الْيَوْمَ آنفو : كشفت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، نقلاً عن مسؤولٍ سعودي، أن بلاده أنفقت حتى الآن 120 مليار دولار أمريكي في حربها باليمن، التي بدأت قبل نحو ثلاثة أعوام.
الحرب كان لها كذلك تداعيات كبيرة على صورة السعودية في الخارج، إذ لم تحقق فيها الرياض إلا القليل من النتائج، وأدت إلى مقتل آلاف المدنيين، بالإضافة إلى تجويع الملايين، وتفشي الكوليرا.
وقالت الصحيفة، في تعليقها على أول جولة خارجية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إن الأمير الذي نُصبت له مراسم الاحتفال في الخارج، والذي سيتوجه إلى الولايات المتحدة الأسبوع المقبل، يسير بسياسة داخلية- وإن بدت إصلاحية- “تقوّض ركائز الحُكم الثلاثة التي قامت عليها السعودية، وهي البيت السعودي للحكم، والوهابية كمذهب للدولة يضفي الشرعية على الحكم، والقبائل”.
وبينت الصحيفة أن بن سلمان انتقل سريعاً بالمجتمع السعودي، “فخنق” رجال الدين، وحرر القيود التي كانت مفروضة على المرأة، وطرح خططاً طموحة لتحويل الاقتصاد السعودي من الاعتماد الكلي على النفط إلى محاولة دفع القطاع الخاص لأداء دورٍ أكبر.
خارجياً كان لبن سلمان عدة “مغامرات”، لعل أبرزها حرب اليمن، فبعد ثلاث سنوات من إعلانها لم تحقق الكثير مما كانت تريده السعودية، فضلاً عن أنها أدت إلى خسائر بشرية بالآلاف في صفوف المدنيين، وتجويع الملايين، وتفشي وباء الكوليرا، يضاف إلى ذلك التكلفة الباهظة مالياً على السعودية، حيث تشير بعض التقديرات إلى أنها وصلت إلى 120 مليار دولار على مدى السنوات الثلاث، بحسب ما نقلت الصحيفة عن المسؤول السعودي.
كما فرضت السعودية، بالإضافة إلى الإمارات والبحرين، حصاراً على قطر منذ يونيو الماضي، واحتجزت رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في الرياض.
وتساءلت الصحيفة البريطانية: إلى أين ستقود سياسة بن سلمان السعودية؟ مشيرةً إلى أن هذه السياسة التي يعتمدها داخلياً وخارجياً “تضرب جذور المملكة السعودية”، فقد تتغير السعودية نحو الأفضل، كما تقول الصحيفة، ولكن هذا الانفتاح سيترك فراغاً مؤسسياً في البلد.
وترى الصحيفة أن أطراف البيت السعودي لن ترضى بسهولة بما يقوم به بن سلمان، ولن تسمح له باحتكار السلطة، وهذه الخصومة معه تصل إلى أطراف عديدة داخل الأسرة الحاكمة، وسبق لمثل هذه الخلافات أن أسهمت في سقوط الدولة السعودية الأولى والثانية في القرن التاسع عشر، والآن تعصف هذه الخلافات مرة أخرى بالأسرة السعودية.
وتعتبر الصحيفة أن بن سلمان زرع “بذور الفرقة المريرة” بين أطراف الأسرة الحاكمة، فأقصى محمد بن نايف، الرجل المُخضرم، ووزير الداخلية القوي، الذي كان ولياً للعهد، وأطاح به فيما يمكن تسميته بـ”الانقلاب الأبيض”، الصيف الماضي، كما أزيح متعب بن عبد الله، ابن الملك السابق، قائد الحرس الوطني القوي، وألقي القبض عليه في نوفمبر الماضي مع كبار الوزراء والأمراء ورجال الأعمال.
وختمت الصحيفة بالقول: إن الخشية تكمن في أن مثل هذه التغييرات الكبيرة التي يحدثها بن سلمان في بنية المجتمع السعودي، قد تؤدي إلى زيادة التعصب والتطرف من طرف الوهابيين، ومن ثم فإن بن سلمان بحاجة إلى بناء مؤسسات المملكة الجديدة؛ إن كان بالفعل يهدف لبناء دولة حيوية.