صابر عارف
كنت وما زلت على قناعة بان الموقف الإيجابي الذي اتخذه ابو مازن من صفقة القرن وإن طغى عليه الطابع الاخلاقي أكثر من الطابع السياسي _ والفرق بينهما واسع وواضح لكل من عمل في الميدان السياسي _ قد يشكل مدخلا هاما ورافعةلتطور الموقف الوطني الفلسطيني ككل نحو التقدم للأمام في مواجهة الصفقة التدميرية للقضية الفلسطينية التي لخصت السياسة الامريكية وكثفتها منذ نقل السفارة الامريكية للقدس وما تلاها من اجراءات واستفزازات امريكية معادية منذ القدم والمفرطة في عدائها خلال هذا العهد الترامبي الموغل بعدوانيته لنا كما هو موغل أكثر بصداقته وانحيازه المستفز لعدونا ..
كنت وما زلت أعتقد بان أي مواجهة للسياسة الامريكية الموغلة في دعمها المطلق لكافة سياسات العدو ، هو دليل نضج ويقظة ولا بد وان تكون في نفس معركة المواجهة مع العدو الصهيوني ، لان امريكا ومنذ تقليص الدور البريطاني كانت وما زالت هي راس الحية. وانطلاقا من هذا كله كانت مشاركتي في الدورة الأخيرة للمجلس الوطني الفلسطيني العام المنصرم ، كمعارض واضح وحاسم لترسيخ موقف سياسي وطني فلسطيني من الصفقة ومجمل السياسة الامريكية ومسيرة التسوية المذلة برمتها ، ولاتخاذ مواقف واجراءات فلسطينية سياسية تتقدمها مراجعة مسيرة التسوية الوهمية ، والتخلي عن عار التنسيق الأمني مع العدو ، كما التخلي عن عار وكارثة الانقسام الذي صنعته قيادات الحركتين الفتحاوية والحمساوية ، ما ينهي الرفض الأخلاقي الذي ما زال يعمل ابو مازن على اساسه لرد الاعتبار الشخصي بعد ما تعرض له من اذلال وتحقير ترامبي فاجر !!! .
لم يكن يراودني شك قبل عام ولا يراودني الان اي شك بأن ابو مازن سيحول موقفه الاخلاقي من الصفقة الى موقف سياسي فعلي بما يقتضيه ويتطلبه من خطوات وسياسات مختلفة اشرت لبعض استحقاقاتها بدون ضغط رسمي وشعبي فاعل وحاسم على الارض من قبل قوى ومؤسسات المجتمع المدني ككل ، التي يجب ان تضغط وتطالب السلطة الفلسطينية اولا، برفع وتطبيق المواقف والشعارات الوطنية لتقديم النموذج وهي تطالب الغير بمقاطعة المؤتمر .
اننا أمام فرصة تاريخية قد لا تتكرر للعمل على افشال مؤتمر البحرين وتفريغه من محتواه ومضمونه ، فلم يجرؤ بعد على الترحيب به سوى العربية السعودية والامارات العربية ، ولم تجرؤ الجهات الداعية على دعوة دولة الاحتلال خشية تزايد الاعلان عن المزيد من المقاطعات العربية والدولية التي تتخوف كثيرا من تفاعلات وتداعيات المؤتمر وخاصة بعد تصريحات السفير الامريكي ديفيد فريدمان بحق اسرائيل بضم اراضي الضفة الفلسطينية للدولة العبرية وبعد نشاطه المحموم لدفع رجال أعمال يحملون الهوية الفلسطينية لحضور المؤتمر ووعده لهم بالحماية الامنية وبتقديم عشرات الملايين من الدولارات لدعم مشاريعهم الاقتصادية والمشتركة مع دولة الاحتلال عبر ما يسمونه بالغرفة التجارية الفلسطينية المشتركة صنيعة السفير الامريكي والاحتلال الصهيوني
انني اشك بنجاح المؤتمر حتى لو انعقد بحضور شكلي عربي ودولي، بما في ذلك من حضور مصري واردني مرفوض وحتى لو شارك به رجال أعمال هامشيون جدا يحملون الهوية الفلسطينية كاشرف الجعبري وغيره وأجد اننا امام فرصة قد لا تتكرر بتوجيه ضربة أولية قاصمة لمؤتمر البحرين الذي سيعتبر الانطلاقة الاقتصادية للصفقة التي ستشرع الابواب للمتاجرات ا لكبرى بارض فلسطين وما حولها من اراض واوطان عربية اخرى . وخاصة في مصر والاردن المتخوفتين كثيرا من المؤتمر ومن الصفقة ، وهذا ما يجب اسغلاله جيدا لمحاصرة وعزل المؤتمر ونتائجه .
كاتب فلسطيني