سميح الحباشنة
بالبداية نستهل هذا الرأي بأول تجربة حديثة بتطبيق واقعي لهذا القانون، والذي كان من اقتراح مجلس الشعب المصري عام 2012 حيث يُحرم كل شخص شارك في الحكم إبان مرحلة حكم الرئيس المعزول “حسني مبارك” وحامت حوله الشبهات، سواء شُبهات الفساد المالي أو السياسي، من أن يتسلم أي منصب عام في حياته حفاظا على الوطن وعلى المجتمع من تلويثه.
وكان الهدف من هذا التشريع لإنشاء حياة سياسية يمكن من خلالها المضي قدما في تكوين نخبة سياسية اقتصادية قادرة على تحمل المسؤولية بشكل صحيح.
قانون العزل السياسي قانون وقائي يعمل على كف يد أي مسؤول من العبث في منظومة الحياة السياسية في الوطن، ومن أنبل التشريعات تلك التي تمنع الجريمة قبل حدوثها.
صحيح أن هذا القانون تم إقراره في عهد الرئيس محمد مرسي إلا أن عهد الرئيس السيسي مازال يعمل به -حتى لو لم يكن بطريقة رسمية-، فقد حيد السيسي أي شخص يثبت عليه حتى شبهة فساد وليس تهمة فساد، وبحسب نص القانون يحرم هذا القانون أي شخص أفسد الحياة السياسية من تولي المواقع القيادية، ومن بين الإجراءات التي تطبق تجاه مرتكبي جرائم إفساد الحياة السياسية :
أولا :العزل من الوظائف العامة القيادية وسقوط العضوية في مجلسي الشعب أو الشورى أو المجالس الشعبية المحلية.
ثانيا : الحرمان من حق الانتخاب، أو الترشح لأي من المجالس السابقة لمدة أقصاها 5 سنوات من تاريخ الحكم، وكذلك الحرمان من تولى الوظائف العامة القيادية لمدة أقصاها 5 سنوات.
ثالثا: الحرمان من الانتماء إلى أي حزب سياسي لمدة أقصاها 5 سنوات من تاريخ الحكم، إضافة إلى الحرمان من عضوية مجالس إدارة الهيئات أو الشركات أو المؤسسات التي تخضع لإشراف السلطات العامة للمدة نفسها، وقد استنبط هذا القانون من نصوص قانون سابق إبان حكم الملك فاروق المُعنون بـ ( قانون الغدر).
في حالة مثل حالة الأردن يعاني الأمرين من هذه الحالات، فأن إدراج مثل هذا قانون قادر على إعادة الثقة بين المواطن الأردني وبين مؤسسات الدولة بتخصصاتها المتعددة كافة.
لاسيما بالتزامن مع إدراج قانون الكسب غير المشروع وتحويله إلى مجلس النواب تمهيدا لإقراره في الدورة العادية لمجلس النواب.
إن الأردن يرزح من ويلات إفساد الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي مارسها البعض والتي أدت الى نتائج كارثية على الوطن وعلى المواطن في هذا البلد الذي “ولد في النار” ويبقى – لا قدر الله- إذا استمر النهج الاقتصادي على ماهو الآن، حيث ارتفاع حجم المديونية وارتفاع نسبة البطالة وتفشي الجريمة وظاهرة الانتحار لدى المجتمع الأردني.
إن الإصلاح التشريعي الواجب السير قدما به يجب أن يكون قادرا على خلق بيئة سياسية اجتماعية تحت بند إعادة الثقة
تتيح للدولة القدرة للمضي قدما في الخلاص من موضع الفساد بشكل نهائي، وإنشاء حياة سياسية مبنية على اشخاص يشهد لهم بالأمانة والثقة .
“اقتراح قانون العزل السياسي” يجب أن يكون ضمن الخطط المستقبلية للدولة الأردنية بشرط أن لا يكون بيئة لتصفية حسابات سياسية بين “حيتان” السياسة والاقتصاد ضمن ضوابط قانونية صارمة، فالأردن بأشد الحاجة لهكذا تشريع ، ولا ننكر وجود أبعاد كثيرة لمثل هكذا تشريع على الخارطة السياسية والاقتصادية في الأردن، سيكون لنا معها وقفة في قادم الأيام.