قال المحلل السابق في الوكالة المركزية للاستخبارات الأمريكية “سي آي إيه” والزميل في معهد بروكينغز، في مقال بموقع (المونيتور)، إن على نقاد ترامب إعادة النظر في سياسة الولايات المتحدة تجاه السعودية.
وأضاف أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جعل من السعودية أول محطة له بعد انتخابه وتبنى قيادتها بدون أية مساءلة وهناك إمكانية ان تكون السعودية هي المحطة الأخيرة لسياسته الخارجية لو خسر انتخابات الرئاسة عام 2020.
ورغم زيادة القلق من تصرفات ولي العهد المتهور والخطير، محمد بن سلمان، إلا أن ترامب تبناه في قمة العشرين التي عقدت في أوساكا- اليابان كما فعل في كل مرة التقاه. كل هذا رغم التقرير الصادر عن الأمم المتحدة والذي كشف عن مسؤولية ولي العهد عن القتل العمد للصحافي في صحيفة “واشنطن بوست” جمال خاشقجي الذي دخل العام الماضي قنصلية بلاده في اسطنبول ولم يخرج منها.
وتابع أنه ستعقد قمة العشرين المقبلة في الرياض وبعد أسابيع من الإنتخابات الرئاسية الأمريكية. وربما تحول ترامب إلى بطة عرجاء لو خسر، ولن تكون الكثير من الدول مستعدة للاستماع إلى نوبات غضبه على التويتر. فجريمة القتل التي تمت بدم بارد لخاشقجي شنيعة إلا أنها تتقاصر مع مبادرة ولي العهد التي أصبحت توقيعه وهي الحملة العسكرية في اليمن. فقد اعتقد بغباء أنه قادر على تحقيق نصر سريع وحاسم ولهذا شن حربا على اليمن بدون استراتيجية أو هدف يمكن تحقيقه ويقود لوقف الحرب. وبعد أربعة أعوام تحولت الحرب إلى جمود قاتل.
وشن السعوديون وحلفاؤهم أكثر من 20 ألف غارة جوية على اليمن فيما شن المتمردون الحوثيون هجمات صاروخية ومقذوفات وطائرات بدون طيار على المملكة. ولم يزر ولي العهد مدينة عدن مقر الحكومة التي يدعمها في وقت بات حلفاؤه يبتعدون عنه، حتى الإماراتيين بدأوا بتخفيض وجودهم في اليمن. وكانت النتيجة الفظيعة للحرب في اليمن هي أسوأ كارثة إنسانية في العالم.
وكتب خاشقجي وكان محقا فيما قاله إن محمد بن سلمان هو المسؤول عن الجرائم في اليمن ويجب محاسبته.
السعودية وشاه إيران
ويرى الكاتب أن هناك موازنة مثيرة للإنتباه في علاقة الولايات المتحدة اليوم مع السعودية وتلك التي كانت مع شاه إيران في القرن الماضي. وفي كلا الحالتين باعت أمريكا كميات كبيرة من الأسلحة بدون التركيز على الطريقة التي ستستخدم فيها. وفي كلا الحالتين تمت شخصنة علاقات ثنائية وتحويلها لمصادقة غير محدودة على رؤى ملكية وهمية عن المستقبل ولا علاقة لها بالواقع.
ويقول ريدل إن السعودية لم تعبر يوما عن اهتمام بالديمقراطية لكن حكام السعودية السابقين بحثوا عن إجماع، وما فعله محمد بن سلمان هو أنه هز النخبة في البلد من خلال حملة مكافحة الفساد. صحيح أن معظمهم من الفاسدين ولكن الذي يحاكمهم ليس نظيفا أيضا. وربما لم تكن مصادفة نشر الصحافة التي يسيطر عليها بن سلمان مقالة لحفيدة الشاه.
وفي حالة إيران غضت أمريكا نظرها عن ضعف الحليف الإمبريالي، وتجاهلت تبجحه ولم تنتبه إلى النقد الموجه إليه من مواطنيه وتظاهرت أمريكا أن إصلاحاته حقيقية.
ويقول ريدل “حتى نكون منصفين للرؤساء من أيزنهاور إلى كارتر فقد كنا بحاجة لإيران أكثر من حاجتنا إلى السعودية اليوم. فقد كانت إيران حاجزا لليهمنة السوفييتية على الخليج الفارسي. وكانت أمريكا ودول الناتو بحاجة للنفط من الخليج بأسعار معقولة”. ولكن الوضع مختلف اليوم فأمريكا هي أكبر مصدر للنفط في العالم وتحاول السعودية الحفاظ على أسعار النفط مرتفعة وكذلك روسيا. ولم يعد الحلف الذي عقد بين أيزنهاور والملك عبد العزيز سعود القائم على النفط مقابل الحماية، مهما.
ويضيف الكاتب أنه طبعا لا تزال هناك مصالح يتم خدمتها من خلال شريك مناسب في السعودية وحوار بناء مع الرياض. ولكن هناك حاجة لإعادة تشكيل العلاقات في عام 2021 لو بقي محمد بن سلمان ولي العهد. وأحسن مكان يتم فيه إعادة النظر هو تغيير الصورة فيجب أن لا تكون هناك صور ساذجة، ويجب علينا أن نعامله كما هو: قاتل ألاف الأشخاص. وكأسوأ أمير ديكتاتوري في تاريخ البلاد الحديث والذي يسجن كل شخص من سلفه ولي العهد إلى النساء الداعيات للإصلاح ويجب عدم منح ولي العهد وحاشيته تأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة.
ويرى أنه بعد ذلك يجب تغيير العلاقة المتعلقة بصفقات السلاح، فلا معدات عسكرية ولا ذخيرة أو قطع غياب أو مساعدة متقدمة للحرب في اليمن. ويجب على السعوديين الإلتزام، وخلافا لترامب فلا يمكن إدارة معدات أمريكية بدعم من الصين أو روسيا، ولو انضم البريطانيون فستصبح آلة الحرب السعودية وهي غير مثيرة للإعجاب، عاجزة. وبدأ الكونغرس بعدد من الخطوات التي تركت خطوات على المملكة. ولا تريد العائلة المالكة فك العلاقة مع أمريكا رغم ما تبديه من شكوى. ويرى الكاتب أن التحول في المسار مع السعوديين يجب أن يكون جزءا من تغيير واسع في السياسة تجاه المنطقة بما فيها إيران. وكانت اتفاقية باراك أوباما ناجحة في وقف النشاطات النووية الإيرانية إلا أن الخروج الغبي منها دفع المنطقة إلى حافة الحرب التي قد تؤدي لخسائر في المال والأرواح. ويجب على الأمريكيين تشجيع السعوديين فتح حوار ثنائي مع إيران. فالمواجهة الحادة بينهما خطيرة ولا تصب في صالح السعودية. وأشار ريدل إلى مقالة كتبتها الباحثة في وقفية كارنيغي ياسمين فاروق وقالت فيها إن السعودية ستكون الخاسر الأكبر في أي حرب مع إيران.
ويختم المقال بالقول إنه وفي الوقت الذي يجب أن لا تتدخل أمريكا في اختيار القيادة بالسعودية لكن عليها أن تعبر عن موقفها بوضوح. فمن الأفضل الإبتعاد عن ولي العهد وللأبد بدلا من تبني أمير خطير وطامح.