د. كمال الهلباوى
نشرت جريدة الاهرام يوم 31-7-2018 مقالا بعنوان: (المنشقون عن الإخوان) بقلم جمال زايدة، يتساءل ويزعم فيه الآتى :
هل صحيح انشق الهلباوى عن الجماعة وقبل العمل السياسى وفق قواعد الدولة المدنية الحديثة؟ أم أن تلك إحدى مناورات جماعة الإخوان.
وهل فى حالة الفشل الهروب إلى الخارج، والهجوم على الدولة المصرية، وإعلان الاستقالة من المجلس القومى لحقوق الإنسان؟
أن كمال الهلباوى فى حديث له على إحدى القنوات يتاجر من خلالها بالقضية الفلسطينية يخلط ما بين الوطنية والقومية والمشروع الإسلامى.
أن كمال الهلباوى يهاجم الغرب الذى يعيش فى كنفه الآن ويتهمه بالفساد واللا أخلاقية.
أن كمال الهلباوى يهاجم المملكة العربية السعودية وهو يعلم من أين يأتى تمويل القناة التى يتحدث من خلالها.
أن كمال الهلباوى يدعو إلى التعاون مع الحاكم الديكتاتور أردوغان الذى يريد أن يبتلع العالم العربى من خلال مشروعه الفاشل مع الاخوان.
أن كمال الهلباوى يرى أن ايران هى نموذج الدولة العصرية الحديثة رغم انتهاكات حرية التعبير وحرية المرأة فى ايران.
كما يرى جمال زايدة وجود حالة من الصمت تجاه الهلباوى من المجلس القومى لحقوق الانسان ومن الوزير السابق محمد فائق قبل الاستقالة.
وفى نهاية الخبر قال جمال زايدة: ألم يعلن الرئيس السيسى الموقف من جماعة الإخوان بشكل واضح؟ الم يعلموا أنه لا قبول لجماعة دينية تتنافس على السلطة على أرضية الدولة المدنية!
أثار الكاتب الذى لا أعرفه على عكس ما يزعم فى مقدمة مقاله ، أثار، عدة قضايا وإتهامات مهمة منها : الانشقاق عن جماعة الاخوان المسلمين ،والسعى للتسلل إلى مفاصل الدولة، ثم الهروب للخارج والاستقالة من المجلس القومى لحقوق الانسان . كما إتهمنى الكاتب بتهم معظمها يتم عن الجهل بالتاريخ والمواقف والكتابات الواضحة.
نعم لقد استقلت من الاخوان يوم 31/3/2012، وهو نفس اليوم الذى أعلن فيه الاخوان الترشح لرئاسة الجمهورية بعد أن كانوا قد تعهدوا بعدم الترشح للرئاسة أثناء الثورة، وقد استقلت لاسباب عديدة منها نقض الوعود، وترك ميدان التحرير مبكرا، هرولة إلى البرلمان ,بل الدعوة إلى فض الميدان، وإتهام الثوار بالبلطجة فى محمد محمود، وقد قلت آنئذ، لو أن حسن البنا كان حيا لما وسعه إلا أن يظل فى الميدان يقود الثورة والثوار. استقلت من الاخوان لأسباب عديدة ذكرت بعضها هنا، ولم أستقل لأنضم إلى حزب آخر أو جماعة أخرى، ولو كنت أسعى إلى التسلل إلى مفاصل الدولة كما يزعم الأستاذ جمال زايدة فى مقاله، لبقيت فى الاخوان وهم يتقدمون إلى السلطة، أو إنضممت إلى حزب آخر، وشاركت فى الانتخابات أو تسللت بطرق أخرى كما تسلل آخرون، ولكن النفس كانت تأبى كل ذلك وخصوصا أننى عدت إلى مصر بعد سنوات المنفى الأولى(23سنة) أيام مبارك وأنا فوق السبعين من العمر.
أما الهروب إلى الخارج كما يزعم الاستاذ زايدة، فإننى سافرت معززا مكرما من مطار القاهرة وفى توديع واحترام من الأحباب فى المطار وخارجه، لأننى كنت مريضا ولم أجد العلاج اللازم فى مصر للأسف الشديد.
كما أن استقالتى من المجلس القومى لحقوق الانسان، فهى كما أعلنت سابقا، لتخفيف الضغط على رئيس المجلس المحترم الأستاذ محمد فائق ، وحتى لا يقال إننى أتكلم بصفتى عضوا بالمجلس القومى لحقوق الانسان.
نعود الآن إلى التهم المباشرة التى إتهمنى بها الأستاذ زايدة، ومن هذه التهم، المتاجرة بالقضية الفلسطينية، والخلط بين الوطنية والقومية والاسلامية، والهجوم على الغرب رغم الحياة فيه، والعمل مع الامريكان فى أفغانستان،والهجوم على السعودية ،والتعاون مع الديكتاتور أردوغان الذى يخطط لابتلاع العالم العربى،واعتبار إيران هى النموذج للدولة العصرية الحديثة. ثم يختم الكاتب مقاله بموقف الرئيس السيسى المعلن من الاخوان. هذه هى مجمل التهم والقضايا التى أثارها الكاتب فى مقاله .
رأيت من الواجب أن أوضح موقفى من كل هذه القضايا والاتهامات ، ولكننى قبل كل ذلك أحمد الله تعالى الذى أكرمنى يوم كتابه هذا المقال بالاطلاع على حكم قضائى صدر فى الأردن، ونشر فى جريدة عمون الأردنية نقلا عن البوصلة للأنباء يوم 31-7-2018، فى قضية إتهام باطل لى وللدكتور همام سعيد مراقب الاخوان المسلمين فى الأردن بأننا إلتقينا بمسؤولين كبار من المخابرات الأمريكية والبريطانية فى تركيا سنة 2011 . وبعد سبع سنوات من الاتهام الباطل قضت المحكمة الأردنية بالبراءة من التهم الكاذبة وتغريم الجريدة بأربعة آلاف دينار للدكتور همام سعيد ومثلها لى. وإذا جاءت فإننى أتبرع بها لقضية فلسطين.
أما المتاجرة بالقضية الفلسطينية، فكتاباتى موجودة فى داخل مصر وخارجها منذ أن تعلمنا حب المقدسات،وفلسطين والدفاع عنها فى الصغر ( فى المرحلة الثانوية) داخل تنظيم الاخوان المسلمين ، وكانت هذه قضية الامام حسن البنا الأولى، التى دعا إلى دعمها وتشكيل لجان لها فى مصر منذ 1935، وأرسل الوفود من أجل ذلك الدعم إلى فلسطين والشام ، وشارك الاخوان مشاركة جادة فى حرب 1948 ، ولكن خيانات بعض الأنظمة العربية والأسلحة الفاسدة،ودعم الغرب للعصابات الصهيونية، كان وراء الهزيمة وقيام اسرائيل التى تسعى معظم الأنظمة العربية اليوم للحوار والتطبيع معها، وتسعى تلك الأنظمة من خلال الاعلام لاعتبار وإتهام كل المقاومة لاسرائيل بالارهاب. والكاتب (زايدة) جزء من هذا الاعلام وهذا النظام .
إتهمنى الكاتب جمال زايدة بأننى أتاجر بالقضية الفلسطينية لأننى قلت فى الحوار التليفزيونى إن الجهاد والمقاومة فى فلسطين مثل الصلاة. ولعله يعلم – وربما قرأ أو شاهد – كلامى عن قضية فلسطين فى العديد من المناسبات .
لقد تعلمنا من القرآن الكريم ” وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ” والفلسطينيون لم يذهبوا إلى اليهود فى بلادهم التى أتوا منها، ولكن أولئك الاسرائيليين أتوا إلى أرض فلسطين من شتى أنحاء العالم الذى كرههم وقاتلوا أهل فلسطين واعتبروها أرضا بلا شعب، واحلتوا الأرض ولا يزالون، وارتكبوا كل الجرائم فى حق أهل فلسطين والبلاد العربية المجاورة ومنها سيناء والجولان وجنوب لبنان.
ويعرف الكاتب أننى لم اشارك فى أوسلو ولا مدريد ولا وادى عربة ولا شرم الشيخ ولا واشنطن ولا موسكو ولا كامب ديفيد، فكيف تكون المتاجرة ؟ ولم أمثل مصر ولا غيرها فى أى محادثات سرية أو علنية مع الصهاينة المجرمين ولا مع داعميهم من الغربيين أو الشرقيين . كما يعرف اننى لم أجتمع سراً ولا علانية مع بيجِن أو شارون أو تسيبي ليفني ولا نتينياهو ولا اضحك مع أى منهم كما يفعل بعض حكام العرب.
والحوار الذى يشير إليه الكاتب جمال زايدة هو حوار قناة الميادين