ربى يوسف شاهين
حروب الشرق الأوسط، وخاصة الحرب السورية شُنت بأطماع متنوعة، اقتصادياً وعسكرياً وجغرافياً واجتماعياً، و كانت حربا كونية بامتياز، فـ فصول حُروبها تنوعت على مدار ثمان سنوات.
خلال معارك التاريخ، كانت الحرب الأكثر دموية هي غزو المغول، والتي استمرت أكثر من 200سنة في الفترة 1207 — 1472، و عرفت الإمبراطورية المغولية باسم “دولة المغول العظمى” أو “الدولة التتارية”، وكانت أضخم الإمبراطوريات، و وصفت القوات المغولية بـ”الموت الأسود”، لأنها كانت تمارس غزواتها بكثير من الدموية والقتل والدمار، واستمرت الغارات التتارية، حتى نجحت روسيا في تفتيت الإمبراطورية التتارية عام 1260، وها هي امريكا “العظمى” تحذو حذو المغول ولكن بأساليب متنوعة وفقا لتطورات العصر.
فـ محاولة اللعب على التوازنات المفروضة نتيجة الانتصار السوري وحلفائه بالضغط على روسيا مثلا أو سوريا كما يحدث، واختلاق ما يسمى قانون “سيزر” او “القيصر” لتنفيذ عقوبات اقتصادية احادية الجانب من قبل واشنطن، لتغيير بذلك التوازنات الحاصلة و اللعب على قوت المواطن السوري، لعلها تُصيب مقتلا في إرادة الصمود السوري.
فالقانون مبتدع وسياسة امريكا لم تعد تخفى على احد، وابتداع القوانين مهنتها لتقويض اي انتصار يقف في طريقها، كالذي يحدث لها في سوريا ، لتشن جام غضبها وتلبي مطالب الكيان الاسرائيلي .
إيران الحليف الذي لم يبخل على سوريا بتقديم المساعدة لمكافحة الارهاب، فلم يعد خافيا على احد وعلى لسان الرؤساء في امريكا واسرائيل، ان الخطر الحقيقي يتمثل بالوجود الإيراني في سوريا، فمحور المقاومة الذي اثبت بفعل تعاضده انه محور لا يهزم، لن تقف امريكا واسرائيل لتشاهد انتصاراته، و لابد ان تعمل على تفكيكه، ولتكون إيران الداعم الاكبر لمحور المقاومة في كل مكان، هي بيت القصيد في هذه الحرب بعد فشل كسر سوريا المقاومة.
ليكون الرد الإيراني بتعاظم قوته والتزامه بوعوده في معاهدات اوجدتها واشنطن، و لكنها كانت السباقة في الانسحاب منها، كما في معاهدة الاتفاق النووي، فضلا عن الضغط الأمريكي على الحلفاء الاستراتيجيين لـ إيران لا سيما روسيا، فالضغط الأمريكي جاء عبر الغاء معاهدة الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، ليتم الضغط على روسيا و ايران على السواء، بسبب الدعم الروسي لبرنامج إيران النووي، لكن التطور الذي تعمل عليه الجمهورية الإسلامية الإيرانية يُفشل مخططات الدول الصهيو-امريكية، فالإنجازات العسكرية الإيرانية باتت تحقق تفوقا لا يمكن الاستهانة به، فالأسطول الإيراني أصبح ينافس بتواجده الاقليمي اقوى الأساطيل الاجنبية، ما يُقلق الامريكي حُكماً انه يدرك حقا التطور العسكري والاقتصادي الذي غدت عليه ايران، وخصوصا في مجالها النووي، فضلا عن جُملة لا تنتهي من الإنجازات الاقتصادية و العسكرية و السياسية، التي دفعت الاتحاد الأوروبي للبحث عن مسارات تُبقي تعاملاتها مع إيران قيد التفعيل.
وها هي دول الاتحاد الاوروبي تُوجد آلية مالية للدفع مع إيران، أُطلق عليها “إينستكس” وهو اختصار لـ “أداة دعم التبادلات التجارية”، والذي يؤكد اهمية التواجد الإيراني على الساحة الأوربية.
من هنا نجد ان السياسات الامريكية المفروضة على إيران قد فشلت، وهو ما جاء على لسان الرئيس حسن روحاني حين قال “امريكا هُزمت بالمواجهة الأخيرة مع الشعب الإيراني من النواحي السياسية و القانونية والدولية والحرب النفسية”.
ايران اثبتت خلال مسيرتها السياسية انها بلد مقاوم على الصُعد كافة، حيث أنها وقفت و دعمت العراق في حربه ضد الإرهاب، فضلا عن دعمها سوريا ضد حرب كونية ظالمة شُنت عليها، و اليمن الذي يشهد أن إيران ساهمت و ساعدت في نصرة اليمن المظلوم، وصولا إلى فلسطين و دعم المقاومة الفلسطينية ضد الكيان الصهيوني، كل هذا يجعلها في القائمة السوداء لدى أمريكا، ولكن في المقابل والنقيض له، تُعتبر إيران من الدول الاولى في المقاومة، و دولة لها من الموقع والمكانة اقليميا ما يجعل منها هاجسا يقلق إسرائيل وامريكا، لتُشن عليه الحروب من بلاد تدعي الديمقراطية ولا تمت لها بصلة، فشعاراتها رنانة ولكن تنفيذها حكرا عليها او على بعض من يوالونها الطاعة.
في المحصلة القوة الإيرانية لا يستهان بها، وما الضغوطات الامريكية، إلا اكبر دليل على الاهمية الاقليمية لهذا البلد الإسلامي المقاوم، وفكرة شن حرب عسكرية عليه جاء الرد من القيادات الإيرانية، بان الرد سيكون مدمر، وكفا بالرد جوابا.
كاتبة سورية