د. كمال الهلباوى
يؤسفنى أيها القارئ الكريم، أن أعود إلى هذا الموضوع ، فقد يبدو أحيانا شخصيا أمام المشكلات والتحديات الكثيرة التى تواجه الأمة، ولكننى أتعرض له هنا، بإعتبار القيم المفتقدة فى المجتمع والتى حلت محلها قيم غريبة عن ثقافتنا وتراثنا وحضارتنا ،وأصبحت القيم الجديدة من أسباب النكسة والنكبة والتراجع والانهيار والدمار والفساد بل والارهاب.
بعد أن طرحت مبادرتى عن السلم المجتمعى فى مصر مع جميع فئات المجتمع، باستثناء أهل العنف والارهاب، والتى تنص على: مصالحة وطنية شاملة وكاملة، مع المجتمع، ومع المعارضة حتى نفرغ للبناء، وتقدم مصر للعالم في صورة إيجابية وتخرس ألسنة المنظمات الحقوقية والمدنية في العالم التي تفتري على مصر، بما يعود في النهاية بالخير على المصريين جميعا، وتسعى إلى القضاء على الفساد والتخلف والارهاب فى مصر والأمة كلها، حتى يمكن إنقاذ الوطن والأمة من الصراع الداخلى، ومواجهة العدو الحقيقى لا المتوهم .وعدم الانزلاق بمصر فى الصراعات التى لاطائل منها. والقضاء على الكراهية والحقد فى النفوس، حتى يمكن إشاعة المحبة وإحترام الرأى الآخر، وإعتماد الحوار بدلا من الصراع وقبول التعددية والتنوع . والاتجاه نحو بناء مستقبل أفضل لمصر وللأمة العربية والاسلامية. وتوفير الطاقات والامكانات المهدرة كذلك.
وجدت هجوماً كاسحاً على مبادرتى، شنه الاعلام المصرى فى معظمه، وبعض السياسيين والبرلمانيين وحتى بعض الحقوقيين، وكل ما زعموه بنى على خطأ وسوء فهم أو سوء تأويل، ولذلك فهو لا سند له بل إنه مهدوم، وهذا الهجوم يكون مقبولاً عندما يقوم على أساس ومنطق، وإلا فهو بكل تأكيد إهدار للطاقة وصرفها فى غير مكانها الصحيح . فضلا عن ضياع الوقت وتشويه السمعة وتضليل الشعب العظيم الصابر المحتسب والمغلوب على أمره.
وكان من ضمن الهجوم على مبادرتى ما قالته الاستاذة داليا زيادة الناشطة الحقوقية ومدير المركز المصرى لدراسات الديمقراطية الحرة إذ قالت فى تصريح لها: إن كمال الهلباوى، الإخوانى السابق وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان ، يتلقى تعليماته كاملة من قيادات الإخوان بالخارج وعلى رأسهم إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد الإخوان الإرهابية، والذى التقاه فى لندن، أثناء إقامة “الهلباوى” حاليا، وتم الاتفاق على طرحه هذه المبادرة، وأن يخرج باعتباره عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان بمصر، لكى تخرج على أنها مبادرة من الجهات المسئولة فى مصر.
وأضافت داليا زيادة فى تصريح خاص لـ”اليوم السابع″ أن قنوات الإخوان عملت على الترويج للمبادرة من خلال استضافات مختلفة للهلباوى لعرض بنود مبادرته التى روج لها خلال تواجده فى لندن، لافتة إلى أن الإخوان فى لندن كان لهم تاثير كبير على الهلباوى وخرجوا بعرض هذه المبادرة، والترويج لها خارجيا فى محاولة منهم لإحراج الدولة المصرية ، والظهور خارجيا على أن الدولة المصرية ترفض التفاوض أو الحوار .
وتابعت وهى تقول، أن هناك خطة استراتيجية تعمل عليها الإخوان، وتروج لها خارجيا بهدف التحريض ضد الدولة وإحراجها فى نفس الوقت من خلال الشخصيات مثل كمال الهلباوى ومن قاموا بعرض المبادرات للتصالح مع الجماعة الإرهابية). هكذا نشرت وسائل الاعلام تصريحات الأستاذة داليا زيادة.
ولكن بعد فترة من الوقت، عندما أدركت الاستاذة داليا زيادة الناشطة الحقوقية بأن تصريحها للصحفيين عن مبادرة الهلباوى، نشر عنها بشكل غير دقيق وغير صحيح، قبل أيام بصيغة تجعل الحديث عن هذه اللقاءات وكأنها أمر مؤكد، فقامت بإرسال رسالة لى على المسينجر، وهذه الرسالة موجودة نصاً على صفحتها الشخصية للعلم والمعرفة، تقول فيها :
“إحقاقاً للحق – الدكتور كمال الهلباوي ذكر في حوار له اليوم أنه لم يلتقي بقيادات الإخوان في لندن؛ وقد كان لي تصريح نشر عني بشكل غير دقيق قبل أيام بصيغة تجعل الحديث عن هذه اللقاءات وكأنها أمر مؤكد، رغم أني لم أقل للصحفي الذي حادثني وقتها إلا أن هذا مجرد ظن عندي فقط، يعني بما إنه يتعالج الآن في إنجلترا فربما تواصل معه قيادات الإخوان وهذا ما دفعه لطرح مبادرة المصالحة المجتمعية الآن.
لكن على أي حال، طالما أكد الدكتور كمال الهلباوي أنه لم يلتقي بقيادات الإخوان، فهو الأصدق حتماً، وأعتذر له عن أي سوء فهم بسبب الطريقة التي نشرت بها كلماتي، وأرجو أن يقبل الاعتذار.
وإحقاقاً للحق أيضاً، لقد رأيت الدكتور كمال الهلباوي بنفسي أثناء وبعد ثورة ٣٠ يونيو يحارب من أجل أمن مصر واستقرارها وصورتها في أكثر من مناسبة دولية وأكثر من دولة خارج مصر، وهذا ربما ما يحتم علينا النظر في دعوته للمصالحة المجتمعية بافتراض حسن النية، وأنها ليست مصالحة مع الإخوان حسبما ذكر. وأدعوا الله أن يتم علاجه على خير ويعود لمصر بالسلامة”.
واستجابة لهذا القول فاننى أقول: شكرا للأستاذة داليا زيادة التى أرسلت هذا البوست المحترم ولم يصلنى إلا اليوم على هاتفى فى لندن، حيث لا يزال العلاج مستمراً. شكرا لها على الدعاء لى بالشفاء، وشكرا لها على الشجاعة التى تحلت بها، واعتذارها مقبول. غفر الله تعالى لنا ولها .
إن رسالة الأستاذة داليا زيادة تعكس عدة أمور تشير ضمننا إلى قيم إنهارت وإندثرت فى المجتمع إلا قليلا، وقيم نشأت فى الأمة وهى غريبة عنها . من القيم التى إندثرت الشجاعة وقول كلمة الحق والثقة فى الآخرين ومن القيم التى نشات وهى غريبة عنا وعن ثقافتنا الكذب والتضليل وتحريف الكلام ونشر أخبار كاذبة .وحشو عقول الأجيال بها، والنفاق والارتزاق والانتهازية.
وأتمنى أن يتحلى الإعلاميون والسياسيون والبرلمانيون والخبراء الاستراتيجيون بنفس الشجاعة والأدب التى أظهرتها الاستاذة داليا زيادة فى هذا الأمر. وأن يتعلموا من هذه الفتاة الشجاعة، وأن يراجعوا أنفسهم، وأن يعلنوا هذا فى نفس الأماكن والبرامج التى هاجمونى فيها ظلماً وجهلاً. وأخص بالذكر هنا الأساتذة الاعلاميين وفى مقدمتهم، أحمد موسى، وتامر أمين، ومصطفى بكرى، ونشأت الديهى، وتامر عبدالمنعم، وفاروق المقرحى، ومن على شاكلتهم من الرجال والنساء، وإلا فإنهم يتهمون الرئيس السيسى كما إتهمونى بالارهاب، لأن الرئيس السيسى نادى فى كلمته أمام البرلمان يوم 2 يونيو 2018، ببعض المعانى التى ناديت بها فى مبادرتى ومنها: السلام المجتمعى، والخروج من الصراع، وبناء الانسان، ومصر لكل المصريين، بإستثناء أهل العنف والارهاب.
أما ثالثة الأسافى فى هذا الموضوع، فقد قررت محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة برئاسة المستشار بخيت إسماعيل، نائب رئيس مجلس الدولة إحالة دعوى سمير صبرى المحامى، التى يطالب فيها إقالة كمال الهلباوى من عضوية المجلس القومى لحقوق الإنسان، مختصما رئيس مجلس الوزراء والمجلس القومى لحقوق الإنسان، بسبب دعوته للمصالح مع الإخوان من خلال اقتراح إنشاء مجلس حكماء لهيئة مفوضى الدولة، لإعداد تقرير بالرأى القانونى فيها – إحالتها – إلى هيئة المفوضين لكتابة تقرير عن القضية.
وذكرت الدعوى التى جملت رقم 38376 لسنة 72 ق، أنه بعدما ظل الهلباوى المتحدث الرسمى لجماعة الإخوان الإرهابية المحظورة لسنوات عدة سافر فيها العديد من الدول وظل يمثل تلك الجماعة ويعتنق فكرها وينشر ذلك الفكر فى الدول التى يسافر إليها، وكان يتحدث عنهم بكل استماتة كونه واحدا وفردا أساسيا من تلك الجماعة.
أقول: لقد ذكرت الدعوى الكاذبة، بعض المعلومات الصحيحة وبعض المعلومات المغلوطة عنى، وهذا من القيم المخالفة لأخلاقنا وتراثنا لأنها لم تتوثق من المعلومات والبيانات التى تنشر ، وقد شغلت هذه الدعوى اللامنطقية واللاأخلاقية بعضا من وقت مجلس الدولة ومحكمة القضاء الادارى والنيابة من قبل، ونحن فى إنتظار ما تسفر عنه هذه الدعوى الكاذبة التى تهتم بها النيابة ومجلس الدولة فى حين أن القضاء باجهزته المختلفة لم ينظر حتى اليوم قضايا ملفقة إتهمت ألاف الشباب الابرياء بالارهاب ولايزالون يقبعون وراء أسوار السجون والمعتقلات فى ظلمات وتيه، وهم ليسوا من أهل العنف ولا الارهاب بل هم من الشباب الذين صرح الرئيس السيسى عنهم أكثر من مرة بأن لهم الحق فى الحياة والمشاركة شأن غيرهم من الشباب. أليس هناك من جزاء رادع لمثل هؤلاء الاعلاميين والمحاميين والبرلمانيين والسياسيين والخبراء الاستراتيجيين ومن على شاكلتهم الذين تعودوا الكذب والافتراء على الآخرين بدون دليل أو برهان؟ وللحديث صلة.
وبالله التوفيق
كاتب وسياسي مصري