للأسف هناك فكر هدام صار يعشش في عقول كثيرة بهرتها وغررت بها قوي خبيثة وعميقة التأثير من أجل تكسير كل جدران الثوابت الاجتماعية من خصوصية ثقافية وضوابط دينية وأخلاقية هي ملك وإرث وطابع منظومة قيمية لمجتمعنا .
وهدف ذالك الوصول إلى نسف الوازع الديني الأخلاقي سواء كان بقوة القناعة أو بقوة المجتمع وجعل الخروج عن هذه القاعدة العامة نوعا من التنور الفكري وصولا طبعا إلى تجذير الظاهرة وقلب هرمها ومن ثم الدخول في طريق المسخ الحضاري نشر ثقافة الانحلال والتعري الروحي والثقافي .
الساعين لذالك يساعدهم ضعف الشخصية الحضارية للمجتمع ومعطيات الثورة التقنية من أجهزة ذكية وتطبيقات متنوعة ومواقع تواصل تتيح المزيد من الاحتكاك ببيئات أخرى أكثر اختلا فا ، هذه التقنيات التي تجتاح عقول وحواس وجيوب الفئات الرخوة من المجتمع والتي من السهل اختراقها بالإضافة إلى اللعب على الأوتار الحساسة لفئات معينة مثل تحريك الغرائز البشرية والعاطفية والأيديولوجية والمهزوزة أصلا ، والنبش في ردهات الماضي من أجل زعزعة الحاضر والقضاء على مستقبل سليم حيث تذكى النعرات الفئوية والعنصرية ، وكذا من خلال قطع العلاقة بالخيط الناظم لكل الشرائح الاجتماعية وهو الدين ومن ثم يسهل تفتيت بقية الوشائج الاجتماعية الأخرى .
ربما يعتبر بعضهم بأن هذ الرأي مجرد تخلف فكري أو نوعا من الرجعية في الطرح لكنهم يجهلون تماما بأن التقدمية المنشودة ليست نقيضا للخصوصية الثقافية والحضارية ، وأن التحرر ليس شكليا بقدر ما هو فكري ، وأن الأمر ليس إلا تجلي من تجليات ظاهرة الاستيراد السائدة في العالم الثالث ، وأن الإسقاط ربما يصلح لبعض الفنون لكن سيحكم عليه بالفشل إذا ما تعلق الأمر بالسيكولوجيا " Sociology".