اليوم انفو : عيران عتصون، النائب السابق لرئيس مجلس الأمن القوميّ الإسرائيليّ السابق، كان الوحيد من القادة الأمنيين في الدولة العبريّة الذي اعتبره الإعلام العبريّ مُغردًا خارج السرب في كلّ ما يتعلّق بطموح دولة الاحتلال في القضاء على التواجد والتمركز الإيرانيّ في سوريّة.
عتصيون، أدلى بحديثٍ خاصٍّ للقناة العاشرة في التلفزيون العبريّ، حيث قال له مُقدّم البرنامج إنّ الرواية الإسرائيليّة الرسميّة تؤكّد في كلّ مناسبةٍ بأنّ الدولة العبريّة لن تسمح بأيّ شكلٍ من الأشكال أنْ تقوم الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران بتحويل سوريّة إلى جبهةٍ أماميّةٍ لمُواجهة كيان الاحتلال مُباشرةً، كما فعلت في لبنان عن طريق دعم حزب الله ماديًا ومعنويًا، على حدّ تعبيره.
النائب السابق لمجلس الأمن القوميّ في تل أبيب ردّ بالقول فلنبدأ أولاً بالحقائق: إيران تتواجد في سوريّة منذ فترةٍ طويلةٍ، وثانيا، هناك تحالف إستراتيجيّ بين الدولة السوريّة والنظام الحاكم في طهران، والذي تمّ التوقيع عليه قبل حوالي عشرين عامًا، وأضاف أنّ التواجد الإيرانيّ في سوريّة لا يقتصر على قوّات فيلق القدس، التابع للحرس الثوريّ الإيرانيّ، بل توجد في بلاد الشام ميلشيات تابعة لإيران، مُشيرًا إلى أنّه وفق التقديرات الإسرائيليّة يصل عدد أفراد الميلشيات التابعة لإيران حوالي 80 ألف عنصر.
وتابع عتصيون قائلاً في معرض ردّه على سؤالٍ إنّ إسرائيل أهدرت الفرصة الذهبيّة لفعل أيّ شيْ وكلّ شيءٍ لمنع التمركز الإيرانيّ وذلك بين الأعوام 2011 وحتى العام 2014، كاشفًا النقاب عن أنّ صنّاع القرار في تل أبيب رفضوا توصيات الأجهزة الأمنيّة في الدولة العبريّة بالعمل العسكريّ قبل فوات الأوان. علاوةً على ذلك كشف المسؤول الأمنيّ الإسرائيليّ السابق أنّ مشاورات جديّة جرت داخل المجلس الأمنيّ السياسيّ المُصغّر (الكابينيت) حول ما تريده إسرائيل: إسقاط الرئيس السوريّ د. بشّار الأسد أمْ لا؟ وأيضًا، بحسبه، تمّ التداول بين المسؤولين السياسيين والأمنيين في تل أبيب هل هدف إسرائيل هو تقسيم سوريّة أمْ المُحافظة على وحدتها؟.
وأشار عتصيون إلى أنّ الردّ الحازم والجازم من المُستوى السياسيّ كان: يتحتّم علينا ألّا نُضيّع البوصلة، ذلك أنّ هدفنا الإستراتيجيّ هو إيران، أيْ أنّه يجب أنْ نمنع إيران من أنْ تُصبح قويّة أكثر نتيجة للحرب الأهليّة الدائرة في سوريّة، ولكنّه أضاف أنّ القرار الذي اتخُذّ كان العرب يقتلون العرب، فلتبقى إسرائيل خارج اللعبة، على حدّ تعبيره.
وعندما سُئل عتصيون عن وود فرصةٍ الآن للقضاء على التواجد الإيرانيّ بسوريّة بسبب وجود الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب، ردّ بالقول إننّي أرفض جملة وتفصيلاً أنّه توجد لإسرائيل فرصةً للقضاء على التمركز الإيرانيّ بسوريّة، على الرغم من وجود ترامب، ونبّه إلى أنّ مَنْ يعتقد بأنّ أمريكا ستقوم بإرسال جنودها إلى سوريّة فهو واهم، ومَنْ يؤمن بأنّ أمريكا ستقوم بتفعيل “القطارات الجويّة” لتزويد إسرائيل بالأسلحة فهو يعيش في حلمٍ، على حدّ وصفه. وشدّدّ على أنّ الدعم الأمريكيّ لإسرائيل لن يتعدّى الضريبة الكلاميّة أوْ على الأكثر الدعم السياسيّ، وعليه، أضاف، أنّه يُحذّر من بناء الإستراتيجيّة الإسرائيليّة على أوهامٍ لن تتحقق بالمرّة.
وانتقد المسوؤل الأمنيّ تصرّفات الساسة والقادة في تل أبيب قائلاً إنّهم يحتفلون بالنصر على إيران، مع أنّ المعركة مع هذه الدولة لم تبدأ، مُشيرًا إلى أنّه من الخطأ الجسيم الوقوع في مطّب ما قبل حرب العام 1973، لافتًا إلى أنّه عندما يسمع تصريحات رئيس الوزراء ووزير أمنه فإنّه يُصاب بالقشعريرة، لأنّ تصريحاتهما لا تمُت للحقيقة بصلةٍ.
ولفت إلى أنّ القيادة الإسرائيليّة وضعت نصب عينها هدفًا يتمحور في منع أيّ تواجدٍ إيرانيّ على الأراضي السوريّة، وهذا الهدف، أضاف، لن يتحّقق بالمرّة، ومن الآن، تابع عتصيون قائلاً إنّه في نهاية المطاف ستُحقق إسرائيل أقّل بكثيرٍ ممًا وضعت هدفًا لها، مُشيرًا إلى أنّ السؤال المفصليّ هو كَمْ من الوقت سيستغرق المجهود الإسرائيليّ لتحقيق الحدّ الأدنى، وكَمْ ستدفع دولة الاحتلال من الأثمان الباهظة لتحقيق ذلك، على حدّ تعبيره، وأضاف أنّه ستثبت الأيّام أنّه بعد عدّة سنوات أنّه أخطأنا ولماذا لم نفعل ذلك بدون دفع الأثمان.
وأردف عتصيون قائلاً إنّ منع إيران من نصب أسلحة كاسرة للتوازن في سوريّة ومن تحويل هضبة الجولان إلى جبهةٍ أماميّةٍ هما هدفان كم المُحتمل، ولكن ليس من المؤكّد أنْ تُحققهما إسرائيل، لافتًا إلى أنّ تل أبيب حاولت فعل ذلك في لبنان، وأكّدت أنّها ستمنع حزب اله من تعظيم قوّته العسكريّة، ولكنّها فشلت فشلاً مُدوّيًا، مؤكّدا على أنّ حزب الله بات قويًا كمًا ونوعًا عشرات الأضعاف ممّا كانت عليه قوّته في حرب لبنان الثانية، صيف العام 2006، قال عتصيون.
وفي نهاية اللقاء عبّر عن قلقه العميق ممّ يجري في عملية اتخاذ القرارات في تل أبيب، كما شدّدّ على أنّه من غير المعقول أنْ تسّن الكنيست قانونًا يسمح لرئيس الوزراء ووزير الأمن باتخاذ قرار الحرب، دون العودة إلى الحكومة أوْ الكنيست. وخلُص إلى القول: إسرائيل ليست ديكتاتوريّة ولا تُحكم من قبل شخصٍ واحدٍ متسائلاً في الوقت عينه: مَنْ اتخذّ القرار بالهجوم الأخير ضدّ إيران في سوريّة؟ مُجيبًا: لا أعرف، وعندما أسأل لا أجد من يُعطيني الجواب على ذلك، قال.