ربى يوسف شاهين
كثيرا ما نسمع بامتداح العرب للغرب في أسفارهم ومعاملاتهم الحكومية للمغتربين، وتتناقل الأصداء عن الوجه الحسن للغرب، وإن كنا لا ننكر أن أصابع اليد ليست واحدة، فحتى أمريكا في نظام التعاملات لديها احترام العميل (الزبون) ولا يوجد ما يسمى روتين الوظيفة، فهي السباقة في العلاقات العامة لكن التناقض الحاصل هنا يدعي الاستغراب!….
لأنه من أهم البنود لدى الإدارة الأمريكية “المواطن الأمريكي” في المقام الأول، وهذا يعني ان لا تفرقة بين الأعراق فيكفي الامر انه امريكي، ولكن ما يحدث في عهد الرئيس ترامب النقيض تماما، فالتفرقة العرقية لا تنفك تخرج من فمه في مناسبات عدة، وأخرها بوصف الرئيس ترامب المستشارة السابقة في البيت الأبيض أوماروزا مانيغولت نيومان، بـ”الوضيعة” و”زنجية”.
وهنا وددت ان أوضح أن الإنسان ينطق بما يضمر فتاريخ امريكا حافل بالتفرقة العنصرية والاستغلال.
في الشرق الأوسط بالذات حاولت امريكا اللعب على اوتار الأقليات مستغلة ثغرات الضعف في البلد الذي تراه مناسبا لضخ السم فيه، تأتي طبعا متذرعة بانها تساعد وتساند الضعيف، ولكنها في الحقيقة تهاود لتوسع دائرة سيطرتها، وبالتالي زيادة الضعف والانقسام حيثما حلت.
وفي الشرق الأوسط أيضا ولكونه يضم عددا كبيرا من الأقليات الدينية فقد وجدت ضالتها التي تبحث عنها وهذا ما حدث في العراق وسوريا.
طبعا التخطيط المسبق والمدروس هو منهجها، فتبدأ بالتمهيد لمشروعها محاولة شرعنته عن طريق إقامة المؤتمرات الدولية، فقد عقدت مؤتمرا بعنوان “الحريات الدينية في العالم” عقد في تموز 2018 وذلك لمناقشة سبل الدفاع عن الحريات الدينية في العالم وكيفية حماية هذه الحريات والتمويل الأمريكي المقدم من المؤسسات الامريكية، كما جرى الحديث عن مظلومية مسلمي الروهينغا (قومية عرقية) وبعض الأقليات الأخرى في الشرق الأوسط.
وفي سنة 2010 أصدرت الخارجية الأمريكية تقريرا عن الدولة المصرية ركزت فيه عن الاعراف والعادات والأخلاق والقيم متخذة من الأقليات الدينية سببا للتدخل في شؤون مصر الداخلية.
سيناريوالمصداقية لواشنطن في حماية الأقليات يتكرر في العراق وسوريا وادعاءاتها بحماية الأكراد والدفاع عنهم خلال سنوات الحرب اصبح عاريا عن الصحة، وقد اتضح زيفه عندما غزت تركيا عفرين، فلم تحرك ساكنا لمساعدتهم وايضا عندما هاجمت التنظيمات الإرهابية الإيزيديين في العراق 2014، وكذلك الاضطهاد الذي يلقاه الشيعة في البحرين وكذلك في السعودية.
وهذا لم يعد خفيا على احد ففي تصريح لوزير الخارجية الايراني “ظريف” قائلا: “أمريكا تستغل عددا من الأقليات السورية وتستخدمهم كميليشيات ذات اهداف قصيرة المدى،إلا ان هذا الأمر يستتبع آثارا بعيدة المدى في تاريخ الشعب السوري وسيؤدي إلى عدد من التوترات الخطرة التي تعيشها المنطقة”
والمتابع لما حدث خلال الفترات الراهنة سيكتشف زيف ادعاءات أمريكا، وانها لا تهتم سوى لمصالحها وإن مبتغاها الأكبر هوتوسيع دائرة التمزق الداخلي للبلد الذي تضع عينها عليه، تاركة هذا البلد يتخبط داخليا ليسهل عليها وضع قدمها وإن كان موضع القدم دما لا تبالي .
الحديث عن الديمقراطية تتغنى به وليس لها من بنوده بشيء، فالمظلة الأمريكية تتسع للأحقاد فقط وقد بدا ذلك واضحا في قرار وقعه الرئيس ترامب في 2017، يحظر دخول اللاجئين السوريين إلى الأراضي الأمريكية ويمنع إصدار تأشيرات دخول لمواطني ست دول اسلامية
وكما قال أحدهم ” ولله في خلقه شؤون ” .