انتهت، اليوم الثلاثاء، مُهمة الرئيس الجزائري المُؤقت عبد القادر بن صالح وفقاً لنص الدستور، في وقت تستمر حالة الانسداد السياسي، رُغم بُروز مؤشرات توحي بإمكانية التوافق بين السلطة وجناح من المعارضة بعد تنازله عن مطلب رحيل بن صالح ( أحد الباءات المتبقية ) واستمراره إلى غاية انتخاب رئيس شرعي مقابل استبعاد حكومة نور الدين بدوي المرفوضة شعبية، في وقت يصر جناح ثاني من المعارضة على رحيل بن صالح ويعتبر أن بقاءه غير دستوري، رغم الفتوى التي أصدرها المجلس الدستوري.
وكانت المحكمة الدستورية قد استبقت القضية وأصدرت مطلع يونيو / حزيران الماضي فتوى باستحالة تنظيم الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة يوم 4 يوليو/تموز الجاري، ومن ثم التمديد لرئيس الدولة حتى انتخاب رئيس جمهورية جديد، رغم رفض الحراك وأحزاب سياسية الاعتراف بشرعية الإجراء.
وبخصوص مصير رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح إلى حين انتخاب رئيس الجمهورية، قال المجلس الدستوري في فتواه ” بما أنَّ الدستور أقر أن المهمة الأساسية لمن يتولى وظيفة رئيس الدولة هي تنظيم انتخاب رئيس الجمهورية، فإنه يتعيّن تهيئة الظروف الملائمة لتنظيمها وإحاطتها بالشفافية والحياد، لأجل الحفاظ على المؤسسات الدستورية “.
وتنقسم المعارضة اليوم إلى كتلتين، كتلة “البديل الديمقراطي” التي تضم سبعة أحزاب سياسية أبرزها حزب جبهة القوى الاشتراكية والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وحزب العمال اليساري، وتصر هذه الكتلة على عدم الاعتراف ببن صالح رئيساً للدولة بعد 9 يوليو، وتطالب بمرحلة انتقالية بقيادة رئيس انتقالي أو مجلس رئاسي من الشخصيات المستقلة، وهو المطلب الذي ترفضه جملة وتفصيلا مؤسسة الجيش التي تُصنف كفاعل رئيسي، بسبب العواقب التي ستنجر وراء الفراغ الدستوري.
أما الكتلة الثانية فتضم قطاع عريض من أحزاب المعارضة على غرار حركة مجتمع السلم الجزائرية ( أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد ) وحزب طلائع الحريات بقيادة رئيس الوزراء السابق على بن فليس وأيضا جبهة العدالة والتنمية ( حزب إسلامي )، وأظهرت هذه الأحزاب موافقتها في اجتماع عقدته السبت على خطة بن صالح لكنها وضعت شروطا بالمقابل قالت إنها ” ضرورية ” قبل الجلوس على طاولة الحوار.
ويتفق المتابعون للشأن السياسي حول استمرار للرئيس بن صالح في منصبه بعد نهاية الآجال المحددة دستوريا لكن ستكون المرحلة القادمة مثقلة بالضغوطات.
واعتبرت حركة مجتمع السلم، أن الجزائر تواجه اليوم بخروجها الفعلي من الإطار الدستوري الذي نصت عليه المادة 102 تحديا كبيرا. وفي بيان تُوج اجتماع المكتب التنفيذي لحركة مجتمع السلم، دعا تنظيم إخوان الجزائر إلى تظافر الجهود للعودة للمسار الانتخابي الشفاف والنزيه ضمن الآجال المعقولة على أساس الشعبية برحيل رموز النظام السياسي.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي احسن خلاص، أنه ” لا يمكن الحديث في الظرف الحالي عن فراغ دستوري بل هناك فراغ في دستورية المؤسسة الرئاسية بالتدقيق “، ويعتقد المتحدث أن ” المجلس الدستوري ( المحكمة الدستورية ) المخول بإبداء رأيه في هذه المسألة، لأن البيان الأخير الصادر مطلع يونيو / حزيران الماضي تضمن الكثير من الثغرات والغموض “.
وقال خلاص، في تصريح لـ ” رأي اليوم ” إن ” المرحلة القادمة ستكون محملة بضغط أكبر، فالحكومة التي يفترض أن تبقى حتى تسلم رئيس الجمهورية الجديد لمهامه ليست دستورية، فهي لم تعرض مخططها على البرلمان للمصادقة عليه والدستور واضح في هذا الشأن، ومن المفترض أن لا تشرع في عملها إلا بعد مصادقة البرلمان على مخططها “، إضافة إلى ذلك أشار خلاص أن ” مجلس الأمة ( الغرفة الثانية للبرلمان ) ليس له رئيس والمجلس الشعبي الوطني أيضا وحتى المجلس الدستوري “.