د. مها القصراوي
نقف أمام موقف سلطة رام من ورشة البحرين متسائلين، وماذا بعد الرفض ، أليس من الأجدى ان تنسف معاهدة أوسلو وتحل السلطة وتوقف التنسيق الأمني وتحسم قضايا كثيرة عالقة بين الطرفين، لمصلحة من هذا الصمت الفعلي،،،
في الواقع وعبر وسائل الإعلام لا نسمع سوى تصريحات من رجال السلطة ترفض وتشجب وتستنكر، لكن التنسيق والاعتقالات ما زالت قائمة، وهذا يثير العجب الذي يصل إلى درجة السخرية ووصف هذا الموقف بالعبثي،،،،
ولعلي أوجه اللوم إلى بعض الفضائيات المقاومة التي تحجز البث وتأخذ من وقتنا وهي تستضيف احد رجال سلطة رام الله وهو يتحدث بكلام وعبارات تثير الاشمئزاز ونحن نعرف ما حقيقتهم، انهم ليسوا احسن بكثير ممن اجتمعوا في ورشة البحرين، ما دام الموقف مجرد كلام ولا يوجد فعل حقيقي يكشف تحولا ما، وكما يقول المثل، أسمع كلامك أصدقك وأشوف أمورك أستعجب، وهذا ينطبق على النظام السياسي العربي من الكيان الصهيوني بما فيهم سلطة رام الله
وفي اجتماع بيروت (متحدون ضد صفقة القرن) نسمع تصريحات احد رجال السلطة يندد ويشجب ويجلس كتفا بكتف مع رجال المقاومة، فكيف يمكن لخطين متوازيين أن يلتقيا وعلى أية أرضية يمكن ان يلتقيا، والمنطق الرياضي يقول، ان المستقيمين المتوازيين لا يلتقيان أبدا، فكيف تلتقي المقاومة مع سلطة المال والتنسيق الأمني، ما هو المشترك بين الخطين،،،
لقد عاش الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال، لم يكن عنده هموم الراتب والقرض والوظيفة، وإنما كان يعيش من ارضه وبكرامته ويقاوم المحتل، لانه يؤمن ويعمل على مشروع حركة تحرر وطني، فجاءت الانتفاضة الأولى التي هندسها الشهيد أبو جهاد وفي عام ١٩٨٨ تم اغتياله، وجاءت مدريد وأوسلو واغتالت الانتفاضة الأولى، وهزمت مشروع التحرر الوطني حيث أغرقت الضفة وغزة بالأموال، وصدق البعض ان إسرائيل ستمنح الفلسطينيين دولة، واعتقد بعضهم ان سلطته دولة، واستطاع الكيان الصهيوني ان يشغل المجتمع الفلسطيني بالضفة بمتطلبات الحياة اليومية وغفل عن مشروعه العظيم في التحرر، وغرق الإنسان الفلسطيني في القروض وانتظار الراتب، ولعل ابسط ما يمكن ان يقال عن السلطة انها لم تستطع بناء اقتصاد فلسطيني بمنأى عن الاحتلال ولو بشيء بسيط. أما غزة فقد اكتشفت المقاومة خطورة المال السياسي القذر ، فانقلبت عليه، هذا المال الذي وظف في الضفة ونجح ولو بصورة مؤقتة، والدليل ان هذا المال لم ولن ينجح، محاولة السلطة تحشيد الشارع للخروج في مظاهرات في الضفة ضد ورشة البحرين،لكن الخروج لم يكن قويا، ليس لان الفلسطيني فقد إيمانه بعدالة قضيته، وإنما فقد إيمانه بزمرة رام الله التي هي جزء لا يتجزأ من الخراب السياسي العربي، وهذا يدل بصورة قوية ان الفلسطيني في الضفة لم يعد يثق في هذه السلطة التي باتت تعيش أزمة وجودية، ان لم تنه نفسها فسوف ينهيها الاحتلال.
كاتبة فلسطينية