اليوم انفو : خلع أسنان، ربما اضطر رائد الفضاء الألماني ألكسندر جيرست لذلك أيضا على متن محطة الفضاء الدولية حيث إن جيرست البالغ من العمر 42 عاما تلقى تدريبا خاصا على كيفية مواجهة الطوارئ البسيطة ، والتي من بينها على سبيل المثال تخييط الجروح “ولكن من حسن حظه أن معه في المحطة الطبيبة الأمريكية زيرينا أونون تشانسيلور” حسبما قالت الطبيبة الألمانية كلاوديا شترن التي ترأس قسم الطب الفضائي في المعهد الألماني لأبحاث الطيران والفضاء في مدينة كولونيا.
انطلق جيرست في السادس من حزيران/يونيو المنصرم مع الطبيبة الأمريكية والروسي سيرجي بروكوبيف لمحطة الفضاء الدولية.
ومن المقرر أن يظل هؤلاء في المحطة وأن يجروا هناك عدة أبحاث علمية حتى كانون أول/ديسمبر القادم . وسيقوم الثلاثة في بعض الأحيان بدور فئران التجارب.
ربما تمنى الكثيرون أن يحلقوا بأجسامهم في الفضاء بعيدا عن تأثير الجاذبية ولكن ذلك يمثل لرواد الفضاء اختبارا يتطلب أقصى القدرات الجسمانية والعقلية للإنسان “فليس البقاء نصف عام على متن محطة الفضاء نزهة” حسبما قال رائد الفضاء الألماني السابق أولريش فالتر الذي سافر للفضاء عام 1993 على متن مكوك الفضاء الأمريكي “كولومبيا” وقضى عشرة أيام هناك.
يصيب الشعور غير المعتاد بفقدان الجاذبية الأرضية الكثيرين بالغثيان والقيء “حيث يظن مخ الإنسان أن هناك شيئا ما ليس على ما يرام” حسبما أوضحت الطبيبة شترن مضيفة أن انطباعات مختلفة تماما تصيب الإنسان حيث يمكن أن تتولد مشاكل مع جهاز التوازن بالجسم.
إضافة لذلك فإن جلد الإنسان يتوقف عن الاحساس بأي استثارة “وعندما يعود رواد الفضاء للأرض فإنهم يشعرون بنفس التأثير”.
يقول رائد الفضاء الألماني السابق فالتر متذكرا رحلته الفضائية : “اضطررت لاستخدام البخاخة بعد 15 دقيقة من هبوطي على سطح المحطة لأن أنفي سُدت”.
يتورم الغشاء المخاطي لأن السوائل داخل الجسم تتحرك بدون جاذبية “ولكن ذلك يتوقف بعد بضعة أيام”. لحسن الحظ لم يضطر فالتر للتقيؤ.
ستقوم شترن وزملاؤها في معهد دراسات الفضاء في كولونيا بإجراء أول أبحاثهم الطبية والعلمية على جيرست لدى عودته للأرض “وسنركز لدى السيد جيرست بالدرجة الأولى على تراجع العضلات وتراجع نمو العظام” حسبما أوضحت شترن مضيفة: “فالأمر يشبه للجسم ما نشعر به عندما نظل فترة طويلة في الفراش”.
لذلك فإن الباحثين ينوون أيضا إجراء اختبارات خاصة بتقدم السن.
ديتر بلوتنر خبير في هذا المجال في مستشفى شاريتيه برلين حيث يرأس تجربة خاصة بمحطة الفضاء الدولية عن تراجع النمو العضلي.
يستخدم رواد الفضاء على متن محطة الفضاء الدولية ISS جهازا صغيرا بحجم الأيفون لفحص جهازهم العضلي عند فقدان الجاذبية حيث يرسل هذا الجهاز نبضا آليا صغيرا للجلد والعضلات التي تحته ويرصد رد فعل هذه العضلات على هذه الإشارات.
وتوفر هذه البيانات على سبيل المثال معلومات عن جهد العضلات ومرونتها أو تصلبها “ويمكن أن تفيد النتائج في الطب النفسي وأبحاث الشيخوخة أو في أبحاث التدريب الرياضي” حسبما أوضح بلوتنر.
كلما تدرب رائد فضاء أثناء الفترة التي يقضيها على متن محطة الفضاء الدولية كلما كانت الرعاية الصحية اللاحقة له أفضل تأثيرا “حيث يفقد رائد الفضاء بعد نصف عام نحو 20 إلى 25% من حجم عضلاته”. لذلك فإن تدريبات اللياقة اليومية مهمة جدا وإن كانت غير محببة كثيرا لدى رواد الفضاء حسبما يقول الرائد السابق فالتر مضيفا: “إنه أمر ممل لأقصى درجة عندما يسير الإنسان ساعتين على عجلة الجري الثابتة وأعلم من خلال تجربتي الشخصية أن الجميع يقومون بهذه التدريبات عن غير رغبة منهم”.
ورغم ذلك فإنه يوصي جيرست بالتدرب بشكل منتظم.
هناك عامل يخفض من جهد الإنسان وقدرته الجسمانية وهو ما يسمى بحمى الفضاء حيث تظهر القياسات التي قام بها هانز كريستيان جونجا، زميل بلوتنر، أن درجة حرارة جسم رواد الفضاء ترتفع بما يصل إلى درجة مئوية، أي تصل إلى 38 درجة مئوية “ولكننا لم نثبت حتى الآن وجود علاقة بين ارتفاع درجة الحرارة وتراجع العضلات” حسبما أكد بلوتنر.
ولكن الأمر يختلف فيما يتعلق بآلام الظهر “فعدم انضغاط فقرات العمود الفقري بفعل الجاذبية يؤدي إلى تغير العمود الفقري لدى رائد الفضاء حسبما أوضح بلوتنر.
لذلك فإن طول الإنسان يزداد بواقع 1 إلى 2 مليمتر في الفضاء.
لذا فإن وضع رواد الفضاء كثيرا ما يتحول تلقائيا إلى جلسة القرفصاء ذات الظهر المستدير مما يؤدي إلى إصابتهم بآلام. لذلك فإنهم يشتكون بعد عودتهم للأرض من الشعور بآلام في القدم والظهر والرقبة “فلقد عانيت فترة طويلة من آلام في الظهر” حسبما تذكر فالتر.
تدرس الطبيبة شترن أيضا مشكلة أخرى معروفة وهي الأضرار التي تصيب رواد الفضاء في العين “حيث إن مقلة العين لدى بعض رواد الفضاء تصبح مسطحة ويتورم العصب البصري” حسبما أوضحت الخبيرة الألمانية مضيفة: “
أحيانا تتراجع هذه التغيرات مرة أخرى ولكن أسباب ذلك غير معروفة”.
وتشير الطبيبة الألمانية إلى أن هذه التغيرات لا تتسبب في تراجع القدرة على الإبصار. ورجحت الخبيرة أن تكون الجسيمات التي تحوم في محطة الفضاء مزعجة للعين. كما أن رواد الفضاء يحرصون أثناك حركتهم تحت تأثير انعدام الجاذبية على ألا يصطدم رأسهم بأي جسم.
غير أن الإجهاد النفسي لرواد الفضاء أكثر ضررا عليهم من الإجهاد الجسدي حيث يصعب الاستعداد لهذا العبء النفسي حسبما أوضح فالتر “ولحسن الحظ كان لدي خلال الأيام العشرة كلها عمل كثير جدا جعلني لم أستطع القيام بأي عمل آخر”.
أشار فالتر إلى أن الإجهاد النفسي يتزايد مع مرور الوقت وذلك لعدم وجود ما يشغل رواد الفضاء ويسليهم، كما هو الحال على الأرض “فليس أمامك فرصة مثلا للذهاب لشراء بيتزا أو الذهاب للسينما”. كانت هناك مفاجأة أواخر بعثة جيرست الفضائية في يوم أحد عام 2014 حيث رن جرس هاتفه المحمول وكان رائد الفضاء ألكسندر جيرست على الهاتف “وأراد أن يتبادل أطراف الحديث معي قليلا” حسبما تذكر فالتر.