اليوم انفو :
صابر عارف
يزداد الوضع الفلسطيني انقساما وتعقيدا بعد جريمة محاولة الاغتيال الاسبوع الماضي في غزة، ولم يكن ينقص الساحة الفلسطينية الا هذا الخطاب الناري الذي أفتتح به رئيس الأمر الواقع الفلسطيني محمود عباس اجتماع قيادة الأمر الواقع الموسع الذي بدأ أعماله مساء أمس في مدينة رام الله بحضور سياسي وأمني حاشد لإضفاء طابع الأهمية والخصوصية على الإجتماع، متوجا بخطابه اللامسؤول هجومات واتهامات متلاحقة شنتها حركة فتح ضد حركة حماس متهمة اياها بتدبير وتنفيذ عملية محاولة اغتيال الدكتور رامي الحمدالله رئيس الوزراء الفلسطيني وماجد فرج رئيس المخابرات الفلسطينية في غزة الاسبوع الماضي، وقال بلهجة واسلوب حاد وقاطع، إن استهداف رئيس الوزراء رامي الحمدالله ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج لن يمر، ولن نسمح له أن يمر وإن “حماس” هي من تقف وراء هذا الحادث. وهدد وتوعد “بصفتي رئيسا للشعب الفلسطيني قررت اتخاذ الإجراءات الوطنية والقانونية والمالية كافة من أجل المحافظة على المشروع الوطني، لاحظ هنا كلمة كافة”. ولتضخيم الحدث واعطاءه ابعادا كبيره وخطيرة قال إنه لو نجحت عملية اغتيال الحمدالله وفرج لكانت نتائجها كارثية على شعبنا وأدت لقيام حرب أهلية فلسطينية.
المؤسف المؤلم أن درجة الانحطاط بلغت في الساحة الفلسطينية في عهد ابو مازن، في هذا العهد السيء أن يتهم ويعرض الساحة لابشع المخاطر وللمزيد من الانقسامات بدون أن يكلف نفسه عناء تقديم أي دليل أو شاهد على ما يقول، انه قمة الاستخفاف والاستهتار بالمسؤولية وبالوعي البشري، فمن حق شعبه عليه أن يقدم له بكل وضوح وصراحة كل ما لديه من أدلة وبراهين على ما يقول، هذا ان توفرت عمليا وحقيقة بين يديه، فمواقف الرؤوساء والقادة الحقيقيين واجراءأتهم لا تتم استنادا لتحليل أو لتقدير موقف جهاز او عدة أجهزة بمقدار ما يتم ويتخد استنادا لمعلومات وافية ودقيقة من اجهزة ومؤسسات متهمة في وطنيتها وموضوعيتها ومهنيتها.
انني بما اعترض على اتهامات حماس غير المدعمة بالدليل والبرهان فانني لا أبرئها على الاطلاق وبانتظار نتائج التحقيق من أي جهة مسؤولة تتمتع بهذا الحق، وانما اقول واعتقد بان لا مصلحة لحماس في عملية اجرامية كهذه تستهدف من هم ليسوا في حساباتها، كما انها تستهدف الاستقرار والأمن في غزة الذي تفاخر به حماس،باعتبارها الجهة الوحيدة المسؤولة عنه، كما أنه وللحقيقة فان تاريخ حماس الحديث خال من أي عملية قتل وتصفية فلسطينية لخلاف سياسي . وان كانت تتحمل الكثير من اسباب التوتر في الساحة الفلسطينية في بعض الحالات .
كفى الناس كفرا بواقعها وبانقسامها الذي خلقته قيادة وفصائل الأمر الواقع على اختلاف تلاوينها الوطنية والدينية ، فقد أتخمت بالهزائم والمآسي، ويكفيها ما فيها من يأس واحباط، فان لم تكن تلك القيادات بقادرة على مد يد العون والمساعدة وتقديم سبل النجاة والخلاص الوطني ،فليس المطلوب تقديم المزيد من الاحباط وعقد الاجتماعات والمؤتمرات كالمجلس الوطني الفلسطيني وغيره في ظروف كهذه . لن ينتج عنها الى المزيد المزيد من الانقسام والتشرذم , بعد ان رفضت الفصائل الفلسطينية تهديدات عباس، وطالبته بعدم اتخاذ أي اجراءات تصنف كعقوبات ضد غزة بعد تفجير موكب رئيس الوزراء رامي الحمد الله.
حتى كتابة هذه السطور لم يصدر عن اجتماع الأمس اية قرارات أو اية اجراءات محددة كعقد المجلس الوطني الفلسطيني الذي يبدو انهم جادون هذه المرة بعقده، او اية عقوبات كالتي هدد بها عباس في بداية الاجتماع ضد حماس والتي ستطال حتما القطاع الحبيب واهله .
لولا هذا الوضع الفلسطيني الداخلي الذي يزداد انقساما في كل لحظة، لكنت أول المتحمسين لإنعقاد المجلس الوطني الفلسطيني لسببين رئيسين ::
الاول : اننا أمام لحظة تاريخية فارقة،موحدة فلسطينيا تجاه صفعة القرن الامريكية الصهيونية، أمام لحظة ندر لها مثيلا في السنوات الاخيرة، خاصة بعد أن أكد ابو مازن موقفه من الامريكان وسفيرهم في اسرائيل ابن الكلب كما قال عنه، بعد أن دعا في وقت سابق لخراب بيت دولاند ترامب الرئيس الامريكي لافعاله المشينة بحق القدس خاصة وفلسطين عامة، فهذه لحظة تاريخية مناسبة ومناسبة جدا لأن تقول أعلى هئية فلسطينية كلمتها القاطعة بصفقة القرن الامريكية المشينة..
ثانيا : اننا بامس الحاجة للمراجعة السياسية وغير السياسية، ولإعادة النظر بكل المكونات والمؤسسات الفلسطينية التي تشكل شيئا اسمه النظام السياسي الفلسطيني الذي اوصلنا لما نحن فيه من تيه وانحدار ، مع قناعتي بان تلك القيادة وتلك الفصائل غير قادرة وغير مؤهلة للقيام بتلك المراجعات المطلوبة الضرورية لانقاذ الوطن والشعب الان وقبل فوات الاوان . وحتى نوقف على الاقل هذه النار المشتعلة.
كاتب فلسطيني