الشيخ المامي
أعود فأذكر أصدقائي الكرام ، بأن هذا ليس وحيا منزلا ، وليس موقفا مبيتا من أحد المرشحين ، وليس تسويقا إعلاميا لمرشح بعينه ، وإنما هو مجرد استشراف يخطأ في الغالب ، ويصيب أحيانا ، لكنه غير ملزم لغير من كتبه ، هذا إن لزمه أصلا.
1- غزواني
يعتبر الغزواني هو أكثر المرشحين فرصا للفوز في استحقاقات 2019 من الناحية النظرية ، نظرا لأنه مرشح السلطة والجيش -على أحد القولين- وتحالف القبيلة والمؤسسات الدينية التقليدية وغير ذلك.
لكن ثغرات كبرى في المعادلة الغزوانية قد تستغل ضده وقد تحيق به دون أن يحس.
فاعتماد ولد الغزواني على أوجه قد سئمها الشعب ، ومل ظهورها على التلفزيون الرسمي ، واتخاذها واجهة له يشكل في نظر الناخب التائق إلى التغيير ، نوعا من المؤمورية الثالثة ، خصوصا إذا كانت هذه الأوجه غير محببة لدى الطيف العريض من الناخبين ، وزد على ذلك ما أحاق بها من هزيمة في شوط عرفات الثالث ، حيث حطمت صنميتها هناك.
كما ان الظهور في ثوب رجل السلطة الذي يطل من نافذة مروحيته -المملوكة للجيش- على الشعب المطحون دون أن يلتحم به دون حراسة ، وكأنه قد نصب سلفا سيشكل ثغرة قد تقوض كل ما يحلم به.
ولعل أبرز الثغرات هي تلك المتعلقة بالنداء باستمرار النهج العزيزي ، فكلنا نعلم أن أقرب المقربين من عزيز -من غير اسرته- يتذمرون ليلا نهارا من حكمه -في السر- ومن سياساته الجبائية والمالية ، ومن حرمان اغلبهم من مصالح ذاتية لصالح دائرته الضيقة.
كما أن التحولات التي تشهدها المنطقة ، وآخرها ما يحدث في الجزائر ، قد حطم الكثير من الأصنام ، وزاد ثقة الشعوب في قدرتها على التغيير.
وبناء عليه فإن مرشح الإجماع -المنخرم- هو المرشح الأبرز ، لكن الثغرات البنيوية والعارضة تحيط به من كل جانب ، وهزيمته في الانتخابات تحتاج فقط لمستثمر يقظ ، يعرف اقتناص الفرص ، ويتقن استثمار أخطاء نده لصالحه.
----------------
2-بيرام
لو اجمع جميع المهمشين في موريتانيا ، ومن مختلف الطوائف والشرائح على دعم المرشح بيرام ، لفاز في الشوط الأول.
أما ونحن جميعا نعلم أن المهمشين أداة في يد من يملك فضل رغيف خبز ، وأن مبلغ خمسة آلاف قديمة على الرأس يجمعها أحد رجال الأعمال لصالح مرشحه ستكون أرجح في عقل صاحب بطن جائع من رآسة مرشح -قد- يصلح الحال معه ، لكن بعد سنين. فماذا سيفعل هذا المسكين طوال الفترة التي ستسبق صلاح الحال. وماذا سيفعل عياله..؟
كانت الفرصة متاحة جدا أمام بيرام طوال الخمس سنوات الأخيرة من أجل خوص حملات دعائية وتسويقية لشخصه في الداخل ، كرجل انقاذ ، لكن الأهمية التي أولاها لتسويق شخصه على المستوى الخارجي كانت أكثر وبالتالي فهنا مكمن الخطأ ، فالخارج لن ينتخب من ترشح داخل البلد.
ثم إن خلفية الحقوقي -غير المجامِلة- التي انطلق منها ، ولدت رفضا له من قبل ملاك الثروة والنفوذ والذين يشكل مناوئوه أغلبهم ، والذين طالما استخدم ضدهم عبارات لا تتماشى مع فنيات الماركاتينگ المعروفة. وزد على ذلك صراعه مع المؤسسة الدينية التقليدية التي مازلت تسيطر على البلد.
وبناء عليه تظل فرص بيرام محدودة بالمقارنة مع سابقه ، بل إنها تظل مقصورة على الشراكة في حكومة مابعد الانتخابات في حالما دعم احد مرشحي الشوط الثاني إن حصل ذلك ، اللهم الا إذا حصلت معجزة ، أو نزل وعي جديد على الناخب مع زخات المطر الأخيرة.
--------------
3-ولد ببكر
يعد سيدي محمد ولد ببكر ثاني أقوى مرشح حتى الآن ، فقدرة قواعده التي تقف خلفه -تواصل- على الحشد والتنظيم ، إضافة إلى كومة التراكمات التي تحتوي عليها جعبة الرجل من اطلاع على كنه البلد ، وتغلغل في مفاصل الدولة ، داخليا وخارجيا ، وزد على ذلك ما تم الترويج له من وقوف امبراطوريات مالية خلفه تأهله كل تلك المعطيات لموقع المرشح الذي ينافس بقوة.
صحيح أن فرص الغزواني تبقى أوفر من ببكر ، لكن لوأحسن الأخير استثمار الثغرات التي بيّنا مكانها في الدِّرع الغزوانية لصالحه ، لحقق مفاجئة ربما توصله للقصر الرمادي.
ولعل الاتصالات المكثفة بطبقات رجال الأعمال والزعامات القبلية الذين تم حرمانهم أو إقصائهم من الكعكة ، في العشرية المنصرمة ، واستثمار النقاط المضيئة في تاريخ المرشح ، والاعتذار عن النقاط السوداء ، والمصارحة بأنها كانت أخطاء ، والتسامحة مع الناخب ، أساليب تسويقية جديدة تبين مدى صدق المرشح فيما يسعى اليه ، ولم يعهدها الناخب الموريتاني من قبل المرشحين ، وهي نقاط ربما تجعله يحتل اشواطا كبيرة إلى قلوب أكثر الناخبين متقدما على اقوى منافسيه.
كما أن سعي ولد ببكر الحثيث لإجبار مرشح السلطة على شوط ثاني ، سيجعله مقنعا في نظر المغامرين الذين يراهنون على الفرس الكسبان ، وهنا يمكن أن يعقد صفقات تقاسم الكعكة مع مرشحي المعارضة ، ويكسب مزيدا من الأصوات الحائرة لصالحه ، وبالتالي فإن أبواب القصر الرمادي ستكون مفتوحة في وجهه ، وسجاده الأحمر مفروشا تحت قدميه.
وانطلاقا من هذه المعطيات ، فإن ولد ببكر مرشحا ينافس بقوة ، ومع مزيد من العمل والمقارعة بنفس الأساليب ، وتبني أساليب تسويقية لم تكن معروفة من قبل.
------------
4- ولد مولود
لو شاءت الأقدار للشعب الموريتاني ، أن يجلس يوما تحت يافطة الدولة المدنية العصرية ، فسينتخب ولد مولود ، لكن القدر فيه حلو وفيه مر ، ويجب علينا الإيمان بكليهما دون تفريق.
إن لعبة السياسة لعبة قذرة ، ولذلك فهي تحتاج إلى المال أكثر من الضمير ، وتحتاج إلى القذارة أكثر منها الى النظافة ، وبالتالي فإن حظوظ مرشح النخبة الفكرية تبقى محدودة في بلد ما زال ناخبوه يحتاجون إلى تأطير في الإجراءات الشكلية للانتخاب ، أكثر منهم تنظير حول حقوق الفرد على الدولة ، كما أن حاجتهم لمُطعِم آني أكثر منها لمُصلح في وقت لاحق ، وبالتالي فإن فرص ولد مولود تبقى مقصورة على العمل على إجبار مرشح السلطة على شوط ثاني ، يمكنه أن يساوم المرشحين اللذين سيبقيا في المضمار بعد ذلك على جزء من الكعكة عن طريق حكم تشاركي ، أو نحو ذلك.
وبناء عليه فإن فرص ولد مولود في الفوز لن تكون أحسن منافسيه ، فالنخبة دائماً هي الأقلية ، والعبة السياسية لابد لها من أسلحتها ، والمال والقبيلة والمؤسسة الدينية في بلادنا هم أبرز تلك الأسلحة.
#تحت_المكروسكوب