حمى كراهية اللاجئين السوريين في لبنان

سبت, 07/06/2019 - 16:37

عبير الحيالي

السوريون من أسباب انقطاع الكهرباء في لبنان (سيزار أبي خليل)

السوريون قنابل موقوتة ووجودهم يهدد لبنان (جورج باسيل)

السوري سبب مرض السرطان في لبنان!”قناة تلفزيونية لبنانية شهيرة”

بسبب السوريين اقتصاد لبنان على حافة الانهيار وميزانية 2019 لاتشمل السوريين (سعد الحريري)

“ممنوع تجول السوريين بعد الساعة السابعة مساءً”!

هذه العبارات العنصرية ماهي إلا نماذج لآلاف الجمل المشابهة التي تم اختيارها من الشارع السياسي والإعلامي اللبناني، والتي بدورها تعكس طريقة تناولهم لوجود اللاجىء السوري على أراضيهم. ناهيك عن الأغاني والبرامج التلفزيونية ووسائل التواصل الاجتماعية التي جعلت من السوري مادة دسمة لسخريتها وممارساتها العنصرية.

 تتجلى حملة الكراهية الإعلامية والسياسية اتجاه اللاجئ السوري بطرق مختلفة كتضخيم أعداد اللاجئين السوريين، وإلقاء اللوم عليهم في تراجع الخدمات كالنظافة، والكهرباء، ووصفهم بمجموعة من اللصوص المسؤولين عن عمليات السلب والنهب التي ارتبطت بالتضخم الديموغرافي الذي أدى بدوره إلى “ارتفاع نسبة الجريمة” بحسب تصريحات بعض المسؤولين اللبنانيين. ومن الأهمية بمكان هنا الإشارة إلى عدم وجود دليل يؤكد العلاقة بين اللاجئين السوريين وارتفاع معدل الجريمة، ولكن من المؤكد أن مثل هكذا تصريحات شجعت على خلق نقمة مجتمعية وزيادة الأعمال العنصرية ضد السوريين. فعلى سبيل المثال، أفاد موقع “لبنان الحر” في مقال تم نشره في كانون الثاني من عام ،٢٠١٨ نقلاً عن مصدر أمني رفيع المستوى، بأن نسبة الجرائم المرتكبة من قبل السوريين بحق اللبنانيين تشكل ٥٪، أما الحالة العكسية وهي معدل الجرائم المرتكبة من قبل اللبنانيين بحق السوريين سجلت ٧.٧٪ من معدل الجرائم، وأما تلك التي يرتكبها اللبنانيون بحق بعضهم البعض فتشكل ٦٠٪ من الجرائم. فهل كان الجانب اللبناني منصفاً في طرحه لإشكاليات اللجوء السوري إلى لبنان؟ وهل فعلاً أظهر حقيقة مااستفاده من هذا اللاجئ أم تناسى عن قصد بقية قصة تعقيدات اللجوء السوري؟

أثرت الحرب في سوريا على الاقتصاد اللبناني بأشكال مختلفة وليس فقط اللجوء، كانخفاض معدل الصادرات اللبنانية إلى شبه الجزيرة العربية عبر المعابر الأردنية، وتراجع الموارد السياحية، بالإضافة إلى انخفاض الواردات الصناعية السورية ذات الأسعار المنخفضة مما أجبر اللبنانيين على إيجاد أسواق بديلة للمواد الأولية. كما ألقى اللجوء السوري بظلاله السلبية على لبنان كغيره من دول الجوار، وربما كان أبرزها الضغط على خدمات المياه والكهرباء، إلى جانب المزاحمة على سوق العمل حيث ترك آثاره بشكل واضح وخصوصاً في القطاعات ذات المهارات المحدودة ممارفع معدل البطالة بين أوساط اللبنانيين. ولكن في المقابل تلقى لبنان دعماً مالياً كبيراً وصفه أحد مسؤولي برنامج الغذاء العالمي بأنه أنقذ الاقتصاد اللبناني من الانفجار! موضحاً حجم المساعدات التي تلقاها لبنان التي وصلت إلى ٦٠٠ مليون دولار بشكل تحويلات نقدية حتى عام ٢٠١٩، بالإضافة إلى قسائم شرائية تستخدم من قبل اللاجئين، ويستفيد منها مايقارب ٤٥٠ مركز للبيع في لبنان بعد تعاقدهم مع البرنامج، وغيرها من المساعدات التي قدمت من قبل الوكالة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة.

أظهرت دراسة لمعهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأمريكية في بيروت، أن قيمة حزمة المساعدات التي قدمت للبنان منذ عام ٢٠١١ وحتى بداية ٢٠١٧ والتي كانت قيمتها ١.٢٥٨ مليار دولار قد ضخت في الواقع ٢.٠١ مليار دولار في الاقتصاد اللبناني، وهذه المبالغ بدورها أنعشت الاقتصاد. كما أشارت إلى أن ٨٠ في المئة من اللاجئين السوريين يدفعون قيمة إيجاراتهم بأنفسهم، وهو بطبيعة الحال انعكس ايجاباً على سوق العقارات، وأن قيمة العقارات التي امتلكها السوريون في لبنان وصلت إلى ٨٧ مليون دولار في عام ٢٠١٦.

لم تفوت الحكومة اللبنانية أي فرصة لتحميل مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للاجئين، ولطالما عكست الجانب السلبي لهذا الوجود متجاهلة الجوانب الإيجابية. كما أنهم تجاهلوا الآفات الاقتصادية والاجتماعية المزمنة في لبنان التي نتجت عن سياسات اقتصادية وسياسية غير منتظمة لمدة عقود. وُصم اللاجئ السوري في لبنان بأنه أدنى ثقافياً واجتماعياً، وحملوه مسؤولية خراب البلد، وتحول إلى كبش الفداء الذي تلصق به الصفات الأكثر خطراً. وازدادت الخطابات الشعبوية ضده والتي بدورها تشجع على الاعتداء عليهم وتؤجج مشاعر الكراهية تجاههم. وهو ما أدى إلى مفاقمة هشاشة اللاجئ الاجتماعية والاقتصادية والقانونية. في حقيقة الأمر لايوجد جدران بين الإنسان وأخيه الإنسان، ولكن يوجد أزمة سياسات وانقسامات قطعت جسور التواصل الإنساني واستبدلتها بجدران عازلة لصوت التضامن والإخاء والرحمة، ناشرة لصوت التعصب والتمييزوالكراهية.

باحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية/ لندن

الفيديو

تابعونا على الفيس