سخافة التفسير العربي لغطرسة نتنياهو العسكرية

خميس, 01/24/2019 - 23:27

د. عبد الستار قاسم

ترى أغلب وسائل الإعلام العربية وبعض السياسيين العرب والفلسطينيين أن نتنياهو يفرد عضلاته العسكرية ويضرب هذا وذاك، ويرفع من حدة تهديداته ضد غزة وسوريا وإيران لأسباب انتخابية. أي أنه يفعل ذلك ليوصل رسالة إلى الصهاينة بأنه هو البطل الذي يوفر الأمن لهم، وهو القادر بلا تردد على ملاحقة العرب والإيرانيين وإيقاع الخسائر الكبيرة في صفوفهم بخاصة في مواقعهم العسكرية. وهذه رسالة ترفع من أسهمه الانتخابية، وقد تؤدي إلى حصوله على أكثرية الأصوات في انتخابات الكنيست الصهيونية القادمة.

هذا تفسير هروبي، ويجانب الحقيقة. السبب أن الرد السريع على كل من يمس ما يسمى بالأمن الصهيوني هو سياسة صهيونية منذ أن قام كيان الصهاينة. بغض النظر عمن هو رئيس الوزراء، أو رئيس الأركان أو وزير الحرب، سياسة الكيان الصهيوني ثابتة وهي الرد الفوري على كل تهديد للأمن الصهيوني، أو مس به. وهذا الرد وفق سياستهم يجب أن يكون حازما وشديدا حتى لا يفكر العدو بالنيل من الأمن الصهيوني. هذه سياسة صهيونية ثابتة وليست خاصة ب نتنياهو. فلو كانت هناك ليفني أو باراك لقاما بذات النشاطات العسكرية على مختلف الجبهات.

السبب الحقيقي لسلوك نتنياهو وكل وزراء الكيان الصهيوني عبر الزمن هو أن الصهاينة ينشطون ويدمرون ويقتلون ولا أحد يرد عليهم إلا نادرا جدا. كم من مرة ضرب الصهاينة بلدانا وجيوشا عربية، وكان العرب يلتزمون الإدانة والشجب والاستنكار والهرولة إلى الأمم المتحدة. عدو لا يلاقي قوة من عدوه، ولا يجد من يردعه أو يزجره فإنه يرى أنه يستطيع أن يتغطرس كيفما شاء.

فقط لا يجرؤ الصهاينة في هذه المرحلة على المسّ بحزب الله أو مهاجمته، والسبب واضح وهو أن حزب الله يرد بسرعة وبقوة. لا يملك الحزب عتادا عسكريا ضخما كما يملك الصهاينة، لكنهم يدركون أن رده يوجعهم فيتجنبونه. ونحن نذكر كيف غاب العمل العسكري الصهيوني ضد سوريا بعدما قامت القوات السورية بتوجيه صواريخها نحو مواقع عسكرية صهيونية في الجولان. هم تأدبوا قليلا لفترة من الزمن، وعادوا إلى الاعتداء من جديد. ومؤخرا قاموا بضربة صاروخية لمحيط دمشق وبرروا بأنهم قصفوا مواقع إيرانية. وبغض النظر، هذا اعتداء على الأراضي السورية.

لو كان يعلم الصهاينة أن مطار اللد المسمى صهيونيا مطار تل أبيب سيكون مقابل مطار دمشق، أو حيفا مقابل اللاذقية، أو مواقع عسكرية مقابل مواقع عسكرية إيرانية لما تمادوا في غطرستهم.

طبعا نحن نستعمل حجة محاولة كسب الانتخابات من قبل نتنياهو للتغطية على غياب تصرفنا الحازم ضد الصهاينة. فلا ضرورة للهروب، وتبقى الحقيقة هي الأبقى.  سوريا ليست بقوة الصهاينة، وصواريخها المضادة للطائرات لا تعمل بعد، لكن بإمكان سوريا أو إيران إن ردتا على العدوان أن تصنعا أزمة إقليمية واسعة لا يريدها الصهاينة ولا الأمريكان.

الفيديو

تابعونا على الفيس