د. نادية حكيم
ذهبت رياح الخلافات و النزاعات العربية -العربية بكل المبادئ و الركائز التي يمكن أن تؤسس لعمل عربي موحد و لم يبق من الوحدة العربية سوى أحلام لم و لن تفارق مخيلة أي عربي شريف .. ان راودك يوما ما حلم بأنك عربي تتنقل بدون “تأشيرات سفر “بين دول عربية لا حدود بينها و لا جدران عازلة تفصلها وبلا مطارات مدججة بتكنولوجيا تملك حساسية فائقة لدمك العربي فاختر أن تكون من تشاء ولكن بشرط: كن فلسطينيا- احزن واستعد للشهادة: فللحزن في صدر الفلسطيني ينابيع لا تنضب و عيون لا تنام واعلم بأنك دائما مشروع شهادة مؤجل، ورغم هذا استعد لتكون أبا لعشرة أبناء أو كن لبنانيا واغترب: ففي كل غربة تلوح لك شجرة أرز مبتهجة، تغني حتى على أنغام الرعد ،و ان عدلت عن الهجرة فاتخذ قرارك الى أية دولة في لبنان سوف تنتمي!!.
كن سوريا و تحضر : فللحضارة هناك مسمار في كل جدار لا بد أن تعلق بأحده أثناء مرورك بجانبه ، ولا تغضب إن اعترضتك مئات الجدران المهدمة فالسوري لا يمر بأرض الا و يبعث فيها الحياة . كن مصريا -ابتسم و لا تصمت : فلطالما أهدى النيل مرحه و ثرثرته لكل من مر من فوقه، ومع هذا انس يتمك ما دمت ستصبح ابنا “لأم الدنيا”. كن سودانيا و تواضع : فللتواضع جواز سفر سوداني يخرجه من جيبه أينما حل و لكن اختر للأسف جوازا “شماليا “أو “جنوبيا” ..!!
كن أردنيا و لن تعدم الغاية التي تبرر لك كل الوسائل. ولا تنس أن الميدان الرابع محطة و ليس مستقر. ولا تكن ملكيا أكثر من الملك أو كن تونسيا و اعتدل: فلا يمسك التونسي العصا الا من وسطها. هو يكره أقصى اليمين وأقصى اليسار، و جهز قائمة بأسماء الأشياء التي ستتبرم منها حتى و لو كان الطقس. كن مغربيا: وستسبقك الى هناك السعادة ما دمت في طريقك الى بلاد “السحر” والجمال ولا تنس أن “الدم المغاربي لن يصبح ماءا “أو كن جزائريا: و لحسن حظك سيكون لك وطنان: الوطن الأم و بلد تبناك و تبنى أجدادك على مدى 150عاما من الاستعمار و لكن تبني (الايتام على موائد اللئام ).و لا تنس أن تصطحب معك كل شجاعتك و مبادئك لتحق لك الجنسية كن يمنيا: ولا تنس أن تخبىء خنجرك و طيبتك ريثما تستفيق من غيبوبتك اليومية ولا تنس أن الحرب استثناء أما القاعدة فهي ” حضارة مأرب” كن عراقيا و مت بكرم: فللموت على أرض الرافدين أعذار جاهزة بسخاء كسخاء أهلها، ولا ترض بهوية شخصية تحمل بند “الطائفة ” كن خليجيا : وابسط يديك خارج أسوار بيتك ، فلطالما امتهن الكرم الخليجي “سقاية نياتات الغرباء” أو كن ليبيا.. واستعد لقتال مجهول مع أشباح مجهولة و لكن لسبب معلوم .
وان لم تعجبك أي من هذه الجنسيات، – فكن عربيا وحسب: ولكن اعتبر من قصة للأطفال عنوانها”أكلت يوم أكل الثور الأبيض” – كن عربيا: واعلم..متى؟ كيف؟ و لماذا؟ “وضع الذئب في قن الدجاج” -كن عربيا وتعلم الجمع بعد القسمة وخاصة كيف تجمع الأوطان بعد تقسميها ؟ و أخيرا كن عربيا وتعطر: فللأسف كثيرا ما ستعلق بك رائحة البارود.!!
كاتبة تونسية