الْيَوْمَ آنفو : اطلعت « صحراء ميديا » على تفاصيل خاصة متعلقة بالعقود التي وقعتها الحكومتان الموريتانية والسنغالية مع شركات استغلال حقل « السلحفاة الكبير » للغاز، الواقع على الحدود المشتركة بين البلدين، وتشير هذه التفاصيل إلى أن البلدان يتقاسمان بالتساوي الإنتاج الإجمالي المشترك، ولكن العقود التي تربطهما بشركات الاستغلال مختلفة وتصعب مقارنتها.
يحصل كل بلد على نسبة خمسين في المائة من الإنتاج الإجمالي المشترك للحقل، ولكن يتم خصم تكاليف الإنتاج من حصة كل دولة حسب الاتفاق الموقع من طرفها مع الشركة المستغلة.
وأوضحت التحريات التي قامت بها « صحراء ميديا » أن البلدين « أنجزا العقود مع الشركات انفراديا وفي ظروف مختلفة، ما أسفر عن عقدين مختلفين في طبيعتهما »، فعلى سبيل المثال وقعت السنغال مع شركة للتنقيب في 2012، قبل أن تأتي شركة كوسموس أنرجي الأمريكية وتشتري حقوق الشركة الأولى، وبعد ذلك دخلت بريتش بيتروليوم على الخط.
أما الجانب الموريتاني فقد وقع بشكل مباشر مع كوسموس أنرجي، قبل أن تقوم هذه الأخيرة ببيع نسبة من ممتلكاتها في الحقل لصالح شركة بريتش بيتروليوم البريطانية.
وبناء على ذلك أصبح لكل من الدولتين عقد نموذجي لتقاسم الإنتاج، يؤطر أي عقد سينجز مع الشركات المشغلة، وطبيعة العقدين مختلفة.
أنماط مختلفة
يشير المختصون في مجال الطاقة إلى أن إنتاج حقول الغاز ينقسم إلى جزئين: جزء لتغطية التكاليف يدعى « Cost Oil »، وجزء آخر يسمى بالعائدات وهو « Profit Oil »، وتتقاسم الشركة المستخرجة القسم الأخير مع الدولة بنسبة محددة في العقد الذي يربط الطرفين.
وهنالك أنماط شائعة تضمن تقاسم الإنتاج بين الدولة والشركة المستغلة، من ضمنها نمط « مرتبط بوتيرة الإنتاج »، وهو الذي سبق أن اختارته موريتانيا لتقاسم الإنتاج في حقل « شنقيط » النفطي، مطلع الألفية، وهنالك نمط آخر من تقاسم الإنتاج يوصف من طرف الخبراء بأنه « ذكي »، وهو مرتبط بمردودية وجدوائية المشروع.
وقال جهات شبه رسمية تحدثت لـ « صحراء ميديا » إن الحكومة السنغالية اختارت النمط المرتبط بوتيرة الإنتاج، بينما فضل الجانب الموريتاني النمط المرتبط بجدوائية المشروع.
وحاول الجانب الموريتاني الاستفادة من خبرته في التعامل مع شركات النفط العالمية، خلال استغلال حقل شنقيط النفطي، مطلع الألفية الجارية، وما نتج عن ذلك من مشاكل وعراقيل جعلت المسؤولين الموريتانيين أكثر حذراً « خاصة فيما يتعلق بالمخاطرة » في الاستثمار.
حذر ومخاطرة
تمنح عقود استغلال حقل « السلحفاة الكبير » للشركات الوطنية الحق في تقاسم المخاطرة في الاستثمار، ولكن في « حدود معينة »، فعلى سبيل المثال يسمح السنغاليون لشركتهم « بيتروسين » بالمساهمة حتى نسبة 20 في المائة، بينما لا يسمح الجانب الموريتاني لشركته « اس أم آش بي أم » بتجاوز نسبة 14 في المائة.
وبالتالي فإن عدم رغبة الجانب الموريتاني في المخاطرة قلص نسبة مشاركة شركة « اس أم آش بي أم » في الحقل الغازي المشترك إلى حدود 7 في المائة، بينما وصلت نسبة الشركة السنغالية « بيتروسين » إلى 10 في المائة.
ولكن هذه النسب لا تسمح بمقارنة العقود التي وقع عليها الطرفان، وفق ما يؤكد الخبراء، إذ لا يمكن مقارنة العقدين إلا باعتبار جميع موادهما، فلا يمكن تجزئة العقد، ولكن هنالك معايير أخرى يمكن مقارنة العقدين من خلالها.
مقارنات سريعة
من النقاط التي تمكن مقارنتها بين اتفاقيتي موريتانيا والسنغال نقطة « تكاليف الإنتاج »، إذ يسمح العقد الموقع بين الحكومة السنغالية وشركة « بي بي » البريطانية، لهذه الأخيرة بالاستحواذ على نسبة 75 في المائة من الإنتاج العائد إلى السنغال من أجل « تغطية تكاليف الاستخراج ».
ما يعني أن نسبة 25 في المائة، المتبقية بعد تغطية تكاليف الإنتاج، هي التي تمثل « الربح » الصافي الذي ستتقاسمه الدولة السنغالية مع المشغلين، وفق ما تنص عليه الاتفاقية الموقعة بين الطرفين.
أما في العقد الموقع بين الحكومة الموريتانية وشركة « بي بي » فلا تتجاوز نسبة تغطية تكاليف الإنتاج 62 في المائة من العائدات، ما يعني أن نسبة 38 في المائة هي صافي أرباح موريتانيا، ولكن سيتوجب عليها هي الأخرى أن تتقاسمها مع المشغلين.
أما فيما يتعلق بنسبة الربح، فإنها لدى السنغال تعتمد على « وتيرة الإنتاج »، إذ كلما زاد الإنتاج زادت حصة الدولة من العائدات، بينما في الجانب الموريتاني تعتمد على « جدوائية المشروع »، إذا كلما زادت المردودية زادت نسبة الدولة.
أما فيما يتعلق بنسبة الضرائب فيشير المصدر إلى أنها في موريتانيا تصل إلى 27 في المائة، بينما تتوقف في السنغال عند نسبة 25 في المائة.
ولكن في المقابل نجد أن الاتفاقيات مع شركة « BP » تنص على أن جميع المكاسب والامتيازات « غير المباشرة » ينبغي أن تتقاسم مناصفة بين البلدين، مثل العمالة والمواد الأولية والخدمات.
الزمن !
ويشير الخبراء إلى أنه في المنظور القريب ستكون عائدات موريتانيا أفضل من عائدات السنغال، فيما توصلت « صحراء ميديا » إلى تقديرات شبه رسمية تتحدث عن « 15% للجانب الموريتاني، مقابل 12% فقط للسنغاليين ».
ولكن في المقابل سيتوجب على موريتانيا أن « تدفع تكاليف الاستخراج لمدة أطول »، ما يعني أن السنغاليين سيربحون فيما يتعلق بالزمن، خاصة إذا زادت وتيرة الإنتاج.
وتدفع تكاليف الاستخراج على شكل نسبة من الإنتاج بسعر السوق وقت اقتطاعها، وموريتانيا بما أنها تدفع أقل ستحتاج إلى مدة أطول لسداد تكاليف الاستخراج.
الموضوع منقول عن صحراء ميديا