يصادف هذا اليوم 4 يونيو الذكرى الرابعة لرحيل الفنانة الرائعة ديمي بنت آبه عن عالمنا مخلفة أحزانا في قلوب الملايين من محبيها.
في مثل هذ اليوم فارقت الفنانة عالم الدنيا وفوق اسرة المستشفى المغربي جراء وعكة صحية.. قلوب الموريتانيين تخفق بقوة حبا لهذه الفنانة الأسطورة..
"ديمي" أحبت موريتانيا وغنت لها أرضا وإنسانا وحضارة، هي فنانة وطنية، وإنسانة من الطراز الرفيع، شخصية اجتماعية بارزة.. وموهبة لا تتكرر.
أصبحت "ديمي" الخالدة أبدا، لحنا في ضمير كل موريتاني، "لازمة" فنية تعايش الأجيال الوطنية المختلفة..
لا يمكن الحديث عن "ديمي" الرمز.. فهذه الأيقونة الفنية الرائعة، هي إحدى عجائب الصحراء التي تحولت "ديمي" إلى واحتها الغناء..
"ديمي" صوت ملائكي شغوف بالذاكرة، صوت يجري في الدم والبال كما تجري السنين على سكة الدهور..
إن موريتانيا تتألم.. كل فرد فيها يتألم..
كنا نتمنى أن تكون وزيرة الثقافة أو كل وزارة الثقافة، التي لا شغل لها، إلى جانب هذه الفنانة في محنتها الصحية..
كنا نتمنى أن نسمع خبرا يقول إن الرئيس المنتخب طار إلى المغرب لعيادة "ديمي" والاطمئنان عليها نيابة عن كل الشعب الموريتاني.. أو على الأقل نسمع أنه أجرى مكالمة هاتفية في هذا الصدد، وأصدر تعليماته بتوفير كل الرعاية لها..
كنا نتمنى "كلمة واحدة" من أحزابنا الثمانين، تلك الأحزاب المصابة بإسهال البيانات إلا عندما يتعلق الأمر بمثقفي ومبدعي هذا البلد.. فعندها تصاب أحزابنا بإمساك "وظيفي" مهين.
مهما يكن "ديمي" ستبقى الوزارة التي تمثل الصوت الموريتاني الجوهري.. ستبقى أسطورتنا التي نسمعها كل حين ونرويها لأنفسنا بكل فخر واعتزاز في صباحاتنا ومساءاتنا السرمدية..
شـــــــــــخصية الفنانة:
ولدت الفنانة ديمي في ولاية " تكانت" بموضع "عريظ" قرب " قبو" شمال مدينة النبيكة، في "تامورت النعاج"، حيث مرابع "الحلة" التي منها انحدرت والدتها المرحومة منينه بنت أيده.
بدأت ديمي رحلة المجد إذن من منطقة " قصر البرقة" المدينة التاريخية التي ما تزال شاهدا حيا على عظمة الإنسان في هذه الصحراء...
ومن مناطق " بين إنكشان"، " احسي المقطع"، و " حفر المجرية" انتقلت إلى شمال شرق " تكانت" حيث قضت معظم أيام الطفولة بين " تشنات" ، " أدندون" ،" الكروميات"،"إحياك" ،" الرشيد"، " اشوي" ، " تيمجيجات"، " أم الطبول"،،" الحرج" و " أشاريم". وهي مرابع "حلة" أخرى منها انحدر والدها الفنان الكبير سيداتي ولد آبه.
وفي نهايات السبعينيات كانت ديمي ما تزال طفلة لكنها كانت أكبر من سنها وكانت في وسط آخر، أو "حلة" أخرى تحاول ان تكون للجميع هي نواكشوط عاصمة موريتانيا التي كانت حينئذ تمور باحلام الثوار والشعراء ومطامح رجال الدولة.
انغمست ديمي في "الحلة" الجديدة وأعطتها نفسها وصوتها الذي سحر الجميع بصفائه، وقوته، وعذوبته.
غنت لفلسطين... غنت ضد " الآبارتيد"... غنت ضد الامبريالية والإقطاع... غنت لموريتانيا بفلاحيها ومنميها، وبطموحاتها نحو النماء.. وغنت في شكل خاص لما يرمز للدولة الموريتانية كيانا موحدا قويا كما تريده ويريده الموريتانيون.
طوعت الفنانة الموسيقي الموريتانية - في حدود المعقول- لموسيقى المشرق العربي،أو طوعت تلك الموسيقي لموسيقى بلدها من أجل وصول الكلمة واللحن الموريتانيين إلى العالم العربي، ونجحت في ذلك في حدود الإمكانات المتاحة في بلدها.
وكانت وفية للتراث الموسيقي الموريتاني من دون أن تقبل أن تتجاوزها موضة الشباب السريعة، فتجاوبت مع سرعة العصر من غير تفريط.
رحم الله ديم منت آبه وأسكنها فسيح جناته وانا لله وانا اليه راجعون