تمارا سمير البغدادي
لفت انتباهي هذا الخبر بإحدى الصحف، “وتابع، “كل شيء موجود هنا، وكما نقول في بلادنا (من الإبرة إلى الطائرة موجود )””؛ وهو ما علق به أحد الأشخاص عند سؤاله عن معرض “إكسبو موصياد”، وكان هناك عنوان لخبر آخر بنفس الصفحة، ” أردوغان: تركيا تقف بكل إمكانياتها إلى جانب المستثمرين” انتهى.؛ لا يخفى على أحد أن مسيرة حزب “العدالة والتنمية” بدأت بعملية لترميم عصب الاقتصاد التركي لأدراكهم وقتها بأن قوتهم بصناعتهم، فأشركوا رجال الأعمال بعملية الإصلاح وكانت النتيجة مضاعفة المستثمرين وبالتالي أعداد المصانع والعاملين بها ليتضاعف الإنتاج المتنوع لديهم ليصل لدرجة الاكتفاء الذاتي، فنقلوا البلاد من الأقل دخلاً ونمواً إلى الأكثر نمواً؛ وهذا ليس بكلامي بل هو ما أشارت إليه البيانات “أن النمو الذي سجله الاقتصاد التركي خلال الربع الثاني من العام الحالي، أظهر الأداء العالي الذي تمتع به الاقتصاد.”؛ لن أنكر بأنني قد تمنيت من أعماقي بأن يكون هذا الخبر خاص بمملكتي الحبيبة ليختفي الرعب المسيطر علي منذ فتح ملف القانون المعدل.
لست بخبيرة اقتصادية ولكن يعز علي أن أقف بلا حراك وأنا أراهم يدقون المسمار الأخير بنعش قطاعنا الصناعي متخبطين بقراراتهم ليصيبوا عصب الاقتصاد الأردني في المقتل، كيف لا ولقد وصلت قلة الحيلة بنا نحن الصناعيين إلى حد عجزنا عن دفع أجور العمال بل لأكون صادقة قد وصل بنا الحال لتسريحهم ونحن نعلم يقيناً العواقب الوخيمة لهذه التصرفات من زيادة بمعدلات التضخم والبطالة، لكننا عاجزين عن إيجاد البدائل وسط ارتفاع تكاليف الإنتاج وزيادة الضرائب المفروضة علينا ناهيك عن تغول المنتجات المستوردة وعدم قدرتنا على المنافسة لا لعيب بمنتجاتنا؛ فنحن نصدر لأكثر من 120 سوق عالمي والمنتج المحلي ذو جودة منافسة بالأسواق العربية والعالمية، بقدر ما أن العيب بالتشريعات التي تحميها فباتت فرص استمرارنا ونمو أعمالنا كمهمة من مهمات “توم كروز” المستحيلة. كيف لا ونحن نعاني من منافسة غير عادلة بسبب اتفاقية التجارة الحرة مع العديد من دول العالم؛ حيث أن معظم الاتفاقيات الأردنية تميل لصالح الطرف الآخر، فتدخل لأسواقنا سلع مدعومة من بلادها وتباع بأسعار أقل من كلف إنتاجها محلياً؛ كيف لا، وتشريعاتنا الحكومية غير ثابتة؛ فرض الرسوم والضرائب وتصاريح العمالة .ناهيك عن رفع أسعار الكهرباء ورفع الحد الأدنى للأجور؛ ثم يأتي القانون المعدل ليقضي على آخر رمق لنا، فيزيد من حرارة المشهد الصناعي أرتفاعاً بفرض المزيد من الضرائب، بالإضافة لعبء الإثبات في حال الاعتراض والتهديد بالحبس في حال وجود فروقات ضريبية وإلغاء إعفاء أرباح الصادرات؛ ألا يكفينا تحديات التصدير للأسواق الخارجية التقليدية وتراجع نسب التصدير لها، ليزيد القانون المعدل من تحدياتنا بتصدير المنتج الوطني بفرض ضريبة على أرباح الصادرات؟؛ للمعلومية يعتبر الأردن الدولة الوحيدة بالعالم التي تفرض ضريبة على الصادرات، في حين أن الدول الأخرى تتخذ إجراءات من شأنها دعم وتشجيع صناعاتها الوطنية.
بهذه اللحظة بالتحديد أشعر بأني قد تحولت من صناعية إلى قارئة فنجان لقطاع الصناعة وأنا أخبره بأن طريقه مسدود مسدود؛ لكني لا أقوى على مصارحته بواقعه الأليم، فأنا أرى بفنجانه أن العديد من المصانع ستضطر لإغلاق خطوط إنتاجها وتسريح عمالها، وأنا أعي جيداً ما يعني فصل العمال وما سيترتب عليه من تداعيات وأنا لا أتكلم هنا عن ما سيواجهه العامل من مصير حالك وعدم مقدرته على تأمين أبسط احتياجاته؛ ولكني أتكلم عن أرقام تكشف أن من المرجح أن يخسر آلاف العمال وظائفهم وينضموا لقائمة العاطلين عن العمل، مما سيكون له أثر على انخفاض القدرة الشرائية وبالتالي سيتأثر باقي المواطنين سلباً وسيضطر المستثمرين لتعليق استثماراتهم؛ لأن المناخ العام غير موات، ما سيهدد آلاف الوظائف الأخرى خارج القطاع الصناعي مما سيزيد من فرص ردة فعل شعبوية وتحرك ضد الحكومة، لنعود لحالة القلق والخوف والترقب التي اعترتنا إبان أحداث كابوس الدوار الرابع.
تمارا سمير البغدادي