اليوم انفو : ذهبت قضيّة مقتل المُلاكم السوداني محمد عبداللطيف أو حملت في طيّاتها استغلالاً وأبعاداً سِياسيّةً، لم تَكُن تَحتَمِلها القضيّة وفق نُشطاء قطريين، وفي تفاصيل “الجريمة” لَقِي المُلاكِم المعروف باسم “جيقي” مصرعه رَمياً بالرصاص، وذلك قُرب نادي السد بالعاصمة القطريّة الدوحة، في حادِثةٍ أحدثت جدلاً، وأعادت قطر ربّما في مرمى تَجَدُّد الاتّهامات بعدم حماية المُقيمين على أراضيها، كما أحدثت صدمةً في الأوساط الرياضيّة.
وبحسب الصُّحف القطريّة، تعود بداية الجريمة، إلى زواج “المغدور” من سيّدة قطريّة من قبيلة الهواجر، وسبق لها أن تزوّجت من مُقيم سوري، والقاتل بحسب مصادر الصحف المذكورة، هو شقيق الزوجة، بالرغم من مُوافَقة والدها على الزواج، وتحذير والدها لزوجها الملاكم من الغدر، حيث كان يتلقّى الأخير تهديداتٍ من شقيق زوجته، الذي طالبه بتطليقها، ألا أن الأخيرة كذلك تمسّكت بزوجها، ورفضت الطلاق.
مواقع التواصل السودانيّة ضجّت بخبر الجريمة، بل وهاجم البعض على منصّاتها السلطات القطريّة التي لم تُؤمّن الحماية للقتيل ابن بلادهم، وطالبوا حكومتهم بالانضمام إلى دول المُقاطِعة لقطر، بينما توجّه أهل القتيل إلى قطر، لاستكمال الإجراءات، حيث لم يَصدُر عنهم حتى اللحظة أي اتّهامات للسلطات القطريّة، حيث أكّدوا رواية تعرّضه للقتل على يد شقيق زوجته، حيث تم خداعه، واستدراجه إلى خارج الصالة، من ثم ليُطلق عليه شقيق زوجته النار، ويُصيبه في قلبه، ويسقط قتيلاً على الفَور.
الإعلام المِصري بدوره تضامن مع المُلاكم السوداني، وأخذ يعزف على أوتار علاقة بلاده المُتوتِّرة مع قطر، وأخذ يأمل بأن تُدخِل الحادِثة العلاقات السودانيّة- القطريّة نفقاً مُظلماً جرّاء الحادثة التي وفق نُشطاء قطريين لم تَخرُج من الإطار الجُرمي الاجتماعي، وحملت استغلالاً أبعاداً سياسيّة، وحَمَّلت السُّلطات القطريّة المَسؤوليّة المُباشرة “عن اغتياله”.
السعوديون بدورهم، أثاروا الجدل سريعاً حول حقيقة اغتيال المُلاكم السوداني مع تسيّد بلادهم حملة المُقاطعة لقطر إلى جانب الإمارات والبحرين ومِصر، وتَردَّد على مِنصّاتهم حديث أو شائعات، تقول أن المُلاكم السوداني تم اغتياله، لرفضه الجنسيّة القطريّة، وتمسّكه بجنسيّته السودانيّة، بعد أن عرضت عليه قطر جنسيّتها، لتمثيلها في المحافِل الدوليّة، وهو ما رفضه الملاكم السوداني، بل وأكّده بالفعل حسب مقطع فيديو مُتداول له، يتحدّث فيه عن تمثيله للسودان، فقط السودان، حتى لو عُرض عليه الألوف، والملايين.
ومما وسّع دائرة الشُّكوك كما ينقل نُشطاء سودانيين حول حقيقة اغتيال ملاكم بلادهم، وارتباطها بمشاكل قبليّة، تَرفُض زواج بناتها من جنسيّات أُخرى، هو عدم إصدار قوّات الأمن القطريّة أي بيان تفصيلي حول الواقِعة، وصمت قناة “الجزيرة” عن تناول الخبر، بأيِّ من نشراتها الإخباريّة نهائيّاً.
وبعيداً عن البُعد السياسي، وحقيقة “الاغتيال” من عدمه، عبّر حقوقيّون ونُشطاء من السودان، عن استيائهم حتى من فكرة مقتل ابن بلادهم، لمُجرّد أنه تزوّج قطريّة، محسوبة على قبيلة كبيرة، وأعادوا جدل الحديث حول الفوارق الطبقيّة بين الشعوب العربيّة، مُؤكِّدين أن مقتله لأسباب حقد طبقيّة، والشعور بالأفضليّة، مأساة تُسيء للإنسانيّة جمعاء، بغض النظر عن جنسيّة قاتله، والأراضي التي غُدر عليها، وراح قتيلاً.
وكانت الأنباء الأوليّة للحادِثة قد أشارت إلى مقتل المُلاكم بحادث سيّارة، لكن أهل القتيل أكّدوا رواية مقتله بالرصاص الحي، كما أعربت المنظمة الحُقوقيّة للثقافة وحقوق الإنسان عن بالغ قلقها من “التعتيم المقصود” الذي تفرضه السلطات القطريّة على قضيّة مقتل الملاكم كما نقلت عنها وسائل إعلام عربيّة وخليجيّة، وأبرزت وسائل إعلام بعينها تقارير تتحدّث عن اتِّهامات تطال ضابط برتبة عقيد في جهاز أمن الدولة القطري، هذا ولم يُعرف عن البطل الملاكم أي نشاط سياسي يُذكر، وهو حاصل على عدّة ميداليّات، وبُطولات في كمال الأجسام.