الدكتور حسن مرهج
يوم بعد يوم تنكشف الحقائق حول طبيعة الحرب على سوريا و ارتباطاتها الإقليمية و الدولية، فقد بات واضحاً أن الخطة التي استهدفت سوريا، لم تكن وليدة لحظتها، بل تم التخطيط مسبقاً للعمل على كسر سوريا، هذا التخطيط الذي أدارته أجهزة استخبارات اقليمية و دولية، و على رأسهم الموساد و الـ CIA، و لاشك أيضاً بأن هناك أدوات داخلية ساعدت بل و ساهمت في تنفيذ ما تم التخطيط له.
كُثر من الشخصيات القيادية المقاومة وقفت إلى جانب الدولة السورية، حتى أن بعض هذه الشخصيات قد بدأ و بشكل فعلي بإنشاء نواة مقاومة لمواجهة اسرائيل، و هنا لا يحضر سوى أسم المقاوم سمير القنطار، و حقيقةً لم يكن مفاجئاً ما أعلنته اسرائيل اليوم عبر أحد ضباط الاستخبارات، كما لم يكن مفاجئاً حجم العمالة التي أحاطت بما سُمي ثوار سوريا و هم إرهابيين قلباً و قالباً، فقد كشف ضابط إسرائيلي سابق لبرنامج “عوفدا” أن إسرائيل اغتالت سمير القنطار، و أن أحد قادة فصائل المعارضة السورية نقل للاستخبارات الإسرائيلية معلومات أسهمت في الوصول الى القنطار.
في تفاصل عملية الاغتيال، قامت طائرات حربية تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي بدخول الأجواء السورية ليلة 19 كانون الاول 2015، وقامت باستهداف المنزل المتواجد به القنطار جنوب دمشق، حينها اسرائيل لم تعترف بهذه العملية في حينه رغم التقارير التي أكدت وقوفها خلف العملية.
الضابط الإسرائيلي السابق قال لبرنامج “عوفدا” الذي تم عرضه على القناة الثانية العبرية، مساء أمس الخميس، أن “إسرائيل هي من قامت باغتيال وتصفية سمير القنطار في سوريا”.
وبحسب موقع “مفزاك لايف” العبري، الذي أورد الخبر، قال المقدم احتياط، “ماركو مورنو”، إن أحد قادة فصائل المعارضة السورية، نقل للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، معلومات أسهمت في الوصول الى القنطار وتصفيته.
و وفقا للموقع، أضاف الضابط مورنو، أن “طائرات حربية تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، دخلت الأجواء السورية ليلة 19 كانون الاول 2015، وقامت باستهداف المنزل المتواجد به القنطار، جنوب دمشق، و قد أكد مورنو بأن هذه المعلومات قد سمحت الرقابة العسكرية في اسرائيل بالكشف عنها.
بعيداً عن تصريحات الضابط الإسرائيلي و ارتباطها بالعمل الاستخباراتي لإسرائيل داخل سوريا، يبدو أن التوقيت الذي خرجت به هذه التصريحات تدلل و بشكل اساسي على رغبة اسرائيل باستمرار سياسية الاغتيالات خارج حدودها، و بالتأكيد فإن هذه الرسالة لا تغيب مُطلقاً عن محور المقاومة و أركانه، بل العمل مستمر على إحباط أي مخطط اسرائيلي قائم على استهداف أي شخصيات مقاومة سواء في سوريا أو إيران أو حتى داخل الأراضي الفلسطينية، و بالتالي لا يمكن إنكار حقيقة أن أي عمل استخباراتي هي مقدمة لحرب يتم التحضير لها خلف الكواليس، فاستهداف القيادات من شأنه أن يُضعف الخطط التي تم بناءها خلال سنوات، و أن لم يُضعفها فهي بحاجة لإعادة ترتيب، و في هذا الوقت المستقطع الذي سيتم استثماره إسرائيلياً، قد تقوم حرب فجائية تخلط أوراق المنطقة بالكامل.
هذه المعطيات تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، بأن سوريا تعرضت لحرب استخبارات اقليمية و دولية، إضافة إلى قطعان من الإرهابيين الذي دُربوا و سُلحوا من قبل هذه الاستخبارات، و القادم من الأيام سيكشف لنا المزيد من الحقائق، ليس لجهة حرب الاستخبارات و التصفيات السياسية، بل لجهة أن المخطط الاساسي هو ضرب الدولة السورية من الداخل، بُغية إقصاءها عن محورها المقاوم، و هنا بيت القصيد، فالقنطار و رفاقه ممن أمضوا سنوات طويلة في الأسر، هم معادلات لا بد من إقصاءها، من أجل تفريغ معادلة المقاومة من فحواها.