ديانا فاخوري
وأرى ملوكاً لا تحوط رعيةً//
فعلام تُؤخذُ جزيةٌ ومكوسُ//
يسوسون الأنامَ /الأمورَ بغيرِ عقلٍ//
وينفُذُ أمرُهم فيُقال ساسهْ//
فأفٍّ من الحياة وأفٍّ منّي//
ومنْ زمنٍ رئاستُهُ/سياستُهُ خساسهْ//
من معركة الكرامة في آذار 1968 الى معركة الغوطة في آذار 2018، الى الانتصارات الاستراتيجية للجيش العربي السوري في الجنوب مرورا بالانتفاضة الفلسطينية الاولى عام 1987(انتفاضة الحجارة)، فتحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي عام 2000، فالانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2001، وتحرير غزة عام 2005، ثم حرب تموز عام 2006 – ها هي قوانين المادية الجدلية والمادية التاريخية تجدد صدقيتها وتؤكد مصداقيتها .. بتطبيق المنطق الجدلي على التطور التاريخي، يمكننا فهم المعنى التاريخي للمعارك والحروب والانتفاضات بوصفها تراكمات كمية تؤدي الى تغيير كيفي ينطوي على ازالة العدوان برمته لا مجرد اثاره .. وهذا ما بات يدركه المحور الصهيواعروبيكي متيقنا ان انتكاساته المتراكمة ليست مسألة سوء حظ وحسب، بل مسار سيصل ذروته وتبدأ عملية التطور النوعي فتزول اسرائيل وتعود فلسطين بكليتها من البحر الى النهر ومن الناقورة الى ام الرشراش، وتعود للأمة كرامتها .. اما إدلب، بمعاركها السياسية والعسكرية – بمناوراتها لعرض القوة، والاستعدادات – فستؤدي بالضرورة، وربطا بالبصرة كما أسلفت في عدة مقالات سابقة، لسحق الإرهاب الامر الذي يفسّر التخبّط الذي تعانيه دول المحور الصهيواعروبيكي (تاملوا في غاراتهم الاستعراضية على مطار دمشق واللاذقية) ويؤكد تراجعها امام دول المحور الروسي الإيراني السوري العراقي .. انه التراجع التدريجي للجيوبوليتيك الأميركي في المنطقة: يريدون إيقافه فخسارة إدلب تشكل انكشافا عسكريا لاحتلال أراض سورية شرق الفرات (الأميركيون والأوروبيون) و شمال سوريا (الأتراك) .. مهزومون لا يريدون الاستسلام فيتوسلون حصار ايران ويعرقلون إتمام السيادة السورية، ومنتصرون من حقهم حصاد النتائج .. ولعلهم جميعا باتوا يدركون أنّ مشروع الأسد للتعاون و التشبيك (البحار الخمسة) تحول من مجرد رؤية استراتيجية الى أمر واقع سيما بعيد قمة سوتشي الثنائية بين بوتين واردوغان!
نعم، من معركة الكرامة في آذار 1968 الى معركة الغوطة في آذار 2018، الى الانتصارات الاستراتيجية للجيش العربي السوري في الجنوب، ومشروع المقاومة يراكم الانتصارات لتجدد قوانين المادية الجدلية والمادية التاريخية صدقيتها وتؤكد مصداقيتها .. ولعل خسارة الأمس العراقية – الى جانب الخسارة اللبنانية – هي الأخطر بالنسبة لمحور الشر الصهيواعروبيكي، بعد رهانات ومليارات فشلت في تشكيل تحالف انتخابي وسياسي يحاصر الحشد الشعبي والعلاقة مع إيران، على صدى وصخب أحداث البصرة .. فها هي هوية العراق السياسية تحسم بعد فوز رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ورئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس الحكومة عادل عبد المهدي بالمناصب الرئاسية الثلاثة خلافا لمشيئة المحور الصهيواعروبيكي!
وهاهو محور الشر ذاته يتراجع مجددا فيعلن ان الخطوة الروسية بإنجاز تسليم شبكة صواريخ الـ”أس 300″ لسورية لا تؤثر على عمل التحالف ضد تنظيم داعش بعد ان كان قد وصفها سابقا بالتصعيد الخطير في محاولة لرفع المعنويات والآمال الإسرائيلية .. اما ضربات الردع اللبناني عسكريا ودبلوماسيا فما فتئت تتوالى على رؤوس قادة الاحتلال مما دفعهم وابواقهم الى إجادة الصراخ والهذيان حتى “مناشدة” ملكة جمال لبنان المتوجة للتو! وفي موقف تاريخي لافت سجلته جولة وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل على المواقع المزعومة، وضع لبنان سفراء العالم أمام مسؤولياتهم تجاه أي عدوان قد يتعرّض له البلد، وكشف “إسرائيل” باكاذيبها في مشهد مربك سياسياً ودبلوماسيا فضح تضليل سياساتها الهادفة الى تغطية عدوانها “الوشيك” واعتدائاتها المتكررة، ونجح في تسخيفها أمام دبلوماسيي العالم .. اما عن مستوى التغطية الإعلامية الداخلية والإقليمية والدولية لهذه الجولة/المبادرة التاريخية، فحدث وبكل حرج .. باستثناء بعض محطات التلفزة الداخلية وبعض الصحف الوطنية، فقد تعمّدت محطات وصحف لبنانية كبرى تمرير الحدث بشكل عارض في حين أفردت لخطاب نتنياهو مساحات كبيرة من أوقاتها وهوائها وصفحاتها، وركزت على استعداد “إسرائيل” لضرب لبنان بسبب صواريخ حزب الله .. وقام بعض الساسة اللبنانيون باستغلال تهديدات رئيس وزراء الكيان الغاصب داعين للتعجيل بتشكيل حكومة محلية موالية للمحور الصهيواعروبيكي!
هؤلاء وأولئك في محور الشر الصهيواعروبيكي جعلوا من النفط الديانة السماوية الرابعة التي لم تهبط من ثقب في السماء! هل خرجت المقدسات النفطية من ثقب في الأرض (والأرض تدور) لتصبح وديعة الهية ؟! وعليه تم استدعاء العقل العربي القبلي ضمن محاولات دؤوبة لاستبعاد العقل العربي الاستراتيجي بغزو مستمر لتحميله أفكارآ غربية رجعية تكفيرية/تلمودية .. كما امتد هذا الغزو ليطال القلب العربي وتحميله بالغرائز والعصبيات بعد تهجير العاطفة الوطنية القومية .. ووصل هذا الغزو الى الجهاز العصبي العربي ليبرمجه على قاعدة رد الفعل, لا الفعل .. وهاهم يعملون على ترويض الأنظمة العربية لنبذ الاعتماد على النفس واستبداله بالتوكل على امريكا والاعتماد على الغرب والاستعانة بالتنويم المغناطيسي لتمجيد “التلقي” وشيطنة “المبادرة”!
فيا قوم اعقلوا وتعالوا الى كلمة سواء ..
يا قوم اعقلوا .. وصححوا البوصلة باتجاه فلسطين!!
يا قوم اعقلوا وليكن بأسكم على العدو شديدا .. ولتكن عقولكم وقلوبكم وسيوفكم جميعآ واذكروا قوله تعالى في الآية 14 من سورة الحشر: “بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعآ وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون”.
يا قوم اعقلوا: لا فلسطين, ولا سوريا, ولا العراق قابلة للقسمة .. والاسكندرون عائدة!
اما اليمن، فكم قلنا و أعدنا القول: انها اليمن ان صلحت صلح العالم , وان اضطربت اضطرب العالم .. اقرأوا التاريخ وامعنوا النظر في خريطة البحار و مضائقها خاصة عند نقطة التقاء أمواج الحرب والسلام .. هي اليمن خاسر كل من يطأ ارضها, وخاسر أيضآ كل من يعصف سماءها! فانزلوا _ يا هداكم الله _ عن الأشجار ولا تقطعوا الغصن الذي تجلسون عليه او ذاك الذي قد يظللكم .. لا تسمحوا بتنفيذ مخطط “برنارد لويس” لتفكيك السعودية وتشظيتها وتفتيتها .. نعم لا نمل من تكرار هذه الدعوة لمغادرة الجانب المظلم من التاريخ .. تعالوا ليوم مرحمة ولكلمة سواء ولا تغرقوا في العدم!
يا قوم اعقلوا وادفعوا بمحور الأرض فيميل بكليته نحو فلسطين بكليتها!
يا قوم اعقلوا: باطل جهادكم وملغى كأنه لم يكن اذا انحرف عن بيت المقدس وفلسطين من النهر الى البحر, ومن الناقورة الى ام الرشراش .. فوجود اسرائيل يعني ديمومة النكبة .. وازالة النكبة تعني ازالة اسرائيل! نعم يرتكز وجود اسرائيل الى وعلى سرقة ومصادرة الأرضِ الفلسطينية وطرد الشعب الفلسطيني وهذه هي النكبة فلم تكن فلسطين يوما أرضا بلا شعب لتوهب لشتات بلا أرض – ممن لا يملك لمن لا يستحق!.. إذن وجود اسرائيل هوالمرادف الطبيعي للنكبة الفلسطينية .. وعليه فان ازالة النكبة ومحواثارها يعني بالضرورة ازالة اسرائيل ومحوها من الوجود – لا تعايش، نقطة على السطر .. و لن تفلح محاولات المحور “الصهيواعروبيكي” اليائسة البائسة كما ينفذها وكلاء الداخل – بدفع الأردنيين لتلقي “صفعة القرن” صاغرين .. فكما على ثرى الأردن كذلك في السماء، و لن تحتمل السماء “صفقة القرن” التي يصفعها الأردنيون لينال الفلسطينيون، كل الفلسطينيين، حقهم بالعودة وإزالة النكبة بإزالة أسبابها وآثارها – ازالة اسرائيل، نقطة على السطر. وها هم لاجئو و نازحو الأردن و لبنان والدول العربية يتأهبون للعودة الى الجمهورية العربية الفلسطينية، و عاصمتها القدس!
فيا قوم اعقلوا وتعالوا ليوم مرحمة وكلمة سواء .. وباسم الله وجهوا كل البنادق الى تل ابيب .. وباسم الله اقرأوا: “نصر من الله، وفتح قريب”!
كاتبة عربية أردنية