اليوم انفو : نحن امام عمل لا يجعلنا نلتقط أنفاسنا ومن المشهد الاول حينما تطرح الدكتورة (فريدة) – نيللي كريم- اشكالية التناقض بين الحياة والموت! كسؤال الى طلبتها في احدى جامعات موسكو – حضور روسيا بشكل ملحوظ في الدراما المصرية لهذا الموسم – ونيللي كريم اصلا نصفها (روسي) وتجيد التحدث باللغة الروسية! تطلب من طلبتها اغماض عيونهم للتأمل وتصور طريقة الموت التي سوف تواجههم في المستقبل، ويلفت نظرها اجابة لأحد الطلبة الذي يتوقع نهاية لحياته بالانتحار! ويجعل اجابته اكثر غموضا واثارة حينما يقول للدكتورة فريدة بعد الحصة بإنها كانت معه في عملية الانتحار! الانتحار هي المرادفة لمعنى الموت الاختياري التي سيتم تداولها كثيرا في مسلسل (إختفاء) من تأليف (أيمن مدحت) واخراج (أحمد مدحت) .
يقول بريخت عن الدراما بأنها ليست “تسلية مطبخية” ويقصد بإنها لا تشبه الطعام الذي يستهلكه الانسان! وهذا ما يقدمه مسلسل (إختفاء) الذي يتناول بحرفية قصة (الاختفاء القسري) للصحفي والكاتب (شريف عفيف) – هشام سليم- وهو يبحث عن الحقيقة بأثر رجعي، حينما كان هناك رسام موهوب اسمه (نادر الرفاعي) – محمد علاء- الذي يعشق (نسيمة) ويرتبط بها وهي الشخصية التي تشبه بشكل كبير (فريدة) ومن هنا تؤدي نيللي كريم الشخصيتين، شريف عفيف في البداية يحصل على اللوحة التي رسمها نادر لزوجته ومنها ينطلق للبحث عن سر مقتل (نادر) الذي سجل رسميا (انتحارا) وتولد لديه فكرة كتابة رواية بعنوان (إختفاء) لكنه يتعرض الى حادث سيارة مدبر ويدخل بغيبوبة لمدة سنتين، بعد ان يصحو منها بفضل امرأة ثالثة تدعى (سلافة) وهي زوجته الثانية ولها يكتب اهداء الرواية.
المسلسل كتب بعناية ومهارة كبيرة تشد المشاهد لا يتمنى للحلقة ان تنتهي لقوة الحوار وتصاعد الاحداث والصراعات الدرامية حينما يكشف الروائي – شريف عفيف- في المؤتمر الصحفي بأن رجل الاعمال (سليمان عبد الدايم) – محمد ممدوح- هو وراء محاولة اغتياله واختفاءه لمدة سنتين، وانه سيقدم رواية (إختفاء) لكشف هذه الشخصية التي تبدو محترمة لكنها شخصية اجرامية مارست القتل منذ 50 سنة (1968) وبهذا المعطيات سيكون هناك تلاعب بالزمن يمتد 50 سنة كما هناك تنقلات بالمكان بين القاهرة – الاسكندرية- موسكو.
مسلسل (إختفاء) بالمعالجات الفنية يعد درسا مهما لترسيخ وظيفة الدراما في المساهمة لخلق وعيا بالفروض المقبولة التي تشكل الاعراف الاجتماعية الايجابية.