الأردن 2020: مشهد مختلف.. هل تصدق توقّعات حكومة الرزاز؟

سبت, 12/28/2019 - 09:22

دكتورة ميساء المصري
 يتشائم الشارع الأردني من العام الجديد 2020 بأنه لا يحمل في طياته بوادر الخير,  في حين ترى الحكومة الأردنية ان العام المقبل زاخر بالأرقام والحزم التي ستكون داعمة للمواطن على الصعيد الاقتصادي والمعيشي قبل السياسي . وما بين التفاؤل والتشاؤم , نتشاءل بحقائق هذا العام بعيدا عن الأوهام المعلنة وعلى رأسها ربما بإستهلال بداية العام بصفقة إستيراد الغاز الفلسطيني المسروق من قبل الإحتلال المرفوضة شعبيا . فقد أعلنت الشركة الوطنية للطاقة الكهربائية في الأردن إن الإمداد التجريبي للغاز الطبيعي من شركة “نوبل إنيرجي” للطاقة إلى المملكة الأردنية سيبدأ في أوائل عام 2020.وربما تكون بداية العام بخيبة شعبية غير متوقعة ؟
يستمر السؤال سنة 2020 بمن المستفيد من مشاهد الفوضى المقصودة أو غير المقصودة. و المشهد المتأزم لحكومة ترى أنها ضحية لجهات ترغب في تعطيل المشروع “النهضوي”، و مسؤولين سابقين وحاليين ينكرون مسؤوليتهم عن الطريق المسدود الذي وصل إليه الأردن. ولا يجيدون سوى  لوم الشعب الذي لا يعجبه العجب , والشعب بدوره يلوم المسؤولين على جشعهم وفسادهم وانهم في عالم أخر لا يشبههم، بالمقابل يتسابق الحراكيون من كل بقاع المملكة بشعارات مختلفة السقوف من أجل الإصلاح .وفي ذات الأجواء يتنافس النشطاء بإرسال رسائل مكتوبة ومرئية ومسموعة وجريئة للملك حتى  وصل الأمر برؤوساء حكومات سابقة الى توجيه نداءات للإصلاح وفتح المجال للاحزاب لإصلاح المشهد. لتنطلق أكبر أزمة إدارة دولة تواجه الملك عبدالله الثاني، والحاجة الملحة لإصلاحات شاملة وتدريجية لتقوية الجبهة الداخلية المنقسمة أفقيا وعاموديا.
فهل نشاهد فصول جديدة مختلفة ؟؟؟
المرحلة المقبلة حبلى بسيناريوهات متداخلة، منها متعلق بالحكومة من حيث الرحيل أو التعديل أو البقاء، ومنها متعلق بمجلس النواب من حيث الحل أو استمرار المجلس حتى إنتهاء مدته الدستورية في بداية صيف 2020 المقبل.
بعض ساسة الأمس توقع أن تتمكن الأحزاب من تشكيل الحكومة في 2014 وها نحن عاجزون عن إيجاد أحزاب ناضجة سياسيا مؤهلة للدور . فهل سيسمح بقانون إنتخاب في 2020  ليقر بالتعددية الحزبية ويتيح لهذه الأحزاب المجال للتنافس على أساس البرامج.؟؟؟ أم ان جمهور الناخبين لا يملك سن قانون، وسيبقى مضمون وشكل القانون موضع جدل عقيم .
الجدير بالذكر أن صالونات سياسية نخبوية تداولت معلومات حول التمديد لمجلس النواب عام أخر, وأن الإنتخابات المقبلة ستجري في صيف عام 2021 .. الصالونات بدورها أجمعت أنه إذا تم ذلك فان هذا الأمر يعني بقاء حكومة د. عمرالرزاز حتى صيف عام 2021,  وسواء بقي مجلس النواب أم تم حله  فإن الحشد للموسم الإنتخابي في الأردن سيبدأ من عام 2020, بحشد تأييد لتكتلات مسبقة على شكل تيارات شعبية وسياسية تسبق الإنتخابات.وتيارات عبر رموز الشارع لخدمة الدولة .و تشكيل تيار سياسي وسطي جديد يعمل على وثيقة برلمانية سياسية بهدف التأثير المبكر في مجريات الإنتخابات .

الأردن 2019.شهد توترا ملحوظا ومواجهة سياسية وديبلوماسية مع اسرائيل بلغت ذروتها في الثلث الأخير من العام. هذا التصعيد مع تل أبيب مرشح للاستمرار في 2020 .اسرائيل كانت تعلن حسب زعمها نية الإستحواذ على غور الأردن , ولكن الإسرائيليين  يفكرون جديا في تأخير الأمر , وتوجيه جل إهتمامهم على المتغيرات في مياه شرق المتوسط وليبيا وتركيا بما يسمى بتغيير الأولويات من هدف أول الى هدف ثاني .فالأهداف ستكون مختلفة في الساحة الإسرائيلية التي ستشهد الكثير من الأحداث سياسيا وأمنيا  في ظل غياب سلام إسرائيلي فلسطيني، وفي ظل سيطرة اليمين المتطرف الذي لا يؤمن بحل الدولتين.

مكمن الخطر الأهم على الأردن سيطفو ربما في منتصف 2020 وهو إقتطاع شريط يفصل الأردن عن سوريا جغرافيا ويوصل جغرافيا تركستان العراق الى إسرائيل عبر شرق سوريا والذي تتجه النية الاسرائيلية لإستقطاعه.إضافة الى أن أمريكا تحاول منذ فترة فتح حوار مع قيادات درزية في الأردن وقيادات درزية في سوريا وأخرى في الجولان ضمن مشروع متكامل له أهداف عدة  ضد الاردن وسوريا والعراق وايران ,و هدفه الأول عدم  وصول الصين برا للبحر المتوسط ..

اسرائيل تسعى لجعل سوريا مرتبكة تماما وتفقدها نفطها في شرق الفرات وكذلك نقل نفط كردستان العراق مما سيضر بالأردن استراتيجيا وجيوسياسيا , اذ تسعى القوى الصهيوامريكية الى إيصاله الى مرحلة لا يستطيع رفض ما يملى عليه اسرائيليا او أمريكيا او خليجيا،فهل سيكون الاردن سدا منيعا لهذه الإملاءات ؟؟.

سيبدأ المشهد الإسرائيلي بتشكيل حكومة، ما بعد شهر مارس من العام 2020، حين تبدأ أول تحضيرات انتخابات الرئاسة الأمريكية في مقاطعة آيوا حتى تصل الى واشنطن . .والاردن  يراقب صعوبة  طرح خطة سلام من أي نوع في مرحلة انتخابات رئاسية أمريكية أو عشيتها. خاصة مع إحتمالية حدوث مغامرة أو مفاجأةمن قبل ترامب في رئاسته الثانية ، وبالتالي يتمنى مركز القرار الأردني أن لا تحصل مفاجآت، من قبل ترامب وكوشنير وطاقمهما في الأشهر الاولى المقبلة.

خاصة بأن واشنطن أصبحت وليس السعودية المانح الأول للأردن، ثم اوروبا. ناهيك أن السعودية تحاصر عمان من خلال الضغط على المانحين الاوروبيين، وتعمل على تحدي الهاشمييين من رعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشرقية المحتلة.

الحريق الإقليمي في 2020  سيكبر ويمتد يوما بعد يوم . و سيكون عاما للتطبيع العلني بين إسرائيل والدول العربية ، مع مزيد من الاكتشافات البترولية في دول عربية تزيد من غطرسة حكامها , واليمن يغوص أكثر في مستنقع الاحتراب العربي والداخلي , أما العراق سيبقى في دوامات دموية ، والنار ستشتعل في سورية وان كانت اقل حدة مما سبق، والوضع في لبنان الى حرب اهلية ، والأتراك في مستنقع ليبيا والاكراد ، والايرانيون يفتحون النار في كل مكان، بما فيها الخليج العربي وكل ذلك يرتبط بالاردن في العام 2020 ..وعلى عمان ان تكون جاهزة سياسيا وامنيا للإنضمام الى تحالف جديد  بأطراف فاعلة ذات ميزان قوى مؤثر .ومنها ايران وكذلك العلاقات الأردنية القطرية التي تتقدم دون ضجيج.

سنة 2020 ستكون الأسوأ على الاقتصاد العالمي, في حين بدأت المملكة الأردنية التفاوض على برنامج قرض جديدٍ مدته 3 سنوات مع صندوق النقد الدولي.  في الوقت الذي أقرت الحكومة موازنة العام 2020، بعجز بلغ نحو مليار و800 مليون دولار وهي الموازنة الأضخم في تاريخ المملكة وفق سياسة مالية بعدم فرض أي ضرائب جديدة ، وإدراج سلم زيادات مالية على رواتب القطاع المدني العام والقطاع العسكري، وإدراج زيادات رواتب المعلمين.
في 2020 آسيا ستطلق عملة احتياطية جديدة؛ لكسر اعتمادها على الدولار. وهذا المنحى المالي سيكون له تاثير واضح على الدولار . وباقي العملات الاخرى فهل سيبقى الدينار الاردني محافظا على قوته, وهل ستفي الحكومة بوعودها ؟؟؟ ام سيقع المواطن في فخ ارتفاع الاسعار.
الواقع صعب والتحديات جسام …فهل نعبر النفق؟
كاتبة اردنية

الفيديو

تابعونا على الفيس