الاتفاق النووي مع إيران سينهار

سبت, 03/24/2018 - 20:08

فوزي بن يونس بن حديد

لا شك أن التعيينات والتغييرات التي أجرها أخيرا الرئيس الأمريكي كلها مؤشرات قوية توحي بأن الاتفاق النووي مع إيران سينهار، فبعد أن أزاح دونالد ترامب كلا من تيلرسون ومحاميه الشخصي جون داود وعيّن جون بولتون المعروف بكرهه الشديد للإسلام والمسلمين في مواقع حساسة في الإدارة الأمريكية خلت ساحته من المعارضين لسياسة ترامب الذين كانوا يمثلون بالنسبة إليه حجر عثرة في بعض القرارات الجريئة في نظره بعد قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس الشريف وبعض القرارات المتعلقة بالهجرة ومحاربة الإرهاب والتعامل مع ملفات ساخنة كسوريا وإيران وكوريا الشمالية وغيرها من الملفات الداخلية والخارجية.

ويبدو أن ترامب ماض في سياسته الصدامية مع كل الدول التي تعادي الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل رغم التنبيهات والاستقالات بالجملة لعديد من الشخصيات في الإدارة الامريكية ورغم النتائج السلبية بعيدة المدى على السياسة الخارجية الأمريكية التي ارتأت هذا النهج، وقد يقدم الآخرون على المواجهة وإصدار قوانين تحد من النفوذ الأمريكي السلطوي والامبريالي، ويعتمد ترامب في ذلك ويعتقد أن أمريكا هي الدولة الوحيدة في العالم التي تفعل ما تشاء وما تراه صالحا لها رغم سيئاته، فهو بهذا يخاطر ويغامر عبر هذه القرارات.

ورغم أن إيران لم تسع في يوم من الأيام إلى تقويض الاتفاق النووي وكانت أمريكا طرفا موقعا عليه بعد جهود مضنية لإقناع الأطراف كلها بضرورة التوقيع  على هذا الاتفاق، ورغم أن الدول الأوروبية وخاصة فرنسا وبريطانيا وألمانيا الدول العظمى في مجلس الأمن وافقت ووقعت على هذا الاتفاق ومن ورائها الاتحاد الأوروبي إلا أن دونالد ترامب يرى أن هذا الاتفاق يسيء إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وأنه ينبغي أن يعدل أو أن يلغى، بل يُتوقع من ترامب أن يلغي هذا الاتفاق من جانب واحد في مايو القادم.

وأمام هذا المعطى الجديد ما هي السيناريوهات التي ستقدم عليها الولايات المتحدة الأمريكية وإيران في الوقت نفسه إذا تجرأ ترامب على هذه الخطوة الخطيرة، رغم أنه سلك نهجا دبلوماسيا مع كوريا الشمالية بعد التهديد والوعيد الذي أطلقه إبان فترة ترشحه للرئاسة وبعد تعيينه رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية؟ وماذا يعني إلغاء الاتفاق النووي لكل من أمريكا وإيران.

فإلغاء الاتفاق أو طلب تعديله من طرف الولايات المتحدة الأمريكية، يعني عدم الالتزام ببنوده وبالتالي الرجوع إلى نقطة الصفر، ويصبح الاتفاق كأنه لم يكن، وهذا ما يريده ترامب ونتنياهو ليفك الرباط، وبعدها تنطلق الحملة الشرسة على إيران من جديد بلا هوادة، إعلاميا واقتصاديا وعسكريا، لتخوض الولايات المتحدة الأمريكية ومعها إسرائيل الحرب الكبرى ضد إيران، وتدمّر خطوطها الدفاعية وبناها التحتية ومسالكها السياسية ومؤسساتها الدستورية ومفاعلها النووية، وتغير نظامها وتقضي على نفوذها الخارجي في سوريا ولبنان واليمن والعراق وفلسطين وغيرها من البلدان، هذا السيناريو محتمل جدا ويفكر فيه كل من الأمريكيين والإسرائيليين على حد سواء.

لكن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لن تقف مكتوفة الأيدي مما سيجري في مايو القادم، وستبذل جهدها الكامل في الحفاظ على هذا الاتفاق وإذا اختارت الولايات المتحدة الأمريكية المواجهة فإنها مستعدة لذلك، وأي اعتداء سافر عليها سواء من أمريكا أو حليفتها إسرائيل سترد عليه بقوة، وتستطيع أن تنفذ وعدها بمحو إسرائيل من الخريطة وتدمير أمريكا من الداخل، فلديها من الأجندات الخفية ما يساعدها على مواجهة العدو أيا كان، كما أن حلفاءها في المنطقة لن يسكتوا على أي اعتداء مهما كان نوعه ومصدره، وسيقفون بجانبها خاصة روسيا الدولة العظمى الآتية بقوة، وستستخدم روسيا حق الفيتو في كل مرة في مجلس الأمن ولن تترك حليفها القوي أن يضعف لأي سبب من الأسباب خاصة أنها تحت مرمى العقوبات الأمريكية المتكررة.

فهل سينهار هذا الاتفاق الذي صمد أكثر من سنتين؟ ها هو اليوم – وأقصد الاتفاق النووي الإيراني – بين مطرقة ترامب وسندان الاتحاد الأوروبي، وما الذي سيحصل في قادم الأيام إذا نفذ ترامب وعيده؟ وهل نحن مقبلون على أيام أخرى من الجحيم في المنطقة خاصة بعد أن تبين للعالم التغير الواضح في السياسة السعودية نحو إسرائيل بعد أن سمحت لها باستخدام المجال الجوي، وبدء علاقات جديدة متحدية كل المبادئ والمواثيق العربية في اعتبار إسرائيل دولة معادية وعنصرية ومحتلة ولا يمكن لأي دولة عربية أن تقيم علاقات دبلوماسية معها، وتأتي السعودية اليوم وتقرّر خلاف ذلك جهرة وعلانية وبعدها تنادي العرب للرياض لعقد قمة عربية هزيلة يأمر فيها ابن سلمان العرب بإقامة علاقات مع إسرائيل.

abuadam-ajim4135@hotmail.com

 

  

الفيديو

تابعونا على الفيس