عملية تغيير معالم القدس وتهويدها تسير بشكل متسارع.. وبيع العقارات في تصاعد.. والسلطة آخر من يعلم

جمعة, 10/12/2018 - 19:23

نادية عصام حرحش

قبل أسبوع قررت حكومة إسرائيل اغلاق مدارس وكالة الغوث للاجئين في القدس، واليوم نسمع عن تغيير اسم الفتاة اللاجئة الى اسم آخر.

نعرف تبرير حكومة الاحتلال المتغطرس كالعادة ، فحكومة نتانياهو تحاول الركوب على أي فرصة تحصد فيها المزيد من التخنيقات من تغيير للوضع الحالي الى وضع دائم. فموضوع العودة واللاجئين يبقى صخرة لا تستطيع السلطة زحزحتها من طريق إسرائيل ، كما لا تستطيع إسرائيل الا استخدام ما يمليه ترامب من تبجح واستعلاء في فرصة قد تعتبرها إسرائيل الأفضل من تأسيسها.

فهنا نرجع الى سؤال مبدأي قد يكون بالفعل حان وقت طرحه بلا تردد ولا تهكم.

ما هو دور السلطة الفلسطينية في الشأن الفلسطيني؟ هل هي فعلا ذراع لتنفيذ المخططات الإسرائيلية الصهيونية لإغلاق ملف فلسطين الى الأبد، او الى ما نشهده الان كخط بداية جديد لشكل الدولة الفلسطينية؟

فلا يمكن ان يكون ما يحدث مجرد مصادفات سيئة ، ولا يمكن ان تكون السلطة بهذا الغباء، ولا يمكن ان يكون الطمع والجشع قد أعمى قلوب السماسرة ليصبح الوطن رقما ماليا يضاف الى جيوبهم؟

تتالي الضربات الموجعة، لا تسمح لنا حتى بمتابعتها، ولا بفرض أولويات للاكثر أهمية فالاكثر أهمية منها .

في القدس تحديدا هناك مسألة الخان الأحمر الذي سيؤدي هدمه الى فتح طريق (E) ضمن المخطط الأصلي لضم مستعمرة معاليه ادوميم الي القدس وفصل أبو ديس والعيزرية من خلال بوابة وعزلها وبالتالي فصل تام للضفة الغربية لشمالها عن جنوبها.

زيارات المستعمرين التي صارت للمسجد الأقصى وكأنها امر عادي يكتفي الاعلام بذكر الخبر فيها.عزل كامل للحارات بالقدس واغلاق تام بسبب اعياد جديدة لم تعد تنحصر بيوم الغفران. فما جرى من إغلاق حول الشيخ جراح قبل يومين بسبب عيد لا يعرف عنه اليهود انفسهم يؤكد مرة اخرى عن نية العزل وامكانية تنفيذها متى شاؤوا.

متحف مدرسة شميدت ،اعرق مدارس القدس ، صار من معروضات متحف جامعة تل ابيب الدائمة ، ولا وزارة اثار ولا خارجية ولا دينية تحدث لخبر. ووزارة التربية والتعليم في هذا الامر كاليتيم في “البؤساء” …

العقارات حدث ولا حرج……

عمارة تسر القلوب وسط القدس على مشارف المصرارة، مقابل ما نراه من أسرلة كاملة للعقارات في الشارع المقابل والموازي ، يتبين بعد بنائها أنها بيعت لجهة استيطانية، وأسماء بارزة في الموضوع ، تؤكد ان ما خفي من عقارات أخرى تم بيعها بلا شك اعظم.

عقار حارة السعدية لعائلة مقدسية معروفة ، تبكي العيون بجد عندما ترى أصحابه الجدد قد استوطنوه!

في سلوان تتكشف العقارات المبيوعة تباعا ….. والتبريرات صارت وقاحة مليئة بالبلاغة المصطنعة والمصطلحات الوطنية.

تغيير محافظ القدس المفاجيء في ظروف كهذه كان الأكثر غرابة في ظل وضع يتم الهجوم على القدس وتسطير مصيرها لما يريدونه ان يكون الى الابد.

كيف يتم تغيير محافظ كالذي كان مما يشكله من معالم رمزية على ألأقل ، وهو مهم للغاية في حالة القدس تحديدا ،في وقت تحتاج فيه القدس إلى الترابط الآمن مما تبقى فيها من اهتزازات لا تنتهي.

تبرير وزارة التربية والتعليم بالنسبة الى المدرسة المذكورة، لا يقنع طفل صغير، فاهتمام الوزارة لعدم “خربشة” الانسان العادي من فروع المدرسة من ألف وباء وجيم مضحك. فلا افهم كيف عشنا طيلة هذه السنوات مع تعدد فروع المدارس المختلفة من الف الى باء او واحد الى اثنين بلا زعزعة لأذهاننا وتركيزنا.

السؤال هنا ، هل هناك تنسيق بين وزارة التربية والتعليم والاحتلال ؟ هذا ليس سؤالا تشكيكيا ولا سؤالا تهكميا . فلا يمكن ان نستمر في الادعاء ان ما يحدث من حولنا يبقى في محض الصدفة.

إن تخلي السلطة الفلسطينية عن القدس تدريجيا عن القدس انتهت تدرجاته فلم يبق من القدس الا بعض المعالم المتمثلة بمن لا يزال يحمل حلم الهوية والوطن في وجدانه فيتمسك بما يعرفه من ثوابت.

لماذا لا يتم وضع الانسان الفلسطيني في القدس امام حقيقة الوضع .

فان كان ما يصح من قول بأن هناك من سكان القدس من يصطفون أمام جمعية الاستيطان من اجل بيع ما لهم من حصص في عقارات او اراضي. كما هو صحيح من اصطفاف السكان امام الداخلية في واد الجوز من اجل فرصة للحصول على الجنسية الاسرائيلية.

كما الهرولة للتعليم في الجامعات والكليات الاسرائيلية من اجل فرصة لعمل في القدس “الاسرائيلية”.

والتركيز على التعليم ومؤسساته ليس عبثا، بل هو الأهم في معركتنا الحالية لما هو قادم في مستقبل هذا الوطن، إذا ما أردنا لأبنائنا وطنا لا مكان عيش.

فإذا ما كانت السلطة تريد تحويلنا الى سكان يكتفون باللقمة والمسكن والتعليم بلا انتماء ولا هوية ، فإن ما يجري مناسب تماما في طمس ومسح الهوية الوطنية من عقول الجيل الحالي من الاطفال…..

واختم بنفس السؤال الذي بدأت منه ، إذا كان ما يجري مجرد صدفة او أخطاء غير مقصودة … أين التخطيط والتفكير والتحليل والاستعداد والعدة امام ما يجري. كانت أوسلو خطأ تحول الى خطيئة سببها احتساب النوايا الحسنة نحو الاحتلال. اليوم ونحن نعرف ان هذا الاحتلال جاء ليكون استعمارا دائما ، ونحن هنا شعب وسلطة ، اليس هناك من يقدم أفكارا وطروحات وحلول وبدائل للوضع المعاش على فوهة بركان لا يتهاون الاحتلال عن تفجيره؟

الفيديو

تابعونا على الفيس