خالد ابوقدوم
هل تذكرون في عام 2010 عندما مثل المدير العام لشركة تويوتا ” اكيو تيودا “باكيا امام الكونغرس الامريكي؟ طبعا لا احد يتذكر.. ما علينا.
المهم.. هذا المدير الياباني بوجه الاصفر، قدم اعتذاره عن فعله الاسود، بتزويد السوق الامريكي بسيارات بها خلل بالفرامل، تسببت بحوادث مخلفة 40 ضحية !!حينها سحبت تويوتا من الاسواق العالمية 9 ملايين مركبة للتصليح.. سيارة بظهر سيارة.. ليس بينها ولا حتى نصف مركبة من الوطن العربي!!
تبًا لكم ايها الامريكيون “بتسوو من الحبه قبه”.. نحن بمركبة واحدة..فقط واحدة.. مات اختناقا بعربة ترحيلات 37 رجلا، يجلس في كروش بعضهم البعير، فيما يقف التيس على زنود البعض الاخر، “ومحدش سمع صوتنا”، وانتم تولولون على 40 ضحية نتاج 482 الف سيارة في امريكا تعاني العطل.. هزلت والله.. اي والله هزلت !! لا ادري اين المشكلة بسائق يقود سيارته بفرامل “نص نص” او ” نس نس” بعد تدليع الصاد، فيدهس من المارة ما شاء الله له ان يدهس، قبل ان يولي هاربا.. اريد علجا من العلوج يخبرني ؟!
تخيلوا بخيالكم الواسع او الضيق لا فرق.. لو ان عطلا بتويوتا حدث مجددا، فهل من الممكن ان يقف تيودا هذه المرة على سبيل المثال في احد البرلمانات العربية صاغرا، يقدم اعتذاره عن السيارات “المضروبة” ويخاطبهم بلغتهم كما خاطب الامريكيين بلغتهم قائلا جملة حفظها عن ظهر “كلب”، لزوم الاعتذار: “والله العظيم لو انفع اتباع لـ اتباع”.. ام انه سيدخل البرلمان كمقاتل ساموراي، شاهرا سيفه، متطايرا الشرر من عينيه، والبخار من انفه، مخاطبا البرلمان بلغته اليابانية الفصيحة : ” نحا نيحا.. بيهي بيهي.. بيهي بو” وترجمتها للعربية : ” اللي مش عاجبه يشرب من مية البحر” !! طبعا كلامه من باب “اللي تعرف ديته اقتله”.. ولان دية العربي معروفة القيمة والوزن والاسم والعنوان، فسنبلع كلامه هذه المرة من شباك “اللي تكره وشه يحوجك الزمان لقفاه ” .. والقفا لو تعلمون عظيم، ويصعب التفريط فيه، وبه تغنى المغنيون : آآآه يا قفا.. آآآه يا قفا.
يبدو ان “سعر صرف المواطن” هو انعكاس لسعر صرف عملته والعلاقة طردية، ولذلك ادار تيودا محرك سيارته باتجاه البيت الابيض وهكذا هي العولمة !!
ان الاخبار كثيرا ما تطالعنا فنطالعها، عن الخلل المصنعي لقطعة ما بمختلف الماركات، كالوسائد الهوائية التي تصنعها شركة “تاكاتا” لعديد من انواع السيارات وعلتها بانفجارها المفاجيء، وقد تسببت بوفاة 8 اشخاص في امريكا وحدها، فسحبت 55 مليون سيارة بالعالم، وكالعادة يا سادة.. لم تحظى بشرف السحب مركبة واحدة من بلاد الضاد.. وهذا معناه ان العربي الذي تتقاذفه الحروب يمنة ويسرة وتأتيه المنايا من كل مكان، ان لم يمت بقذيفة ..مات بوسادة هوائية.. تعددت الاسباب.. والموت واحد!!
العامل المشترك في الامثلة السابقة، ان العرب غير مشمولين بالموضوع “متلكا” على قول الممثلة نعيمة الصغير، لانعدام السند!! فاصبح “النفر العربي” عالميا لا يساوي سعر “الخروف العربي” وبان هذا كشمس الظهيرة بتعويضات امريكا للضحايا العراقيين، مقدمة لهم مبالغ لا تغطي تكاليف الدفن، فيما الغربي على الضفة الاخرى من الانسانية، يساوي ملايين الدولارات وطائرة لوكيربي مثال.. فعلا كما تقول عمتي القاطنة بالحي المجاور:”هم يبكي وهم يضحك وهم برجر!!
الامر بالغ الحساسية ولن تنفع معه المسكنات او ادوية الزكام، وعليه نتمنى من الشركات العربية المستوردة في المشكلة القادمة، والمشاكل “على قفى مين يشيل” ان تسحب بعض السيارات ضحكا على الذقون، او “ذرّا للفرامل بالعيون”، مع ثقتي ان الوحيد القابل للطرق والسحب بدولنا هو المواطن.. يسحب من الاسواق، ويسحب من الطرقات، ويسحب من فراشه ايضا!! ومن يدري مثلما تفجرت ثورات الربيع العربي بسبب عربة خضار، قد تكون “عربية” مواطن عربي سببا بتجديد ثورات الربيع، بعد ان يتقمص الدور ويذهب لاحد وكلاء السيارات ببلده لاصلاح العطل المنتشرة اخباره بالعالم، فيلعب به الموظفون “تيكي تاكا”ولمن لا يعرفون معناها.. اسألوا جوجل..ان كنتم لا تعلمون، فيخرج من الوكالة وقد ضاقت به الارض بما رحبت، صاعدا فوق سيارته حارقا نفسه ومركبته بمشهد هوليوودي، فتخرج المظاهرات في ذلك البلد العربي رافعة شعارا “الشعب يريد سحب السيارات” وربما خرج الموضوع ولم يعد، فيطلب النظام وقتا مستقطعا لالتقاط الانفاس ولكن بعد ماذا..آلآن وقد عصيت قبل!!
عضو جمعية الصحفيين الكويتية
عضو اتحاد الصحفيين العرب
عضو الاتحاد الدولي