ديانا فاخوري
كثير من النفط يفرح (بضم الياء وكسر الراء) قلب الرأسمالية وأنظمتها وأحلافها المتعسكرين في فسطاط الشر الصهيواعرويكي النيوعثماني وملاحقه وتوابعه وكافة الأدوات من خونجة وقاعدة ونصرة وداعش وأخواتهم والمشتقات الأخرى .. كثير من النفط ولتحزن قلوب الأمة باختطاف السنة ومذهبتها .. انها محاولات المتملقين الأشد كفرآ ونفاقآ استخدام النفط ونمط المجتمع الاستهلاكي لتجريد السنة من تعدديتها وتحجيمها وأسرها في مجرد مذهب أو حركة أوحزب أوتيار أو دويلة أو حتى دولة!
انها محاولات لالغاء الآخر والأغيار بالغاء المساحات بين “الحلال” و”الحرام” .. انهم بهذا يتجاهلون مساحات “المباح” و”المستحب” و”المكروه” ويعملون على حرمان الأصول الفقهية من “القياس″ و”الاجماع, والسعي اليه”! انهم يرفضون نسبية الرأي الانساني كما نظر (بالشدة على الظ) لذلك الشافعي: “رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي الخصم خطأ يحتمل الصواب” ..انهم يرفضون “غلبة الظن” كما أغلقوا “أبواب الترجيح” .. أطاحوا ب “المنزلة بين المنزلتين” و”يجوز الوجهان” و”الله أعلم”!
ولم تكتف امريكا (والغرب بالمعية) بتركة “الستين الف شيخ ” يبكون “تحت قميص عثمان” فعمدت لمضاعفتهم وتعظيمهم ربما. الى ما يزيد على ستة ملايين شيخ ” يبكي تحت قميص عثمان وهو منصوب لهم، وقد ألبسوه” كافة منابر الأمة، لا “منبر دمشق ” وحسب.
لن نقول ان جون فوستر دالاس منفردا هومن اخترع ذلك النوع الاعمى من الاسلام بحجة درء الشيوعية .. هذا النوع من الاسلام يفارق عبقرية النص وتفاعليتة .. هذا النوع من الاسلام ان هو الا نتاج ذلك التواطؤ الهائل بين العديد من رجال السياسة والعديد من رجال الدين لتدخل “داعش” في كل واحد منا فندخل نحن في التأويل التلمودي للنص وللتاريخ، ونتيه خارج ديناميكية الزمن .. الم يلطخ البائع الجوال فرنسوا هولاند مثلا بالتواطؤ مع السلطان التائه رجب طيب اردوغان ايديهما بالدم السوري لاغراض جيوبوليتيكية وبحثا عن الصفقات داخل طوفان الجثث الذي يجتاح كل الحدود ويحطم كل الاسوار، وكل ما هو خلاق وعبقري في المنطقة!
التحريض المذهبي صنعتهم, وخلق الفتنة منهجهم، وتزييف الوعي صناعتهم . وتتجلى اليوم قدراتهم هذه في التحريض على صراع داخل المنطقة استنفارا لشتى الانتمائات الديموغرافية والاثنية وإلدينية والمذهبية والثقافية والفكرية الأمر الذي يستدعي مرحلة من الفوضى السياسية تعهد واشنطن لاسرائيل بادارتها توطئة لصفقة القرن – وسيلة اسرائيل الى “الوطن البديل”!
وها هي دراسة صادرة مؤخراً عن مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ – كما جاء في صحيفة “رأي اليوم” بعددها الصادر في July 6, 2018 – تخلص الى إنّ الفرصة الآن أصبحت تاريخيّةً لعزل القضية الفلسطينيّة عن مسارها العربي عبر تعزيز التعاون مع الدول المُصنفّة وفق المُعجم الصهيونيّ بالدول السُنيّة المُعتدلة، التي أصبحت ترى أنّ هناك تهديدات على مصالحها الخاصة أهّم من الصراع الفلسطينيّ- الإسرائيليّ، وأنّ هذه التهديدات على الدول المذكورة هي نفس التهديدات التي تُواجه دولة الاحتلال. وشدّدّ موشيه يعلون، وزير الأمن الإسرائيليّ السابق، في الدراسة عينها على أنّ دور إيران كزعيم لما أسماه بـ”المحور الراديكاليّ” الذي يعمل بدونٍ كللٍ لتقويض الأنظمة السُنيّة، وتقسيم العالم العربي ككلّ، مُشيرًا إلى أنّ الحرب الأهلية في سوريّة واليمن هي صورة مصغرة للتوترات والصراعات الإقليمية من أجل السيطرة، وفق تعبيره.
فهل يفوز هؤلاء المتملقون الأشد كفرآ ونفاقآ؟!
أكرر اعتذاري من ابن خلدون والكواكبي مؤكدة هزيمة هؤلاء ف “أنى تكون مصلحة الأمة، فهناك شرع الله” كما علمنا ابن حنبل!
فيا قوم اعقلوا، وتعالوا ليوم مرحمة وكلمة سواء وقولوا هيهات منا الفتنة – فهي أشد من القتل، بل هي وسيلته!
كاتبة من الاردن