وجيدة حافي
أصوات كثيرة ترتفع هته الأيام مطالبة كل من مسؤولي البلدين المغربين الجاريين الجزائر والمغرب بفتح الحدود، ووضع حد للقطيعة التي كانت منذ سنة 1994 بسبب تفجيرات مراكش، وقتها الملك المغربي محمد الخامس رحمه الله فرض تأشيرة على الجزائريين لدخول البلد، فردت عليه الجزائر بغلق الحدود البرية.
مطلب معقول وجميل لأنه سيفتح أفاق كبيرة للتعاون بين البلدين الغنيين بالثروات الطبيعية، فتوفر المغرب على ثروات كثيرة جعلته محل أطماع عبر التاريخ، فموقعه الجغرافي جعله محل أطماع الفينيقيين الذين أقاموا تجارة مع السكان المحليين، روما اعتبرته خزانها للحبوب، أما الوندال فقد نهبوه وما قصروا كما يُقال، فالملح كان من أهم صادراتها حيث كان يُصدره السكان الى السودان ويقايضونه بالذهب، بالإضافة الى المعادن كالحديد والفضة ،خيرات كبيرة لا تقل أهمية عن تلك التي توجد في بلد المليون والنصف مليون شهيد، فنحن بلد بترولي ومن بين الدول الست المهمة المصدرة للبترول، دون نسيان باقي الثروات المهمشة والغير المستغلة كالطاقة الشمسية والموارد المعدنية لأسباب وأخرى، اذن ربما يقول قائل يالله كل هذه الثروات ولا يتم الاتحاد والتعاون، لماذا لا تحدو الدول المغاربية والعربية طريق القارة العجوز ويتفقون ويُنهون كل الصراعات، حلم مشروع ، لكن للأسف تحقيقه على أرض الواقع صعب ومستحيل في هذه الفترة بالذات، فلا يجب التعامل مع القضايا الحساسة بالعاطفة، فالمشكل ليس في أبناء الشعبين ، بل هو أكبر من هذا، وحتى لا نقع في الخطأ مرتين شخصيا أطالب بالتريث في هذا الموضوع ودراسته بجدية وبعيدا عن المشاعر الفياضة، فالوحدة العربية والمغربية حلم كل الشعوب والمواطنين الذين ملوا من الغربة واجراءات السفر المعقدة ، فهناك مغاربة يملكون أهالي في الجزائر والعكس صحيح ولكن ظروف الحياة القاهرة واغلاق الحدود وغيرها من المطبات حالت دون تحقيق أهدافهم ورؤية أهاليهم بعد غياب طويل جدا، فهل ستُفتح الحدود وتزدهر التجارة بيننا وبين المغاربة؟ ومتى يتحقق هذا؟ وهل أنتم مع الفكرة أو ضدها؟ صراحة أنا ضدها وهذا لا ينقص من احترامنا للشعب المغربي وأصدقائنا هناك، بالعكس فهم من طينة محترمة ويكفينا شرفا أننا نتقاسم كل مقومات العروبة والاسلام، عاداتنا وتقاليدنا ولهجتنا تقريبا واحدة، لكن هناك معوقات تمنع هذا التقارب والاتحاد، وهي وجهة نظر قابلة للنقد وتحتمل الصح والخطأ وأولها:
مشكلة الصحراء الغربية، فقبل التفكير في لم شمل البلدين، لنحاول تقريب وجهات النظر حول الصحراء الغربية، فالجزائر شعبا وحكومة تساند الصحراويين، وصدقوني لن نصل الى حل أبدا حول هذه القضية، فهي تشبه في حياكتها القضية الفلسطينية، معقدة وصعبة الحل، كل طرف يحاول استرجاع حقه والظهور بمظهر الحمل الوديع، ودفع الاخر للتنازل دون شروط، وهذا خطأ كبير، هذا بالإضافة الى مشكلة أخرى تخصنا نحن الجزائريون، وكجزائرية دائما أطرح هذا السؤال وأقول ما مصير تندوف وجزء من مناطق بلدنا اذا استقل الصحراويون ؟؟؟ أرأيتم عمق المشكل أين، كثير من الناس يقولون أن الكبار عملوها والصغار حصلوا فيها، وهم يقصدون الرئيس الجزائري رحمه الله بومدين الذي بارك تقسيم الصحراء بين المغرب وموريتانيا سنة 1970 في مؤتمر نواذيبو، بموريتانيا، وفي منتصف السبعينات تحولت المباركة الى تأييد لجبهة البوليساريو لانتزاع استقلال الاقليم، فالرئيس الراحل عمل المستحيل لمساندة جبهة البوليساريو ومات والقضية مازالت لم تجد حلا ونهاية.
مشكلة المخدرات والتي تعرف انتشارا كبيرا في هذا البلد، صحيح أن المتعاطين والبائعين في كل مكان، لكن النسبة مرتفعة بشكل مقلق حسب احصائيات 2012 فنسبة المخدرات التي تباع على المستوى المحلي قدرت بمليار ونصف مليار درهم مغربي، بالإضافة الى هذا فالمغرب كان يُصنف من بين الدول الأكثر تصديرا للحشيش وخاصة في منطقة الريف، مما استدعى بالسلطات الأمنية لاتخاذ الاجراءات اللازمة للحد من هذه الظاهرة المقلقة من عهد الاستعمار الفرنسي، وايقاف عمليات التهريب الى الجزائر والبلدان الأخرى
وطبعا يبقى هذا المطلب شعبيا غائبا عن حساب الساسة، فهل سيتحقق المطلب بعد بوتفليقة وتُفتح الحدود؟ فكل المؤشرات التي يمر بها المغرب العربي تستدعي اتحادا بينهم لتجنب الكوارث التي حدثت وتحدث في الشرق الأوسط، فمهم جدا أن نتفق ونضع كل الخلافات جانبا لسلامة بلداننا وتطورهم، وفي الأخير نقول هل سيأتي اليوم ويتفق المغرب والجزائر على شيء؟ نبقى ننتظر ونترقب خصوصا مع تزايد بؤر التوتر والصراع في العالم، وتحول بعض الدول الى عملاء لقضاء ماربها ومصالحها، مطلب مشروع وحلم نتمنى أن يُلقى له حل في القريب العاجل، لأن كل هذا له تبعات اقتصادية لكلا الطرفين على السياحة والتجارة، الاتحاد المغاربي الذي أسس سنة 1989 لحد الان لم يصل لاتفاق اقتصادي بسبب الصراع بين البلدين،
كاتبة من الجزائر