سنة الحوار والمكاشفة والمصارحة مع المواطنين؛ ووضع النقاط؛ كل النقاط على الطاولة، في غياب وجود محاذير ولا تابوهات محرمة؛ هي فلسفة يدرك أي منصف سعي رئيس الجمهورية الحثيث إلى تكريسها شعارا للتعاطي مع الشأن العام.
حوار فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز مع الصحفيين الليلة البارحة؛ لم يكن نشازا ولا استثناء من تلك السنة الحميدة؛ بل كان تأكيدا وترسيخا لها.
أبان الرئيس بما لا يدع مجالا للشك أن الحكومة جادة في مطلبها الحوار مع كافة الأطياف السياسية الوطنية.
لكن: أي حوار؟ وعلى أية منطلقات.. بالتأكيد ليس حوار الطرشان؛ وحوار الأجندة المسبقة والمطالب التعجيزية.
نعم تمد موريتانيا ـ محمد ولد عبد العزيز؛ موريتانيا المتصالحة مع ماضيها التي تخطو إلى المستقبل خطى واثقة، تمد يدها للجميع من أجل مشاركة الجميع في عملية البناء الوطني، لمصلحة العباد والبلاد.
لكن لا يمكن التحاور مع من يزرعون الأشواك في طريق الوفاق.. يجب الدخول إلى الحوار بنيات صادقة، وإرادة حقيقية لتخطي نقاط الاختلاف؛ وهو درس على بساطته لم يستوعبه بعد الطرف الآخر.
موريتانيا 2015 ليست موريتانيا الستينات ولا السبعينات ولا الثمانينات؛ هي موريتانيا راشدة؛ تكفل للجميع حرية التعبير؛ حرية المشاركة؛ حرية الانتماء؛ حرية المبادرة.. ولا خوف عليها من الدعايات المغرضة الفئوية؛ وتدرك تماما ما يخططه لها أعداؤها؛ ولن تقع في الفخ، ولن تمنحهم نقطة.
علق الرئيس في بداية مؤتمره الصحفي على زياراته الأخيرة لولايات الداخل؛ تحدث عن ما تحقق، وما تريد الدولة تحقيقه في المستقبل.
أشرك الرئيس مواطنيه في الحصيلة التي خرج بها من زيارته.. نقل إلينا جميعا نبض المواطن.
محاورو الرئيس؛ الذين مثلوا بصدق موريتانيا المتنوعة أعراقا وثقافات وفئات عمرية؛ تبادلوا معه في جو أريحي منفتح المعلومات حول واقع المسيرة ومستقبلها.
وكانوا قطيعة مع المحاورين التقليديين الذين كانوا يمثلون دوما الحرس القديم في الصحافة؛ فمن بينهم كان هناك شباب وشابات حديثو العهد بالمعترك الصحفي؛ لكنهم أثبتوا أنهم كبارا في فن الحوار ونقل هموم المواطن.
ألا يدخل ذلك في إطار تجديد الطبقة الصحفية على غرار أختها السياسية.
خطوة تنتمي ـوبامتياز ـ إلى خيارات رئيس الجمهورية؛ الذي عمل دون هوادة من أجل عصرنة الحياة العامة وضخ دماء الشباب فيها.
كان الرئيس هادئا وواضحا ودقيقا في إجابته، دقة ووضوح وهدوء من يستند على أمواج بشرية هائلة؛ هي الشرعية؛ وهي ضمانة الغد؛ وصمام أمان اليوم.
هتافات المستقبلين المرحبين؛ التي تحكي انغراس حب الرئيس في شغافهم لم تبارح أذنيه؛ فكان حديثه منطلقا من أمانيهم؛ من أحلامهم، من مشاعرهم الشاكرة على ما تحقق؛ الواثقة مما سيتحقق؛ فبهم ولهم ومن أجلهم عمل ويعمل وسيعمل.. وهم يستحقون ذلك.