سارة السهيل
الحياة الاسرية السوية هي قوام عافية المجتمع، وعندما تغيب الأم عن هذه الاسرة بالموت او الطلاق ويضطر الاب للزواج بأخرى، فان المجتمع يطلق سهام الكراهية نحوها مسبقا خوفا منها على الصغار .
ولاشك ان الموروثات الثقافية قد لعبت دورا كبيرا في وضع زوجة الاب في قفص الاتهام عبر تكريس المفاهيم المغلوطة عنها وإظهار سوء نيتها كمتلازمة لدى زوجة الأب التي تصورها الثقافة السائدة على انها امرأة قاسية مدمرة للصغار.
كما عكست الدراما والأفلام صورا والاعلام بأنواعه مشاهد قاسية لتعذيب الأبناء على يد زوجة أبيهم، بينما تحفل قصص الأطفال بالعديد من الصفات السيئة في زوجة الأب باعتبارها متكبرة، وأنانية، تأكلها الغيرة من حب الزوج لأبنائه، ومتجردة من قيم الوفاء والإخلاص، ولا تفكر إلا في أبنائها وتكره أبناء زوجها وتسيء معاملتهم، كما في قصص “سندريلا”. وفي سنو وايت “بياض الثلج والأقزام السبعة” تبدو شريرة متكبرة، تغار كثيراً من حب الملك لأطفاله كما في “الإوزات البريات” وغيرها.
هذه امثلة من صور الدراما لزوجة الأب في قسوتها وظلمها وغيرتها وطمعها في الاستحواذ على خير زوجها وعلى حبه دون ان يقاسمها الابناء شيئا من هذا الحب والعطاء
ورغم ما قد تتناوله الصحف ووسائل الاعلام المختلفة من جرائم ترتكبها زوجات الآباء بحق الأبناء بشكل يوجع قلوبنا ويدميها حزنا على الصغار، دون رحمة او ضمير او مخافة رب العالمين ،غير ان الميديا في المقابل لا تلقي الضوء على النماذج المشرقة لزوجة الاب الحنونة والرحيمة والتي تعامل أبناء زوجها نفس معاملتها لأبنائها في غياب تام لمعنى الحق والانصاف.
كما ان المجتمع في غالب حالاته يفتقر الى الوعي بأهمية نشر ثقافة الحب والتواد والتكيف داخل الاسرة التي تدخلها زوجة الاب وتصبح هي سيدة البيت، فالأبناء في الغالب يتم حشو عقولهم بالتحذير من قسوة زوجة الاب المحتملة ومن غدرها ووحشيتها، وفي اقل تقدير فان الأبناء يتوقعون من زوجة ابيهم ان ترعاهم وتدلعهم وتحنو عليهم كما كانت تفعل امهم، وعندما لا يجدون نفس المعاملة فانهم يرمونها بالقسوة دون ان يحاولوا كسب ودها وصداقتها حتى تغدق عليهم مشاعر الحنان.
فالصورة الذهنية السلبية المسبقة عن زوجة الاب طالما أفسدت العلاقات الاسرية ووضعت حاجزا نفسيا بينها وبين أبناء زوجها لا تستطيع السنوات علاجه او طمسه للأسف الشديد،
غير ان هناك نماذج إنسانية مشرقة لزوجات الاب اللواتي تحملن تربية أطفال ازواجهن منذ مرحلة المهد وتولدت بداخلهن مشاعر امومة حقيقية تجاه هؤلاء الصغار حتى كبروا بينما هؤلاء الأبناء يحلمون بداخلهم مشاعر الاعتزاز بمن ربتهم وأحنت عليهم خاصة وانهم لم يعرفوا في حياتهم أما اخرى غيرها او حتى لو عرفوا أمّاً توفاها الله او ابتعدت لأي سبب من الأسباب فبادلوها الحب والتحنان.
وهذا يعنى ان زوجة الاب التي تصور في مختلف المجتمعات والثقافات على انها بطلة لجرائم العنف والضرب والقسوة والتعذيب بحق أبناء زوجها، فهي أيضا بطلة حقيقة في التفاني في خدمة زوجها وتربية صغاره ورعايتهم، وعلى ذلك فانه ليس من العدل بمكان ان نعمم الصفات السلبية على زوجات الآباء، لان البشر مختلفين في طبائعهم وشخصياتهم ودرجات الرحمة بداخلهم، ومن ثم فان التعميم يسلب الشرفاء والرحماء حقهم في التقدير الإنساني ويخالف السنة الكونية للخالق في أهمية العمل بحسن الظن.
وفي تقديري اننا بحاجة الى نشر الوعي بأهمية تقديم صورة إيجابية لزوجة الأب بوصفها أما بديلة للأم الحقيقة، وان نحاول اخراج ما يعتمل بداخلها من حرج انساني من جراء الصورة الثقافية السلبية عنها والتي لا ذنب لها فيها سوى انها ارتبطت برجل له أبناء واوكلت اليها مهمة رعايتهم وتربيتهم.
واتصور أيضا اننا نعاني من الذكاء الاجتماعي الضروري لأبعاد مشاعر الغيرة داخل مؤسسة الاسرة، وكثير من مشاعر الغيرة هذه لدى زوجة الاب تنبع من ابراز الاب الرعاية والحنان لأبنائه بينما يهمل زوجته واشباع حاجاتها من الاهتمام والاحترام والتقدير، وكذلك فان الاب قد يميز أبناء زوجته الاولى عن أبناء زوجته الحالية فتتولد مشاعر الغيرة والكراهية بين الجميع.
وللأسف أيضا فأننا نعاني من عدم القدرة على استخراج الجوانب الطيبة والمشرقة داخل كل واحد منا، فعندما نشوه الاخرين من قبل ان يصدر عنهم أي خطأ، فأننا بذلك نحكم عليهم ظلما وندفعهم لاستخراج أسوأ ما فيهم من صفات، بينما لو اننا كنا على قدر بسيط من الذكاء لاستطعنا ان نجمل حياتنا بدفع الاخرين لاستخراج كوامن الخير بداخلهم.
مما يؤدي الى بعض زوجات الآباء الى ممارسة العنف والقسوة مع أبناء زوجها هو شعورها الداخلي والنابع من ثقافة المجتمع انها بذلت من جهد وتفاني في خدمة ورعاية الصغار فان صورتها مشوهة لدى الجميع فلا امل للشعور بالأمان او الاستقرار الاسري.
في تقديري اننا ونحن نعيش الالفية الثالثة للميلاد، يجب ان نغير الكثير من عاداتنا الفكرية وثقافتنا المغلوطة عن جبروت زوجة الأب وقسوتها، وحتى لو كان فيها مشاعر القسوة فعلينا ان نعالجها بالحب والحنان وان نثقف وجدانها بالرحمة وعقلها بالحكمة دون دفعها دفعا لإيلام الضمير وتدمير كرامتها الإنسانية.
أتصور ان المجتمع مطالب بتكريس ثقافة الصداقة بين زوجة الاب والابناء، وكيف انهم شركاء في الحياة في بيت واحد يتقاسمون الطعام والشراب والاعياد والرحلات، وان يدفع الاب أبنائه الى الاحسان الى زوجته ومنعهم من ان يتصيدوا لها الأخطاء، في مقابل ان يقوم الاب بزرع الرحمة و السكينة والطمأنينة في قلب زوجته، وهنا يتضح أهمية دور الأب في ان يكون جسرا للرحمة والمودة بين أبنائه وزوجته الامر الذي من شأنه ان يعود بالاستقرار والتراحم داخل مؤسسة الاسرة.
من ناحية اخرى، فان الاب والمجتمع مطالبين بعلاج المشكلات النفسية لدى الزوجة والتي قد تدفعها الى السلوك العدواني تجاه أبناء زوجها ومنها الغيرة الناتجة عن رغبتها الحميمة في آلا يشاركها أحد في زوجها وفي حبه وحنانه حتى ولو كانوا أبنائه. و ان تتعلم ان الحياة مشاركة أخذ و عطاء و ان الحب لا يقتصر على شخص بل ان القلب يتسع لمحبة الجميع بشكل متساوي و منصف كما ان يجب على الزوج مراقبة أولاده و متابعة شؤونهم ليتسنى له كشف أية جرائم او حتى إهمال و تقصير بحقهم و معالجة الموقف و السيطرة على الأوضاع و بالمقابل زوجة الاب مكلفة ان تحمل في قلبها الحب و الرحمة مهما فعل الصغار لانهم اطفال لا يفقهون شيء غير مدركين لما يقومون به ليسوا بالغين عاقلين مدركين لابعاد ما يفعلونه فهم مازالوا غير ناضجين فمن الاولى ان تحتويهم و تصادقهم و تحنو عليهم و تسامحهم و تضع نفسها بمكانهم او حتى اولادها بمكانهم فهل سترضى لنفسها و اولادها ما ترضاه لأولاد الزوج
القصة بالأساس اخلاقية و إنسانية و تربوية و عاطفية لان الانسان الطيب لن يخرج منه سوى الطيب مهما حصل خاصة مع اطفال يحملون البراءة و يتحملون الظروف كالكبار
فإما ان تقبلي و اما ان ترحلي و لكن اياكِ و الظلم فالظلم ظلمات و كما تدين تدان و لن يترك الزمان ثأره لأي معتدي و انا من رايي دوما ان الأولاد مكانهم مع الام ان كانت حية و تغيبت بسبب الطلاق او الانفصال و غيره فمن الأفضل تامين لها متطلبات العيش هي و اولادها اما في حالة وفاتها و اضطرارية سكن الاطفال مع زوجة الاب فيجب ان يكون هناك علاقة من التواد و التراحم و الصداقة و من السهل تحقيق ذلك فقط لو اعتبرتهم فعلا اولادها فكل الحواجز و المشاكل ستتلاشى
كما ان هناك واجبات ايضا مطالب الزوج بتحقيقها لك
ولعل وجود الاب في المنزل لوقت أطول واغداقه مشاعر الحب على الجميع دون تمييز قد يسهم في علاج مشكلات الغيرة، مع نصحه الدائم واللين لزوجته بأن تصبر علي أبنائه حتي يتكيفوا نفسيا واجتماعيا معها.