ملاحظات أولية على خطاب ولد الغزواني

سبت, 03/02/2019 - 18:04

تابعت خطاب مرشح النظام لرئاسيات يونيو2019 وزير الدفاع الوطني محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني مساء أمس وتابعت إلى حد ما بعضا مما دونه مدونو الأغلبية والمعارضة ومدونون آخرون لا ينتمون لا إلى هؤلاء ولا إلى أولئك وطالعت جزءا كبيرا مما نشرته بعض المواقع الإخبارية عن الخطاب.
ولست هنا أبحث عن لغة الخطاب أو فصاحة المتكلم رغم أهمية ذلك لكن سينصب اهتمامنا على مضمون الخطاب ومستوى التعهدات وبعض التصورات المستقبلية.
فقد أشاد الرجل بوطنية الرؤساء السابقين واعترف بإسهاماتهم في إقامة الدولة الموريتانية مع تقدير الظروف التي أحاطت بهم والتمس لهم العذر "فقد اجتهدوا وأصابوا فلهم اجر الاجتهاد والصواب واخطئوا في أمور فلهم أجر الاجتهاد".
وتعهد بصون الحوزة الترابية وتعزيز مكاسب الديمقراطية وتحصين الوحدة الوطنية واللحمة الاجتماعية والرفع من مكانة المرأة وتحقيق النهوض الاقتصادي والاعتناء بالشباب وإرساء دبلوماسية فاعلة توجهها مصلحة البلد وتكثيف حظوظ المكونات الاجتماعية التي عرفت الغبن عبر تاريخها، وهي أمور مهمة لا مراء في ذلك ،لكن تجربة سلفه ورفيق دربه رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز خلال العشرية الأخيرة ـ التي أشاد بها ـ في كل من هذه المجالات لا توحي بالكثير من الأمل في هذا المجال.
فقد اهتم ولد عبد العزيز بالأمن وشهدت العاصمة انواكشوط في عهده وتشهد حاليا موجة من انعدام الأمن لم يسبق لها مثيل.
ورفع شعار "الشباب أنتم الأمل" فاكتفى بتعيين مجموعة من الشباب لمجموعة من المتنفذين فيما صار يعرف بالمجلس الأعلى للشباب،واهتم بالوحدة الوطنية فسادت في عهده الشرائحية والطبقية المقيتة بشكل لم يألفه الموريتانيون من قبل.
ومع ذلك لا يمكن أن نفقد الأمل خاصة إذا استطاع الرجل نفسه الخروج من عباءة الرئيس محمد ولد عبد العزيز والجماعة المحيطة به وأبدى قطيعة فعلية مع كل الممارسات والسياسات الارتجالية التي طبعت هذا العهد.
وخاصة إذا استطعنا نحن إيجاد إجابة شافية لبعض الأسئلة:
أولا:هل رشح محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني نفسه أم رشح لهذا المنصب؟
ثانيا:هل ترشح محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني ليحكم البلاد؟
ثالثا: هل ترشح محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني ليمهد الطريق أمام المأمورية الثالثة للرئيس محمد ولد عبد العزيز؟
وقبل الإجابة على هذه الأسئلة سأقدم جزءا من السيرة الذاتية للمرشح محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني المنشورة في موقع (و م أ) الرسمية فقد حصل على شهادة الباكالوريا ثم شهادة جامعية في الدراسات القانونية وأخرى في العلوم الإدارية والعسكرية، إضافة إلى خبرة عسكرية امتدت لأزيد من أربعين عاما (1978 ـ 2019) حيث انخرط في صفوف الجيش الوطني متطوعا يوم 15/10/1978 وتابع تكوينيه بالمغرب ليتدرج فيما بعد في مختلف الرتب العسكرية (ملازم 1981،ملازم أول 1983، نقيب 1988،رائد 1994،مقدم 1998،عقيد 2005،لواء 2008،فريق 2012).
وتقلد العديد من الوظائف بالجيش الوطني:(قائد فصيلة مشاة بالمنطقة العسكرية الثالثة 1981، قائد سرية مشاة المنطقة العسكرية الثانية 1983، مساعد قائد التجمع 41 بالمنطقة العسكرية الثانية1985، مسؤول عن الاستخدام والتدريب بكتيبة القيادة والخدمات1987،مرافق رئيس الجمهورية 1987،قائد الكتيبة 1991،قائد المكتب الثاني 2004 مدير الأمن الوطني 2005 عضو في المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية2005 قائد الأركان الوطنية 2008،عضو في المجلس الأعلى للدولة 2008، رئيس المجلس الأعلى للدفاع 2009، قائد الأركان العامة للجيوش منذ 2013).
وقد أردت من خلال هذه المقدمة الطللية توضيح بعض أوجه الشبه بين الرئيس الحالي ومشروع الرئيس المقبل، وأترك الباقي لفطنة القارئ.
أولا:حسب المتاح من المعلومات فإن ترشيح وزير الدفاع الوطني محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني جاء من طرف الرئيس محمد ولد عبد العزيز وقد كنت في العام 2016 توقعت تبادل المهام بين الرئيس محمد ولد عبد العزيز وقائد الأركان آنذاك ( ولد الغزواني )

(أنظر: هوامش على فكرة التمديد على الرابط / http://essahraa.net/archive_2/?q=node/14042 )

ولا أستبعد أن يكون للسيدة الأولى دور كبير في هذا الترشيح، وفي هذه الحالة (مرشح القصر) سنكون إلى حد كبير مع وضع (متعدد الرؤوس) شبيه بالوضعية إبان الرئيس سيد محمد ولد الشيخ عبد الله.هذا أولا.
وثانيا: إذا افترضنا أن محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني ترشح ليحكم البلاد ـ وهذا من حق أي مواطن موريتاني ـ وأثبت أنه أكبر من الظروف فقد نشهد قطيعة فعلية مع السياسات التي سبقته ومحاولة محاكمة الماضي بما فيها عهد الرئيس محمد ولد عبد العزيز والتراجع عن الكثير من القرارات التي اتخذت في عهده.
وثالثا: إذا تأكدت النظرية القائلة بزهد الرجل (محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني) في الحكم وأنه رشح (مرشح القصر) فقد تستمر مسيرة البناء ويتواصل النهج الحالي للحكم على أن تظل جميع الأطراف الضالعة في هذا الوضع محافظة على امتيازاتها ومكانتها وقد تتجه البلاد إلى انتخابات سابقة لأوانها.
ولله الأمر من قبل ومن بعد

 

باحث في المركز الموريتاني للبحوث و الدراسات الانسانية - مبدأ 

الفيديو

تابعونا على الفيس