ستتشعب وتتنوع الأسئلة التي سيطرحها الصحفيون على رئيس الجمهورية في لقائه بهم هذه الليلة، فسيسألون عن الأزمة الموريتانية الجزائرية، وعن اكتشافات الغاز ، وعن الحوار وممهدات المنتدى ورد الحكومة عليها.وسيجددون طرح قضية محاربة الفساد، ومعتقلي ” غواتانامو ” والصحفي إسحاق ولد المختار، وسيسألون عما تعهدت به موريتانيا للمملكة العربية السعودية في حرب اليمن خلال زيارة الرئيس الأخيرة لها.وسيسألون عن قضية شمال مالي، والاتفاق الأخير بين الأزواديين والحكومة المالية وتقييم موريتانيا له ودورها في تطبيقه.وسيسألون عن ارتفاع الأسعار والمحروقات، وعن نقص المراعي وخطة الحكومة للتدخل في المناطق الرعوية لتوفير الأعلاف للمنمين.وسيطرحون قضية الصحافة والفوضى العارمة التي تشهدها، والتي يعود جانب كبير منها إلى المشتغلين بالصحافة أنفسهم، إلى درجة أن أحد الغرباء يُسمح له بالأمس بحضور احتفال الصحفيين بعيدهم الوطني، ويعتلي المنصة ويسب الصحفيين، (….) .
سيسألون عن محطات زيارات الرئيس القادمة، وعن قضايا أخرى متفرقة.. أما أنا فاستمعوا لسؤالي الخارج عن كل هذه السياقات، والذي لم أجد يوما من يفكر فيه أو يطرحه :السيد الرئيس، لقد كان أول خروج لكم من القصر الرآسي غداة وصولكم للسلطة باتجاه الأحياء العشوائية بنواكشوط، مبشرين ساكنتها بقرب انتشالهم من الوضعية المزرية التي يعيشونها، وباشرتم برنامجا لتخطيط هذه الأحياء.وفعلا فإن من يتجول اليوم في هذه الأحياء ويشاهد العمران الذي طبعها والخدمات التي توفرت بها وتلك التي يجري تنفيذها بها، قد لا يصدق أنها الأحياء التي عهدها قبل التخطيط والتأهيل.. وتنوون قريبا إعلان مدينة نواكشوط خالية من العشوائيات.لكن السيد الرئيس، إن من يخرج اليوم من مدينة نواكشوط متجها جنوبا، لن تغيب عن ناظره خيمة وعريش وبيت وفيلا.. إلى أن يدخل مدينة روصو، إلى درجة أنه قد لا يحتاج لركوب سيارة أو إلى حمل الزاد إذا كان غير مستعجل، إذ بإمكانه أن يبيت بأحد هذه الأعرشة والبيوت، ويتناول الشاي ضحى بالعريش الموالي، ويواصل السير ليقيل بالبيت الموالي له، ثم يواصل ليبيت مع أسرة أخرى على طول الطريق..!كما أن من يخرج مدينة نواكشوط متجها إلى الشرق، لن ينزل من أحد مرتفعات طريق الأمل إلا على قرية مطمورة في الكثبان بين المرتفعين وإلى أن يدخل مدينة بوتلميت!
ونفس الشئ على طريق نواكشوط ـ أكجوجت، وإلى غاية ثلاثين كيلومتر عليه ” كزرات وكزرات ” !لا أتحدث هنا عن ظاهرة التقري العشوائي التي تعون خطورتها وتعملون على تجميع كلما أمكن تجميعه من القرى المشتتة على كامل التراب الوطني، لكني أتحدث عن مستقبل مدينة نواكشوط التي لم تعد قابلة للتمدد الأفقي أكثر مما هي عليه الآن، لما يطرحه ذلك من تحديات أمنية وحضرية وخدماتية.
فهذه التجمعات التي تبدأ من أطراف العاصمة ولا تنتهي إلا بمدخل المدينة الموالية لها تزداد يوما بعد يوم، بحيث إذا خرجت العاصمة وأمضيت أسبوعا خارجها، ستلاحظ في عودتك أن بيتا أو عريشا تم بناءه بعد مرورك.
وإذا استمر الحال على هذه الوتيرة فستنشأ ” كزرات ” جديدة حتما، وستجدون ـ سيادة الرئيس ـ أنفسكم أمام خيارين، إما أن تعتبروا أن الدولة حرمت ما يعرف ب ” الكزرات ” بعد أن سوت وضعية ما كان قائما منها، وتتركون سكان هذه ” الكزرات ” الجديدة يواجهون نفس الوضعية التي كان يعانيها سكان ” الكزرات ” السابقة، أو تبدؤون تخطيطها وتوزيعها وهكذا ستتصل العاصمة بمدينة ” تكنت ” جنوبا، لتتصل الأخيرة بمدينة روصو، وتتصل العصمة أيضا بمدينة ” بوتلميت ” شرقا، وببلدة ” أم التونسي ” شمالا..!!
السؤال: هل هناك وعي بهذه المعضلة التنموية، وهل لمدينة نواكشوط حدود، وهل هناك رقابة للحيلولة دون هذا التمدد عن طريق التصوير الجوي لهذا السلاسل من التجمعات وتجريم زيادتها مستقبلا، بل وإخضاعها هي الأخرى للتجميع القسري وليس الاختياري هذه المرة، لأن معظم ساكنتها يمتلكون بيوتا في العاصمة، وبنوا تلك المساكن إما للترويح أو بهدف حيازة الأراضي والمضاربات بها مستقبلا؟!