مايا التلاوي
خرجت طائرة من دون طيار تحمل توقيع الحرس الثوري الإيراني من إيران باتجاه مياه الخليج ، قامت بتصوير حاملة الطائرات الأمريكية ، وبعض السفن الحربية ثم عادت بسلام .
صرحت بعدها طهران أن من يُريد أن يستخدم مضيق هرمز للملاحة البحرية عليه أن يكون على تواصل مُباشر مع الحرس الثوري الإيراني ، ويقوم بالرد على ما تطلبه إيران من أسئلة حول عملية المسير ضمن المضيق ، في تحدي واضح وصريح لجملة العقوبات والتهديد والوعيد التي تطلقها الإدارة الأمريكية .
مع اقتراب إعلان جملة العقوبات الاقتصادية الثانية على طهران ، والتي تُعرف بسياسة تصفير صادرات النفط خارج البلاد ، تشتد الأزمة بين أمريكا وإيران لا أحد يريد التراجع والتخفيف من الاحتقان الذي قد يحمل المنطقة المتأرجحة بالأصل إلى حرب واسعة .
البعض يقول أنه من الممكن أن تُحل هذه القضية الخطيرة على المجتمع الدولي ، مع انسحاب الطرف المُهدد بالإضافة إلى طيّ صفحة العقوبات ، والعودة إلى نقطة البداية من جديد إليكم مايلي :
منذ أن تسلم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رئاسة أمريكا وهو يعمل بسياسة تهجمية وعنفية تصاعدية غير محدودة ضد طهران ، وكلما قرر أن يأخذ ( الأتاوة ) من دول الخليج لوحَ بورقة التهديد الإيراني لبعضهم ، كما يقوم بحشد بضعة مئات من مؤيديه، ثم يعتلي منبر الخطابات السيكولوجية يُطلق من خلاله جملة التصريحات المُكررة لكنها ذات فاعلية وحضور في أذهان الكثير في دول النفط متضمنة أنه يقوم بحمايتهم و لولا حماية أمريكا لتلك الأنظمة لما بقي ملك على عرشه ولا استطاع أن يخرج بطائرته الخاصة خارج حدود بلاده.
هذه السياسة الذي ينتهجها دونالد ترامب تجاه إيران هي سياسة بنيامين نتنياهو الذي يُرسل برقية إلى البيت الأبيض مُحدداً فيها جملة من المطالب والقرارات تقوم من خلالها الإدارة الأمريكية بتنفيذها دون تردد .
دعونا نحدد بعض الأسباب التي دفعت أمريكا إلى سياسة الضغط المُتصاعد تجاه الحكومة في طهران :
ـ أولاً: إكمال تنفيذ بنود صفقة القرن
ـ ثانياً: التلويح بالتهديد الإيراني ضد دول الخليج يدفع أمراء تلك الدول إلى حمل دفاتر شيكاتهم وإرسال المليارات من الدولارات إلى حامي الديار مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
ـ ثالثاً: لن تترك الإدارة الأمريكية المنطقة وترحل إلا بعد أن تخلق لدول المنطقة الكثير من المشاكل والحروب تجبرهم على البقاء سنوات لحلها وإزالة آثارها السلبية من المجتمعات العربية التي تفككت بفعل الربيع العربي والتأثير على الهوية والطائفية مع تحميل الحكومات وزرَ ذلك وإحداث شرخ بين المواطن والدولة.
ـ رابعاً: نجد في سياسة دونالد ترامب ما يسمى بالسياسة الشعبوية هذه السياسة تقوم على فن التأثير على ايديولوجيات الجماهير من خلال جملة القرارات التي سيقوم باتخاذها.
هذه السياسة أصبحت من السياسات الناجحة في دول الغرب وأمريكا ذات التأثير الإيجابي في المستقبل المنظور لأنها تُقرب الحاكم من محكوميه وتؤكد جدية قراراته والتزاماته والأهم تسليط الضوء على مشاعر الشعب الأمريكي تُجاه العرب والمسلمين بعد أحداث ١١ سبتمبر التي مازالت رائحة دُخانها تُغضب الأمريكيين وتثير غرائزهم الوحشية ضد الشعوب العربية .
أمام إيران وأمريكا طوقين لاثالث لهما طوق نجاة العالم من كارثة حقيقة عسكرية واقتصادية واجتماعية في حال فُرضت المرحلة الثانية من العقوبات أو طوق الذهاب بالمنطقة إلى حرب واسعة تغير في السياسات الجيوسياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والأيديولوجية لدول المنطقة وهذا الطوق مُرجح كما ذاك الطوق لأن في البيت الأبيض رجلٌ يُنفذ دون تردد غير مُبالي بنصيحة حليف ولا تحدي عدو .
كاتبة وباحثة سياسية