قرر قاضي التحقيق لدى المحكمة العليا في الجزائر إيداع أحمد أويحيى رئيس الوزراء السابق الحبس المؤقت، بعد جلسة تحقيق دامت قرابة ثلاث ساعات، وذلك عقب تضارب في المعلومات واعتقاد الكثيرين أن أويحيي سيغادر المحكمة مثلما وصلها، ولكن في النهاية قرر القاضي ايداعه سجن الحراش، في خطوة كانت متوقعة، بالنظر إلى ثقل التهم الموجهة إليه، ومطلوبة من طرف ملايين الجزائريين، الذين كانوا دائماً يرون أن أويحيى هو أسوأ مسؤول عرفته الجزائر، سواء ما تعلق بحصيلة تسييره الكارثية، أو عنجهيته واحتقاره لعموم الجزائريين.
رئيس الوزراء الجزائري السابق أحمد أويحيى مَثل أمام المحكمة العليا أمس الأربعاء في إطار تحقيقات في تهم تتعلق بالفساد، وذلك بعد يومين فقط من صدور قرار حبس رجل الأعمال محيي الدين طحكوت ونجله وشقيقيه، في إطار التحقيقات القضائية التي قال بشأنها وكيل الجمهورية إنها شملت رئيس وزراء سابقاً ووزيراً سابقاً ووزيراً حالياً ومحافظاً سابقاً ومحافظاً حالياً.
وكان أويحيى قد وصل إلى مقر المحكمة العليا في حدود الواحدة بعد الزوال، في وقت كانت فيه إشاعات تقول إنه قرر عدم الامتثال أو أرجأ ذلك ليوم آخر، وهو الأمر الذي جعل الكثير من الصحافيين والمصورين يغادرون محيط المحكمة العليا ببن عكنون في أعالي العاصمة، خاصة بعد أن رفعت التعزيزات الأمنية التي ضربت على محيط المحكمة منذ الساعات الاولى للصباح.
ويعتبر أويحيى واحداً من المسؤولين السابقين المتابعين في قضايا فساد، فبعد أن تم استدعاؤه مرتين من قبل قاضي التحقيق لدى محكمة سيدي أمحمد بالعاصمة، المرة الاولى في قضية رجل الأعمال علي حداد الصديق المقرب لسعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق، والمرة الثانية في قضية رجل الأعمال محيي الدين طحكوت ومن معه، والذي يعتبر ملفه ثقيلاً بالنظر إلى ما تضمنه بيان وكيل الجمهورية الذي قدم تفاصيل بشأن الملف، والذي قرر القاضي المكلف بالتحقيق فيه بحبس كل من طحكوت ونجله بلال وشقيقيه رشيد وناصر وعدد آخر من كبار الموظفين في إطار التحقيقات في قضايا فساد وتبييض أموال متابع فيها طحكوت ومن معه، علماً أنه لسنوات ظل الرأي العام مقتنعاً أن صعود نجم رجل الأعمال هذا راجع للدعم والامتيازات التي كان يحصل عليها من أويحيى، والتي جعلته يحصل على احتكار قطاع نقل الطلبة الجامعيين، وهو البيضة التي تبيض ألماساً ومكّنت طحكوت من جمع المليارات، قبل أن يدخل قطاع تجميع السيارات والذي حصل فيه على امتيازات غير مسبوقة مقارنة بمنافسيه. وكان طحكوت من أكثر المؤيدين للرئيس السابق وعائلته، وعند الإعلان عن نيته الترشح لولاية رئاسية خامسة.
ويرتقب الشارع الجزائري ما سيقرره قاضي التحقيق لدى المحكمة العليا بشأن أحمد أويحيى، والذي يستفيد مثل غيره من الوزراء وكبار المسؤولين من الامتياز القضائي، الذي يجعلهم لا يمثلون أمام القضاء العادي إذا ما توبع في شأن وقائع حدثت خلال فترة توليهم المسؤولية، في حين أن أصواتاً كثيرة ارتفعت تقول إنه مادام قد تقرر حبس رجال الاعمال الذين تورطوا في قضايا فساد، فلا بد من حبس المسؤولين الذين مكّنوهم من التغول والدوس على القوانين.
في المقابل طالب وكيل الجمهورية لدى المحكمة العليا برفع الحصانة البرلمانية عن وزير النقل السابق والنائب الحالي عن حزب جبهة التحرير الوطني بوجمعة طلعي، في إطار التحقيقات التي يقوم بها القضاء في ملفات تتعلق بالفساد، علماً أن طلعي متابع مع مجموعة من كبار المسؤولين السابقين قضائيا لارتكابهم أفعالاً مخالفة لقانون الصفقات العامة والعقود المخالفة للتنظيم والقوانين المعمول بها، وقد سبق له المثول أمام قاضي التحقيق لدى محكمة سيدي أمحمد في العاصمة، وبما أنه يستفيد من حق الامتياز القضائي فإنه لم يكن بالإمكان اتخاذ إجراءات في حقه، كما أن الوزيرين السابقين السعيد بركات وجمال ولد عباس تخليا طوعاً عن الحصانة البرلمانية، باعتبارهما عضوين في مجلس الشورى، وهما متابعان أيضا في قضايا فساد.