وجيدة حافي
هل سيمر الموعد الإنتخابي بسلام ولا يحدث شيئ يؤرق النفوس ويفسد العرس؟ ألن تزور إنتخابات الثاني عشر ديسمبر ؟ هل سيشارك الجزائريون في الإنتخابات ويقطعون الطريق أمام اللصوص والمتربصين بنا؟ هل صحيح أنه توجد تدخلات أجنبية أم أن الأمر مجرد تمثيلية؟ هي أسئلة الشارع الجزائري بمختلف أجناسه و توجهاته الثقافية والعلمية، فالكل دون إستثناء يترقب هذا اليوم المصيري لجزائرنا الحبيبة التي أنهكها التعب والإرهاق وتريد الراحة والسكون، وطبعا هذا لن يكون إلا بتكاثف أبناء المجتمع وإجتماعهم على الخير وحب الوطن، ففي نهاية المطاف بلد المليون والنصف مليون شهيد قطعة لا تتجزأ منا، وبالعودة إلى الأسئلة السابقة نقول إن شاء الله يمر الموعد بأمان وبأقل الخسائر،لأننا لا نريد تكرار التجارب الماضية وعيشها ولو بالأحلام، لا نريد سفكا للدماء وضحايا جدد بإسم مسميات كثيرة، والذي عنده ضغينة وحساب مع أحد فليس في مثل هذا اليوم، فالذي عشناه من تجارب قاسية جعلتنا نخاف ونحذرونتمنى مرور العرس بأقل الأضرار، بالمشاركة الإيجابية والإقتراع ولو بالورقة البيضاء لإسكات الأصوات الجائعة والمريضة التي تنتظر كبوة الجواد لتدخل المعركة وتبدأ في نفث سمومها علينا،وهذا على فكرة ليس تفلسفا ولا دعوة للإنتخاب، فكل واحد حر في نفسه وقراراته،وبالمناسبة أفتح قوسين كبيرين للحديث عن تلك الخرجات المؤيدة للجيش والمطالبة بالذهاب للإنتخاب، فشخصيا لم أستسغ الفكرة ولم تعجبني، لأن هذا سيؤجج نار الفتنة بين هؤلاء الذين يرفضونها قلبا وقالبا، وأؤلائك المؤيدين لها، فلنترك المواطن على راحته ولا نظغط عليه لكي لا نُخرج منه السيئ وندفعه إلى إرتكاب حماقات وما لا يُحمد عقباه، فالديمقراطية التي نبحث عنها تتطلب الرزانة وإحترام كل الأراء وعدم إقصاء أي واحد.
أما قضية التزوير، فكل عاقل يعرف أن كل إنتخابات الجزائر حدث فيها التزوير بطريقة أو أخرى فمن أول رئيس إلى أخره عشنا تزيفا للحقائق ولو بنسبة ضئيلة لأسباب كثيرة ، لذا لا يجب الوقوف عند هذه النقطة وإعتبارها شرطا أساسيا لنجاح العملية، فكل الدول سواء تلك التي تتبع نهج الديمقراطية أو لا، تُعاني من هذه المُعضلة وسبب كل ما يحدث فيها من أزمات.
التدخلات الأجنبية التي بتنا نسمعها في هذه الفترة بالذات من جمعيات حقوق الإنسان والهيئات الأوروبية الرسمية والغير رسمية دفعتنا لتذكير هؤلاء أننا غير قُصر وأن بلدنا والحمد لله مُستقلة منذ ما يُقارب الستين سنة، فلا أحد وصي علينا اليوم وغدا، فالغرب طبعا لن يتركنا وشأننا ويمر على ما يحدث مرور الكرام، سيتكلم ويُندد ويدعوا إلى إحترام الحريات والحقوق الإنسانية مثلما فعل مع إخواننا العرب، الذين إستغلهم وثرواتهم، دمر بلدانهم وهجر شعوبهم، فالتدخلات الأجنبية ليست تمثيلية ولا خطوة من جانب دولتنا لإخافة الشعب وقتل الحراك كما يدعي البعض، هي حقيقة مُرة نعاني منها بإعتبارنا دولا نامية مازالت بحاجة لهذه الدول المُتقدمة، فهم جسوا النبض وغيروا رأيهم لما تحركنا وتوحدنا ، فنحن قلناها وسنقولها لا للتدخل الأجنبي، وعوض الإهتمام بمشاكلنا حاولوا حل إقتصادكم المُترهل ومشاكل شعوبكم، وخاصة فافا عدوتنا القديمة والحديثة، فالخامس ديسمبر على الأبواب ولا تفصلنا عنه إلا أيام، فالأجدر بماكرون لو إهتم بمثل هته المشاكل وركز إهتمامه على السترات الصفراء وكل القطاعات التي ستخرج منددة بالوضعية الصعبة التي يعيشونها.
نعرف أن الكثير من الأسئلة لحد الساعة لم نجد لها إجابات مع كل هذا الغموض الذي يكتنف الوضع، فلا أحد يثق في أحد والشرخ في العلاقة بين النظام والشعب في تدهور وأسوأ من الأول، والأحسن لكلا الطرفين الإلتقاء عند نقاط مُشتركة حتى لا تضيع منا بلدنا، كل واحد يتنازل عن أشياء ويضع رجليه فوق الأرض لكي تمشي السفينة وتواصل المسيرة، فنحن كلنا يجب علينا مُراجعة أنفسنا وأفعالنا وعدم الإنسياق وراء الشعارات المُزيفة، وعلى فكرة هذا لا يعني أني أتخندق مع طرف وحزب على حساب أخر، فنحن مع الحراك وأيدناه وسنؤيده إلى أخر دقيقة ، لكن نتمنى أن لا يبقى مجرد مسيرات وكفى، فمهم جدا تنظيمه وإعطاؤه رمزية وصورة بإعتماد أشخاص منه في بناء جزائر الغد ولما لا الحكومة، إنشاء حزب من جذوره ويكون صوتا للشعب ومُدافعا عنه في الأيام والسنين القادمة، فبقاؤه هكذا صدقوني سيُضعفه ويُمحيه من الوجود ويصبح في خبر كان وكأنه لم يُولد أصلا، كفانا إشعال نار الفتنة والمهم والأهم هو إستعادة بلدنا وحمايته من الأخطار، لأنهم كلهم زي بعض لا يختلفون في المصالح الشخصية والحسابات الضيقة، الذي سيحكمنا لن يكون ملاكا طاهرا من الإثم، ومهمته لن تكون سهلة خاصة أنه أول رئيس مُنتخب بعد حراك دام تسعة أشهر، سيكون تحت الأنظار ومُراقب من كل الجهات، لذا المهمة لن تكون سهلة سادتي فرسان الإنتخابات الرئاسية
كاتبة من الجزائر