خسائر ومكاسب الأردن من حضور ورشة المنامة الاقتصادية

أحد, 06/02/2019 - 14:18

د. شهاب المكاحله

بدأت ملامح صفقة القرن تتضح منذ تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأميركية. ووفقاً لتلك الخطة التي رسمت بدهاء، فإنه تم فرض الأمر الواقع على الدول المعنية بالصراع العربي الإسرائيلي. فحين تولى ترامب إدارة السياسة الأميركية، طلب علناً من العرب المبادرة نحو إسرائيل ودعاهم للبدء بالخطوة الأولى التي لا زالت مستمرة حتى اليوم عبر مؤتمرات بعضها سري والأخر علني للبحث في العلاقات العربية الإسرائيلية وفق معادلة: المصالح المشتركة والمصير الواحد بحكم أن إيران هي العدو الأول للعرب وإسرائيل.

قبل أيام عقدت في مكة قمم ثلاث سلطت الضوء على مركزية المملكة العربية السعودية بصفتها قطباً لكل المسلمين، وانتهت القمم بإشارة ضمنية إلى التدخلات الخارجية الإيرانية في شؤون الدول العربية. وفي نهاية الشهر الحالي ستعقد في المنامة ورشة محادثات عربية أميركية إسرائيلية لطرح سيناريوهات التعاون الاقتصادي العربي الإسرائيلي والدولي من أجل تطوير وبناء البنى التحتية لبعض مناطق السلطة الفلسطينية وفق ما قيل إنه محاولة لجمع مبلغ ٦٥ مليار دولار تشمل مساعدة دول الجوار الفلسطيني مثل الأردن ومصر ولبنان.

قد لا أستطيع أن أفرد بعض التفاصيل التي اطلعت عليها من مصادر روسية وأميركية مطلعة على أدق تفاصيل تلك الصفقة، لكنني أود أن اسرد التالي لمعرفة ما يجري وراء الكواليس.  فقد بدأت القصة بـ:

أولأ: رفض الرئيس الفلسطيني صفقة القرن في مايو ٢٠١٧.

ثانياً: الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل ومن ثم نقلت واشنطن سفارتها من تل أبيب إلى القدس.

ثالثاً: رفض الأردن صفقة القرن على لسان جلالة الملك عبدالله الثاني وكان ذلك واضحاً بلاءات الملك الثلاث. وكانت التابوهات الثلاث: القدس خط احمر ولا للتوطين ولا للوطن البديل. لعل زيارة المستشار الخاص للرئيس الأميركي إلى الأردن والمغرب تعني أن مسألة الرعاية الهاشمية خط أحمر نظراً لأن كلا المملكتين معنيتين بالقدس.

رابعاً: ارتفعت الأصوات في الداخل والخارج مناهضة لفكرة المشاركة في المؤتمر المزمع عقده في المنامة في الـ ٢٥-٢٦ من الشهر الحالي.

وفي هذا السياق، هناك تساؤل هو: ماذا سيخسر الأردن وفلسطين إن لم يحضرا؟ وما هي المكاسب التي سيحصلان عليها إن حضرا؟

في حال الحضور، يرى الكثيرون أن الموضوع مرتبط بمستوى الحضور أو مناسيبه الرسمية، فهل ستكون على مرتبة سفير، وزير أو مستشار أو غير ذلك؟

وهل سيكون الحضور الأردني تمثيلا للفلسطينيين في هذه الحالة؟

هل سيحضر الأردن على مستوى وزير المالية أو التخطيط أسوة بحضور وزير المالية الإسرائيلي؟

أم أن الحضور الأردني سيكون بصفة مراقب؟

في حال الحضور، سيتمكن الأردنيون من معرفة ما يجري مباشرة وسيرون تطور سير الأحداث فيما بعد قبل أن يقول قولتهم الأخيرة: لا لصفقة القرن لأنها لا تمثل السيادة الوطنية أو لأنها منقوصة.

في حال عدم الحضور، هل يعني ذلك أن الأردن يريد إيصال رسائل لمن يهمه الأمر في واشنطن والدول العربية والإسلامية “المُطبعة” بأنه لن يقبل بالمساومة على شبر واحد من القدس الشرقية دون معرفة التفاصيل؟

هل سيكون الحاضرون على دراية بمسألة الوصاية الأردنية الهاشمية على المقدسات في القدس الشرقية وأن القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين وأنها عنوان عروبتهم؟

كل هذه الفرضيات تتعلق بالجانب السياسي الجمعي لا السياسي الفردي بمعنى أن الأردن سيتريث كثيراً حتى اللحظة الأخيرة قبيل أن يعلن مشاركته من عدمها حتى يتمكن من معرفة الشق السياسي قبل الانخراط بالشق المالي والاقتصادي.

أي أن الحديث عن الاقتصاد والإعمار والبناء لا يجب أن يكون بمعزل عن الحديث عن المستقبل السياسي لحل الدولتين ومستقبل القدس الشرقية والمقدسات والوصاية.

فعلى الرغم من كل ما نشر، فإن تأجيل تشكيل الحكومة الإسرائيلية قد يكون مُفتعلا ولذلك فإن الحديث الفعلي عن الصفقة يعني أن نذهب إلى أبعد من شهر أكتوبر القادم وسط تطمينات أميركية للأردن بأنه لن يتم المساس بمسألة المقدسات وأن للأردن حق الوصاية عليها. بعبارة أكثر وضوحاً، مفتاح القدس في الأردن لا في مكان آخر وعلى الجهات الدولية التي تسوق لتلك الصفقة أن تأخذ—ولو بشكل استثنائي مخاوف الأردن وفلسطين من الحلول المفروضة، نظراً لأن الشعب الأردني والفلسطيني يرفضان الإملاءات الخارجية التي لا تمثلهما.

كاتب اردني مقيم في واشنطن

الفيديو

تابعونا على الفيس