لكل شباب الأمة، إعتبروه وسيلة من وسائل النضال السلمي، كل العالم تكلم عنه وأشاد بسلميته، على مدار عشرة أشهر كاملة ونحن وجبة دسمة للقنوات والصحافة العربية والغربية بسبب هذه الثورة السلمية، حتى أن بعض القنوات حاولت تصوير العكس وحللت من وجهة نظرها الخاصة، بالإضافة إلى كل هذا فحراكنا في بداياته شهد تغطية إعلامية كبيرة من الإعلام الجزائري، حتى أنه في قنوات تلفزيونية وصحافيين غطوه رغم نقص الإعتمادات، حراك الجزائر مستمر لحد كتابة هذه الأسطر والتغطية مستمرة، بطبيعة الحال نحن نهدف إلى حل وسط يُرضي كل الأطراف ويُخمد النار المُشتعلة في أرضنا الطاهرة، قلناها وسنقولها نحن مع الحوار ولا للعُنف والإستغلال وتهويل الأمور وترجمتها كل حسب رغبته وهدفه.
نحن إنتقدنا كثيرااا سياسة الدولة الجزائرية الفاشلة مدة عشرين سنة، طالبنا بالحرية والعدالة ومٌحاربة الفساد والمُفسدين، النظام السابق تعرض لموجة إنتقادات عنيفة، سُخط وغضب منه ومن طريقة تسييره لكثير من الملفات، هذا النظام مازال في بداياته، ورئيسنا الجديد لم يمض على إنتخابه سوى أيام فقط، ومسألة النقد نتركها للأيام التي ستكشف عن المستور والمخبي، أما قضية محاولة إجهاض الجيش للثورة فهذا غير صحيح، فجيشنا بقيادة قائده رحمه الله القايد صالح رافق الحراك وحماه من تدخل المُتطفلين، فلولاه لكنا مثل جيراننا نُعاني ونتألم، فمطالبنا ستتحقق لكن بالسلم والهدوء، النقاش الفعال والبناء.
كل المترشحين الخمسة للرئاسيات كانوا من بقايا النظام السابق، وكلهم أثاروا موجة غضب عارمة إثر ترشحهم للإنتخابات الرئاسية، والرئيس المُنتخب لا يختلف عنهم، فهو ليس مقبولا من طرف كل الجزائريين، لكن نحن هنا لا نتكلم عن أشخاص يذهبون ويجيئون، وإنما عن بلد وشعب، فمن سنوات مضت قلت أن الجزائر ليست بوتفليقة، وأُعيدها وأٌقول أن بلد الشهداء ليس تبون، فالرئيس كغيره من الحكام الذين تداولوا على السلطة منذ 1962، سيأتي يوم وسيذكره الشعب بالسلب أو الإيجاب، هذا ما سننتظر ونرى ماذا سيقول التاريخ في حقه.
فمن المُبكر جدا الحديث عن نتائج الإنتخابات على أرض الواقع، فحكومتنا مازا لت لم تُشكل وعديد الأمور مازالت عالقة وتحتاج وقت لدراستها، فبإذن الله الواحد الأحد لن يحدث شيء لبلد المليون والنصف مليون شهيد، وسترجع قوية كما كانت عليه داخليا وخارجيا، أما قضية أن الجزائر لا تختلف عن باقي الدول وتنتظر إملاءات من الخارج، فلأننا ننتمي إلى هته الأمة التي جُبلت على الضعف والإنكسار، وفضلت الخيانات والمصالح الشخصية على التوحد ومصالحها.
فسياسة بلدنا لا تقبل التدخل في الشؤون الداخلية كما هي لا تتدخل في الاخر، لذا لم ولن نقبل نفاق وتصنع الغرب بحجة الخوف على حقوق الإنسان عندنا، فجزائر المٌعجزات تملك عقولا وشباب مٌفكر ومٌثقف، جيش وطني قوي لم يسمع للأصوات الخارجية، وإستمع لصوت العقل والوطن، فالأوروبيون وعلى رأسهم فافا قلقون من تحسن الأوضاع عندنا وليس العكس، لأننا ضيعنا عليهم فرصة ثمينة للتمتع بثرواتنا والتفلسف علينا، وما يحدث في ليبيا الان دليل على كلامي، فهم فشلوا مرات عديدة في جرنا إلى الهاوية، ولما يئسوا صعدوا من العمليات العسكرية في ليبيا ونشروا الفتن حتى ندخل في دوامة من المشاكل ولا نتفرغ لبناء إقتصادنا ونبقى تحت التبعية. فشكرا لكل المُهتمين بما يحدث في بلدنا، لكن نتمنى أن تكون الكتابات فيها شيء من الموضوعية والصحة في المعلومة، ونبتعد قدر المستطاع عن الكلام الجارح، في النهاية نقول أن طابخ السم آكله، وهؤلاء الذين ضلوا سنوات وهم يتدخلون في شؤوننا بفضل عيونهم التي لا تنام، يواجهون الان شعوبا مُثقفة وواعية، ترفض كلمة عميل وترضى برغيف وخبز وطني على لحم مشوي مُستورد، ذل وهوان في بلدها على عيشة هنيئة في بلدان أخرى تعتبرها حراقة ومُهاجرة ……..والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
كاتبة من الجزائر