ريم خليفة
[لأول مرة اصبح التجرا على حقوق الانسان منذ صدور الإعلان العالمي في العام ١٩٤٨ أمرا طبيعيا وغير مناف لقواعد القانون الدولي ،وذلك منذ ان تغيرت قواعد اللعبة الدبلوماسية في الادارة الاميركية واستلام الرئيس دونالد ترامب مقاليدها.
فالرءيس الأميركي الحالي يتزعم تيارا مناقضا لحقوق الانسان على مستوى الكلام والفعل.وحتى حديثه مع القادة الآخرين ابتعد كثيرا عن النهج السابق لرؤساء الولايات المتحدة الأميركية.وعندما قابل الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اونغ ،لم ينافق نفسه او احدا ولَم ينطق ببند شفه عن اَي شيء له علاقة من قريب او بعيد بحقوق الانسان.
والآن وعلى مستوى الغرب ،فان أمريكا تهدد حاليا بالانسحاب من مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة بسبب انتقاده المستمر لممارسات الاحتلال الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني ولأنه لا يلتزم بالأجندة الاميركية.
اما على مستوى الشرق ،فان الزعيمة الفعلية لبورما اون سان سو تشي ،الحاصدة على جائزة نوبل للسلام ،وايضا لقبت في يوم وعلى مدى سنوات بأنها زعيمة المعارضة المطالبة بالديمقراطية، أصبحت اليوم من اكبر الداعمين للمذابح الهمجية والتطهير الاثني ضد أقلية الروهينغا المسلمة في بورما التي ايضا يمنع عليها اكتساب الجنسية البورمية في ممارسات صارخة ضد حقوق الانسان.
هذه الأمثلة تقودنا الى القول بان الكثير من الحكومات في الوقت الراهن، أصبحت تتحدى بيانات حقوق الانسان الصادرة من اَي جهة وذلك بعد ان أصدرت قوانين تعتبر من خلالها اَي ناشط في مجال حقوق الانسان يمثل خطرا ارهابيا لا يمكن التهاون معه.هذه بعض معالم “الردة”-ان صح لنا التعبير- عن الديمقراطية وحقوق الانسان التي تحولت اليوم الى ظاهرة عالمية وتعكس أصحابها من خلال افعالهم واقوالهم.
اننا نعتقد بان سحق المثل الديمقراطية وانتهاك الحقوق الانسانية يمثل اكبر خطر على السلم العالمي والاقليمي والمحلي .وهذه نتيجة توصلت اليها البشرية بعد ما حدث في الحربين العالميتين الاولى والثانية وكانت السبب وراء إصدار الإعلان العالمي لحقوق الانسان قبل سبعين عاما.
هذا الإعلان الذي أصبح بمرور الزمن يكتسب بسلطة معنوية وايضا استخدم كمؤشر على مدى تطور اَي أمة وذلك بحسب اقترابها او ابتعادها عن المقاييس والضوابط التي سطرتها مواد الإعلان العالمي لحقوق الانسان التي ركزت على أهمية الاعتراف كما جاء فيها ” بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم”. أضف الى ذلك “ولما كان تناسي حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا إلى أعمال همجية آذت الضمير الإنساني، وكان غاية ما يرنو إليه عامة البشر انبثاق عالم يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة ويتحرر من الفزع والفاقة.
ولما كان من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم”.
ولان مقدمة الإعلان العالمي تشير الى ان الحقوق الاساسية جميعها حقوق عالمية غير قابلة للتقسيم والتجاوز تحت اَي عذر، فإن ذلك الامر اصبح غير وارد مع الكثير من الحكومات التي وعدت بالالتزام بذلك ولكنها اليوم تجاوزت ذلك واصبح هذا التجاوز صريحا وإعلانا للحرب على النوع البشري في كل مكان.
كاتبة صحافية بحرينية