وداعا ميشيل ادة

جمعة, 11/08/2019 - 16:02

بسام ابو شريف

سوف يحررنا الحق ، فالسعي لتثبيت الحق على هذه الأرض هو انتزاع حرية البشر ممن اغتصبها ، وأراد دفنها كي يضيع الحق ويسود الفساد .

قلائل هم الذين يعرفون عن علاقتي بميشيل ادة ، فما الذي يربط بين قائد من قادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وثائر عربي ينتمي لقوميته كما ينتمي لوطنه وبين ميشيل ادة الحقوقي والاعلامي والمفكر السياسي اللبناني ، تعرفت عليه في السبعينيات بطلب منه وبرغبة شديدة مني .

كان لقاؤنا الأول في فندق بريستول لم أتحدث الا لماما وتركت له المجال ليتحدث ، كان يتحدث بتسلسل منطقي وترابط جدلي حول الحق والحرية والكرامة والاستقلال والتطور والنمو ، واستغرق في تعريف الحضارة والرقي وبناء المستقبل ، ودهشت اعجابا به وبما قاله كان يكاد أن يثب وهو يتحدث عن الحق والحرية ، وعرج على قضايا هامة حول فلسطين وكيفية مخاطبة الغرب والتحرك السياسي لكنه كان دائما يعود الى الحلقة المركزية ، وهي الحق والحرية وتلازمهما ، ومنذ ذلك اللقاء نمت علاقاتنا فكنت أسارع للاتصال به عندما تواجهنا مشكلة أسأله وأستنير برأيه ، واكتشفت تدريجيا من خلال لقاءاتنا عمقه الثقافي الحضاري … كم كان مثقفا ومطلعا وباحثا وعالما ، بل كم كان قادرا على توظيف كل هذا للدفاع عن الحق والحرية .

ميشيل ادة كان قادرا على أسر محدثه بعمق فهمه وسعة معلوماته ، لكنه كان دائما يضيف لذلك شخصيته المميزة وقدرته على جذب المستمع اليه وتقريبه من قلبه ودفئه ، ثقته بنفسه كانت قوة دافعة هائلة اذ لم يكن يشعر أن هنالك موضوع ماقادر على احراجه ، فهو جاهز ومستعد دائما لأي مبارزة حول الحق والحرية ، عندما نبحث عن نصيحة لمواجهة مشكلة أو للتعرف على مسالك حلها كان ميشيل ادة هو الأمثل ليكون الدليل ، وقد حصل هذا ( لأعطي مثلا ) ، عندما حاصرت قوات الاحتلال مقر الرئيس ياسر عرفات برام الله ، فقد سارعت للاتصال به عبر طرق شائكة ( لأن اسرائيل قطعت خطوط الاتصال الهاتفي ) ، لأسأله النصيحة وحول مواجهة مايحصل ، لماذا فكرت بميشيل ادة في تلك اللحظات الحساسة فقد كنت أنا تحت الحصار أيضا ، لقد تبادر الى ذهني ميشيل ادة الرجل الواسع الاطلاع والمعرفة والمفكر الاستراتيجي والمتتبع الدقيق للأحداث ، وتبادر الى ذهني قدرته وثقته بنفسه وبحسن الرأي والمشورة لديه .

ميشيل ادة ثروة لاتعوض ، وهو ليس لبنانيا فقط بل انه عربي وانسان حر وراق ومثقف وقائد حقيقي …. رحمة الله عليه .

كم خسرنا برحيلك ياميشيل .

 

سياسي وكاتب فلسطيني

الفيديو

تابعونا على الفيس