سالي علاوي
النكسة الاسم المشفر للهزيمة النكراء التي حلت بأمة ملء السمع والبصر، لم تحافظ على ما تبقّى من فلسطين، بل ضيّعوها، وضيّعوا معها مساحات شاسعة من بلادهم في حرب الأيام ستة، وما زالت إسرائيل تتغنى بها، حتى اليوم، وإلى أجل غير مسمى.
يدق الفلسطينيون في شهر أيار (مايو) كل عام، منذ سبعون عاماً، جدران خزان استلاب حقوقهم الوطنية ومحاولات تبديدها، لتذكير العالم بالمآسي التي حلت بهم جراء ضياع وطنهم عام 1948، وأبشعها الجريمة المستمرة بحق ملايين اللاجئين الفلسطينيين الذين ما زالوا محرومين من العودة إلى وطنهم، رغم أن عمر القرار الدولي 194 من عمر نكبتهم، وتجدد الجمعية العامة للأمم المتحدة دورياً تأكيدها على هذا القرار الذي يدعو إلى عودة أولئك اللاجئين إلى أراضيهم التي شردوا منها.
تتزامن الذكرى الـ71 للنكبة مع الذكرى الـ52 لما يطلق على تسميتها في الأدبيات السياسية العربية بـ”النكسة”، التي تمثلت في احتلال إسرائيل باقي أراضي فلسطين التاريخية، بالإضافة إلى شبه جزيرة سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية، في الخامس من شهر حزيران (يونيو) عام 1967.
في هذه الذكرى للكارثة الوطنيّة والقوميّة والدينيّة، فإنه من المهم أن نتوقّف عند النكسة كحدث متّصل بالنكبة التي سبقتها بنحو عشرين عامًا.
فقد كانت النكبة الزلزال الذي أصاب الشعب الفلسطيني في المقتل، بضياع 78% من أرضه وذبح وتشريد وتهجير نحو المليون من أبنائه، وجاءت النكسة واحدة من ارتدادات ذلك الزلزال.
النكسة وإن بدا مصطلحًا مخففًا، هي هزيمة نكراء منيت بها الأمة العربيّة قاطبة، كما أنّها شرّخت الكارثة للشعب الفلسطيني، وعمّقت جرحه النازف منذ عشرين عامًا في ذلك الحين، وجعلت إمكانيّة نيله حقوقه المغتصبة أكثر بعدًا، وأكثر تعقيدًا، عما كانت عليه.
كما أن تلك الحرب تسجّل للتاريخ أن القيادة العربيّة وقعت في شركٍ نصبه لها “العدوّ” بحنكة ودهاء عسكريّ وسياسيّ، وتمادت بانتزاع “القدس” القلب من الجسد الفلسطينيّ، محاولةً جعله واهنًا غير قابلٍ للحياة.
وأما نتيجة ذلك كلّه فهي الحالة الدائمة والمستمرّة، ضياع فلسطين كاملةً، ووضع أبنائها في بيت النار، لتبقى قافلة الشهداء والجرحى تتضخّم يومًا فيومًا، إلى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولا.