ربى يوسف شاهين
في خضم الحروب المفتعلة إقليمياً في المنطقة بشقيها السياسي والعسكري، والتي تتصدر الولايات المتحدة زعامتها، لا يخفى على أحد أنها تنطوي على خبايا مبيّتة تتمثل اولاً في استعراض القوى الدولية لترساناتها البرية والبحرية والجوية، وتعتبر المساحة المائية الهائلة من محيطات وبحار ومضائق وخلجان وانهار من اهم اسباب الرغبة في السيطرة السياسية والعسكرية.
تحالفات كثيرة تمت تحت هذا البند المائي، والذي وافقت عليه بلدان الخليج وبلدان افريقية، سواء بالرغبة منها طواعية او فرضاً عبر اتفاقيات او مبايعات او صفقات تجارية تتخذ أشكال العقود التجارية، وهي قد تكون مبطنة وخصوصا للدول التي لاتعد دول ذات سيادة مطلقة، بسبب بعض حكامها الراضخين للشروط الامريكية والغربية عموماً.
غنى منطقة الشرق الاوسط بمضائق وخلجان هامة، تصل الشرق بالغرب، ومع وجود ما يسمى بالفكر العولمي او السيطرة العالمية للغرب عليها، عبر أبحاث ودراسات جَهزت لها هذه الدول الغربية لعقود خلت، وادركت مدى الربح الاقتصادي الكبير الذي تدره عليها، وكانت امريكا السباقة في غزو هذه المناطق تحت مسمى العلاقات الاستراتيجية بين دول الغرب والشرق، لتُمكن لنفسها أساطيلَ بحرية تُراقب كل من يعبر هذه الممرات المائية، كما هو الأسطول الأمريكي الخامس في البحر المتوسط، والذي يتخذ من المياه الإقليمية المقابلة للبحرين قاعدة له، ويصفه خبراء أميركيون بأنه أكثر الأساطيل الأميركية الإستراتيجية أهمية في منطقة الخليج العربي وفي دولة البحرين، حيث وقعت المنامة مع واشنطن بعد حرب الخليج الثانية عام 1991 اتفاقاً عُرف بـ “التعاون الدفاعي”، اوجدته الولايات المتحدة لتَعرّض بواخرها للقرصنة البحرية.
ومع تعزيز أمريكا لتواجدها عبر اساطيلها البحرية وقواعدها العسكرية، باتت لا تخشى على نفسها من حدوث انتهاكات لسفنها، والتي لم تسجل أي اعتداء على أي باخرة او ناقلة تحمل العلم الامريكي.
لكن الاسباب الحقيقية لتواجد هذا الاسطول في منطقة الخليج العربي يكمن في الاسباب التالية:
أولاً: تحقيق الهيمنة الامريكية الغربية على هذه الممرات المائية كونها القوة العظمى.
ثانياً: الدراسات والابحاث في علم الجيولوجيا الذي يعتبر أحد العلوم الطبيعية، التي تختص بالأرض وما عليها من كائنات، ونشأتها وتاريخ تطوُّرها ومحتوَياتها، من مكوِّنات طبيعية وما يوجد بها من معادنَ وصخور، ومياهٍ وبترول، وغيرها، والتي تدرك اهميته الدول الغربية لتحقيق التفوق الاقتصادي بكل اشكاله.
ثالتاً : خلق ما يسمى بحرس الحدود البحرية الامريكية لتكون هي المسيطر الاول على هذه الثروات المنبثقة جيولوجيا.
رابعاً: تامين ممرات بحرية آمنة للكيان الاسرائيلي فيما مضى بسبب الصراع العربي الفلسطيني الذي كان يشكل إجماعا عربيا.
خامساً: توسيع رقعة السيطرة الأمريكية الغربية للاستثمار في الشرق الاوسط كدولة فاعلة لهذا الشرق، والذي بدوره يؤمن لها مقعدا في التدخل الداخلي والخارجي.
سادساً
والاهم انها تبقى اكثر قربا من الكيان الاسرائيلي في حال نشوب حرب عليها لتحقيق وتوفير امن اسرائيل القومي من الشرق الى الغرب.
لذلك نجد أهمية مضيق باب المندب ومضيق هرمز بالنسبة لواشنطن، حيث تعتبرهما منفذان هامان للتجارة العالمية، ومع توتر العلاقات والحروب القائمة في اليمن والملفات الشائكة مع طهران، لابد من حماية هذان المضيقان من أصحابهما اللذان لا يتفقان والسياسة الامريكية، وخصوصا بعد أن اثبتت إيران مقدرتها على الصمود في وجه الغطرسة الامريكية والإرهاب الاقتصادي الذي تشنه على تصدير نفطها وغازها، في محاولة لكسر قوة المحور المقاوم في اليمن وسوريا وايران وفلسطين.
في المحصلة، ما تشهده الساحة البحرية في مضيق جبل طارق واحتجاز ناقلة النفط الإيرانية من قبل القوات البريطانية، يأخذ شكل القرصنة البحرية الدولية، لانتهاكه كل المواثيق والقوانين البحرية، رغم ان من تدعي محاربة القرصنة اي امريكا، توكل مهام العربدة البحرية لحلفائها في مناطق تواجدهم،ولذلك نجد القطب المقابل لأمريكا وهو الأسطول الروسي في البحر الأسود، صرح في بيان له أن سفينة الصواريخ التابعة لأسطول بحر قزوين “أوغليش” انضمت إلى مجموعة منطقة البحر الأبيض المتوسط، وبالتالي عززت قوة الأسطول البحري في تلك المنطقة.
فشرارات الحرب قد تندلع إذا ما لم يتم إعمال العقل السياسي المتوازن في تلك المناطق المشتعلة سياسيا حتى الآن، ولاحقا عسكرياً.
كاتبة سورية